الجمهوريين والديمقراطيين في الاستحقاق النصفي الذي سيؤثر دون شك على الساحة السياسية في الولايات المتحدة الامريكية لما يرافقه من متغيرات كبيرة على صعيد الملفات الداخلية وأيضا السياسة الخارجية للرئيس الجمهوري الحالي دونالد ترامب.
ويرى متابعون أن انتخابات التجديد النصفي التي تجري بعد عامين من العهدة الرئاسية لكل رئيس أمريكي ، يرى متابعون انها تأتي في شكل استفتاء على انجازات ساكن البيت الابيض وتقييم لسياسة ادارته الداخلية والخارجية خلال العامين الاولين من عهدته الرئاسية التي تدوم اربع سنوات . ويهدف الجمهوريون لحماية أغلبيتهم في مجلسي النواب والشيوخ بينما يأمل الديمقراطيون بأن تساعدهم الظروف الداخلية والخارجية باستعادة السيطرة ولو جزئيا على الكونغرس لإحباط أجندة ترامب.
وتتزامن الانتخابات الحالية التي من المزمع انطلاقها اليوم وتستمر على عدة مراحل هامة ، تتزامن مع ارتباك كبير في ادارة الرئيس دونالد ترامب ، وأيضا رهانات كبيرة في عدة قضايا حساسة اهمها قضية اللاجئين غير الشرعيين وملف القافلة التي ستصل الى حدود الولايات المتحدة الامريكية قريبا ، وما تبعها من قرار البيت الابيض بنشر 5200 جندي على الحدود مع المكسيك للتصدي لهذه الظاهرة.
ولطالما كانت قضية الهجرة والمهاجرين مؤرقة لإدارة ترامب منذ دخوله البيت الابيض وانطلاقه في اتخاذ اجراءات لاقت ترحيبا حينا وانتقادات احيانا اخرى ، بداية بمنع مواطني 9 دول اسلامية من دخول الولايات المتحدة الأمريكية مرورا بقرار ساكن البيت الابيض المثير للجدل ببناء جدار عازل على الحدود مع المكسيك وهو ما لاقى معارضة شديدة داخل مجلس الشيوخ (الكونغرس) نظرا لتكلفته الباهظة جدا. اذ مثل هذا القرار الذي اتخذه ترامب فتيل ازمة تشكيك في مدى نجاح سياسة ادارته التي شهدت عددا كبيرا من الاستقالات في صفوف معاونيه منهم وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس وهوب هيكس مديرة الاتصالات في البيت الأبيض باستقالتها من منصبها، وايضا أنطوني سكاراموتشي مدير الاتصالات السابق بالبيت الأبيض في أوت الماضي بعد أسبوع فقط من تعيينه، بالإضافة الى عدد كبير من الاستقالات اخرها استقالة مندوبة الولايات المتحدة في الامم المتحدة نيكي هيلي . بعض هذه الاستقالات كانت على علاقة باتهامات تم توجيهها لروسيا وتتعلق بتدخل موسكو في نتائج الانتخابات الرئاسية لصالح الرئيس الحالي دونالد ترامب وهو ماينفيه الاخير.
وظهرت الى العلن انذاك قراءات وفرضيات حول امكانية عزل الرئيس الامريكي دونالد ترامب من منصبه قبل انتهاء عهدته الرئاسية التي بدأها في جانفي 2016 ، وذلك نتيجة عدد من الملفات اهمها ادانة اثنين من معاونيه المقربين بتهم تتعلق بخرق القوانين الانتخابية اثناء حملة ترامب الرئاسية والتي فاز اثرها على حساب المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
ملفات داخلية وأخرى خارجية
هذه الحمى من الاستقالات التي هزت ادارة ترامب بشكل متتالي كانت فرصة لخصوم الرئيس الجمهوري من الديمقراطيين قبيل الانتخابات الحالية التي ينتظرها خصوم ساكن البيت الابيض لإثبات فشله امام عدد من الملفات الحساسة سواء الداخلية او الخارجية .
ومن بين القضايا التي ستؤثر على انتخابات الكونغرس وفق مراقبين هي الحرب التي تشنها الادارة الامريكية ضد ايران وآخرها تفعيل الحزمة الثانية من العقوبات الاقتصادية المفروضة ضد طهران يوم امس الاول . ويمثل انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من الاتفاق النووي المبرم بين طهران والغرب نقطة خلاف لا فقط بين ترامب وخصومه بل ايضا نقطة خلاف صلب مؤسسات الدولة العميقة للولايات المتحدة الامريكية . اذ يرى مراقبون ان هذا الملف سيكون له تأثير على النتائج، إلا ان شقا اخر من المتابعين يرى ان الرئيس الامريكي يحاول من خلال التهدئة التي يحاول التوصل اليها فيما يتعلق بالنووي الكوري الشمالي هي سعي منه للتغطية على الخطوة المثيرة التي اتخذها المتعلقة بالانسحاب من الاتفاق النووي الايراني . بالإضافة الى هذه القضايا اثارت مؤخرا قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي ردود فعل متضاربة ومنددة في غالبها بسياسة ترامب التي حاولت – وفق مراقبين- تبرير هذه الجريمة الشنيعة خدمة لمصالح الولايات المتحدة
الامريكية الاقتصادية وهو مااعتبره خصوم ترامب خطوة للوراء في تاريخ دولة لطالما نادت بحماية الحقوق والحريات في العالم .
هذه الملفات يضاف اليها ملف نقل سفارة الولايات المتحدة الامريكية الى القدس المحتلة واعتراف حكومة الرئيس الحالي دونالد ترامب بالقدس المحتلة ‘’عاصمة لكيان اسرائيل’’ وهو ماندد به المجتمع الدولي ولقي ايضا معارضة داخلية كبيرة في امريكا.
‘’مصير ترامب ‘’
وينتظر الرأي العام الامريكي والدولي على حد سواء انتخابات الكونغرس النصفية (مجلس الشيوخ) والتي بدات يوم امس لحسم مصير ترامب اذ تؤكد تقارير ان حصول الديمقراطيين على أغلبية المقاعد يعني امكانية البدء باجراءات عزل الرئيس الحالي دونالد ترامب خاصة وأنّ الجمهوريين يتمتعون حاليا بالأغلبية ما يعني ان فرضية عزل ترامب الجمهوري لاتزال بعيدة . كما يرى شق اخر ان حصول الديمقراطيين على اغلبية المقاعد في الكونغرس لا يعني بالضرورة عزل ترامب خاصة وان هذا القرار الجريء وغير المسبوق يحتاج تصويت ثلثي أعضاء المجلس بإدانته، وهو أمر غير متوقع ويصعب حدوثه.
وهناك ايضا فرضية اخرى لعزل ترامب اذ تؤكد استطلاعات للرأي في امريكا تراجع شعبية ترامب وتنامي الحركات الاحتجاجية ضده، ما أدى الى ظهور فرضية اخرى وهي فرضية تناقلتها وسائل اعلام امريكية مفادها ان موضوع الاطاحة بدونالد ترامب قد تتم ايضا بيد الجمهوريين في الكونغرس وذلك اذا ما احست الاغلبية ان ترامب اصبح خطرا على الحزب مايطرح امكانية عقد صفقة بينهم وبين الديمقراطيين وبالتالي يمكن عزله .