انطلق يوم أمس: هل يفضي مؤتمر باليرمو حول ليبيا إلى نتائج مختلفة عن مؤتمر باريس ؟

تحول رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي في زيارة غير معلنة الى بنغازي في محاولة اخيرة تهدف الى

اقناع القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر بحضور او الالتحاق بأشغال المؤتمر الدولي حول ليبيا الذي انطلقت اعماله مساء امس الاثنين .وكانت الحكومة الايطالية استغلت تواجد حفتر قي موسكو وأرسلت اليه نائب وزير الخارجية لإقناعه بالقدوم الى باليرمو وطلب توسط روسي في الموضوع .غير ان كل تلك المحاولات فشلت .

وقد تعهدت ايطاليا بضمان حضور دولي ومحلي واسع لكنها لم تضمن حصول ما كانت تسعى اليه ،فمحليا مازالت الشكوك قائمة حول التحاق حفتر بالمؤتمر ودوليا تأكد غياب الامين العام لجامعة الدول العربية اذا اكدت الجامعة ارسال مساعد الامين العام .كما اكتفى الكرملين بإرسال نائب وزير الخارجية.
وعلى هامش مؤتمر باليرمو يرى شق من المتابعين للمبادرات الاقليمية والدولية لحل الازمة الليبية بان كل من ايطاليا وفرنسا لا يمكنهما لعب دور الوسيط النزيه في ليبيا لاختلاف مصالحهما فيها والصراع المكشوف بينهما ، ويذهب هؤلاء الى أبعد من ذلك حيث يلفت هؤلاء المتابعون الى ان الارث التاريخي لكلا الدولتين لا يجعل الليبيين يثقون في اية مبادرات قادمة من باريس او روما .مقابل ذلك يطالب الليبيون بتدخل امريكي ويرون ان الولايات المتحدة الامريكية بإمكانها الوساطة وفرض حلول ، والحكومة الايطالية تدرك تلك الحقائق وقد طلب فعلا رئيس وزراء الايطالي خلال زيارته واشنطن بالتدخل والوساطة لكن الرئيس الامريكي اكتفى بالتصريحات والوعود الشفهية معلنا تفويض ايطاليا .

خطة تنسجم تماما مع مضمون احاطة غسان سلامة الاخيرة امام مجلس الامن الدولي والتي تقضي بترحيل الانتخابات الى ربيع 2019 ودعم الترتيبات الامنية عبر عقد الملتقى الوطني الجامع مطلع العام القادم .

وانطلاقا ممّا سبق يمكن تصور نتائج مؤتمر ايطاليا الحالي اي دعم السلطة القائمة في غرب ليبيا . دعم الاصلاحات الاقتصادية التلويح بتوسيع العقوبات الدولية لتشمل شريحة المعرقلين .

ثغرات وعراقيل
منذ اندلاع الانقسام السياسي في 2014 واشتعال ما يشبه الحرب الاهلية في ليبيا تعددت المبادرات الدولية لكن اهمها مؤتمرات باريس وايطاليا. أمام فشل المؤتمر الاول يبدو انه مرة اخرى سيفشل مؤتمر باليرمو .فما سوف يتمخض عن هذا المؤتمر مجرد توصيات وليس اتفاقا موقعا عليه والتزاما بالتنفيذ وضمانات دولية .

وككل مرة سابقة بإمكان اي مشارك التنصل من مخرجات المؤتمر بمجرد عودته لبلاده.القاسم المشترك أو الخطأ الذي وقع فيه الوسطاء وأصحاب المبادرات هو عدم بذلهم مساعي لإيجاد الحد الادنى من الثقة بين الفرقاء المحليين وسوف يظل هذا السيناريو يتكرر بسبب غياب النزيه. وبسبب غموض السياسة الامريكية حيال الازمة الراهنة في ليبيا .وفي سياق الغموض والضبابية شكك نشطاء سياسيون محليون في جدوى انعقاد المؤتمر الوطني الجامع مطلع 2019 في غياب حكومة موحدة وجيش موحد . ويتساءل ناشطون كيف يمكن تصور توافق 500 شخصية وطنية -المشاركون في ذلك المؤتمر –وماهي ضمانات تنفيذ مخرجات المؤتمر الجامع؟. وهل الاطراف الفاعلة على الارض ستكون ممثلة فيه؟ جملة من الاستفهامات اعتاد عليها المتابعون لمحاولات التسوية التي رافقت مراحل الازمة .

انتظارات كبيرة وتحديات اكبر
في الاثناء أعلنت مصادر إيطالية سفر رئيس المخابرات الايطالي إلى موسكو في زيارة غير معلنة وذلك قبل يومين من انعقاد مؤتمر دولي حول ليبيا امس والذي تحتضنه باليرمو عاصمة اقليم صقلية، وذلك قصد اقناع القائد العام للجيش الليبي حفتر المتواجد في روسيا بالحضور في باليرمو .

و كثفت الدبلوماسية الايطالية من تحركاتها خارجيا ومحليا بحشد اكبر ما يمكن من حجم وعدد الحضور سواء من الليبيين والدول ذات العلاقة بالأزمة الراهنة في ليبيا. ويرى متابعون بان مفاوضات سرية تجري هنا وهناك لترتيب مرحلة ما بعد مؤتمر باليرمو سيما مع استحالة اجراء الانتخابات في موعدها السابق اي العاشر من ديسمبر القادم .اذ اعلنت الامم المتحدة مقترحا بترحيل الانتخابات الى ربيع 2019 ، متابعون اشاروا الى ان كل المشاورات الراهنة تدور حول شكل التفاهمات المحلية والدولية ما بعد مؤتمر ايطاليا اهم تفاصيل تلك المرحلة. تشكيل حكومة وحدة وطنية والإبقاء على المجلس الرئاسي الحالي دعم الترتيبات الامنية .ضمان تواجد ممثلين عن القائد العام للجيش في الحكومة القادمة .تقوية نفوذ السراج ضمان ممثلين عن مصراته .التسريع بتوحيد المصرف المركزي وإقناع مجلس الدولة بقبول تعيين محمد الشكري محافظا جديدا بدل المحافظ الحالي الصديق الكبير .

ولفت المراقبون النظر الى ان هذه الخطوة جرى التمهيد لها من خلال لقاء المحافظ الحالي في طرابلس و نظيره في طبرق عبر اجتماعهما في تونس . من مراحل ما بعد مؤتمر باليرمو الدفع نحو رفع حظر السلاح عن الجيش الليبي .على علاقة بالتحديات الامنية اول تلك التحديات ضرورة وجود قوة نظامية في طرابلس تحل مكان المجموعات المسلحة و مواجهة تغوّل المجموعات المسلحة الاجنبية في الجنوب .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115