بعد إعلان واشنطن إعادة النظر في الملف: أمريكا وخيارات تسليم الداعية فتح الله غولن لتركيا

مثّل إعلان وزارة الخارجية الأمريكية أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب تدرس طلبات تركيا لتسليم الداعية الاسلامي

المعارض فتح الله غولن ، مفاجأة للرأي العام الدولي . فبعد الرفض الصارم من ادارة ترامب بخصوص امكانية تسليم غولن الذي تتهمه انقرة بالتخطيط للمحاولة الانقلابية عام 2016 ، جاء هذا الموقف الامريكي امس مغايرا ولينا بعد سنتين من تمسك الولايات المتحدة الامريكية بعدم فتح باب التفاوض مع تركيا في هذا الملف بالتحديد .

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية هيذر ناورت «تلقينا طلبات عدة من الحكومة التركية... تتعلق بالسيد غولن». وأضافت «نواصل تحليل العناصر التي تقدّمت بها الحكومة التركية من أجل دعم طلبها بتسليمه» إليها.

ويرى متابعون ان هذا التطور في الموقف الأمريكي يرجع الى عدة عوامل تتعلق بالوضع الداخلي وأيضا بالعلاقات بين الجانبين الامريكي التركي . ولطالما كان فتح الله غولن العدو اللدود لرئيس الجمهورية التركي رجب طيب اردوغان ، كما زادت حدّة العداء بين الرجلين عقب إحباط محاولة الانقلاب التي وقعت منتصف جويلية 2016 واتهمت انقرة انذاك غولن بالضلوع فيها والوقوف وراءها . وشنت السلطات التركية حملة اعتقالات واسعة طالت عشرات الآلاف ممن يعتقد أنهم من أنصار غولن، وأقالت أكثر من 160 ألف موظف حكومي، من بينهم عسكريون. يُشار إلى أنّ الداعية الاسلامي فتح الله غولن يقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية منذ سنوات في منفى اختياري.

وعقب تقديم تركيا طلبا رسميا لنظيرتها الأمريكيّة أكّدت الولايات المتّحدة الامريكية انها لن تسلم غولن إلاّ في حال قدمت تركيا ادلة قانونية قاطعة تؤكد ضلوعه في المحاولة الانقلابية. ويرى متابعون أنّ طبيعة المرحلة الراهنة والمتغيرات الداخلية وأيضا على مستوى المصالح بين تركيا وأمريكا هي من فرضت هذا التغير في التصريحات الامريكية ولما لا قد تؤدي الى تسليم غولن للسلطات في تركيا خلال ايام قليلة .

تغير في الخطاب الأمريكي
وتاتي التغيرات الملحوظة في التصريحات الرسمية لإدارة البيت الابيض ووزارة الخارجية الامريكية بعد اسابيع قليلة من إطلاق سراح القس الأمريكي أندرو برانسون الذي كان محتجزا في تركيا، في صفقة بين البلدين شملت رفع عقوبات أمريكية اقتصادية كانت مفروضة على وزيرين تركيين.

يشار الى انّ برانسون كان يشرف على كنيسة صغيرة في إزمير ، فرضت عليه الإقامة الجبرية بعد حبسه لسنة ونصف بتهمتي «الإرهاب» و»التجسس»، وهو ما ينفيه قطعا.

يشار الى ان العلاقات الأمريكية التركية شهدت مؤخرا تشنّجا كبيرا وذلك بعد بروز أزمة «القس» رجل الدين الامريكي المعتقل في انقرة مواجها اتهامات بالتجسس والانتماء لجماعة إرهابية ، كما عمّق ردّ واشنطن على هذه الخطوة الازمة بين البلدين بعد ان قامت حكومة دونالد ترامب في المقابل بفرض عقوبات على وزيري الداخلية والعدل التركيين.

ورغم الحديث عن اتفاق بين الطرفين تلى لقاء جمع في وقت سابق الشهر المنقضي وزيري خارجية البلدين تم خلاله الاتفاق على التعاون من أجل تسوية الخلافات بين البلدين، يرى مراقبون ان الازمة التي اندلعت بعد توقيف القس الأمريكي أندرو برانسون انضافت الى عدة تراكمات عالقة بين البلدين بعضها يتعلق بقضايا ثنائية على غرار رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية والذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في جويلية 2016 .

يشار الى انّ السلطات التركية قامت بتوقيف القس (رجل الدين) الامريكي أندرو برانسون، راعي كنيسة القيامة الصغيرة البروتستانتية في مدينة إزمير على ساحل بحر إيجه منذ عامين على خلفية اتهامات بدعم «الإرهاب» تزامنا مع محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها أنقرة منتصف عام 2016 . كما وجهت السلطات إليه اتهامات بأنه على صلة بحزب العمال الكردستاني وجماعة فتح الله غولن، اللذين تعتبرهما تركيا منظمات إرهابية وهو ما ينفيه محامو برانسون والولايات المتحدة نفيا قاطعا مطالبين بالإفراج عنه .

اذ يرى متابعون ان الحكومة ستستغل قضية القس للمقايضة فيما يتعلق بقضية تسليم رجل الدين التركي فتح الله غولن العدو اللدود لرئيس الجمهورية رجب طيب اردوغان والمتهم الأوّل في محاولة الانقلاب الفاشلة .فيما يرى شق اخر ان الازمة التركية الامريكية كانت بدورها طوق نجاة للرئيس الامريكي دونالد ترامب الغارق في مشاكله الداخلية خصوصا بعد سلسلة الإخفاقات التي تعرض لها مؤخرا وأهمها العلاقات الروسية الامريكية وآخرها انتخابات الكونغرس وازمة قضية الصحفي السعودي المقتول جمال خاشقجي . ويؤكد متابعون ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان كثف من ضغوطاته على الاطراف المعنية بعد مقتل خاشقجي وبالخصوص الرياض وواشنطن.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115