الدائرة في البلاد منذ سنوات طويلة . ولئن لاقت الخطوة ترحيبا دوليا إلاّ أنّ الشكوك والمخاوف التي ترافقها تفوق نسبة التفاؤل خاصة وان الاخلال وعدم الالتزام كانت السمة الملازمة لكل التوافقات التي تتم برعاية اممية وتتعلق بالصراع اليمني الحوثي .
وتأتي هذه التصريحات من الحكومة اليمنية الشرعية وجماعة الحوثي بعدما طالبت الولايات المتحدة وبريطانيا بوقف فوري لكل الأعمال القتالية في البلاد والبدء في المفاوضات بين الحكومة والحوثيين في غضون شهر.ويشهد اليمن منذ سنوات صراعا وحربا داخلية عنيفة زادها عنفا الدور الذي تلعبه عدة اطراف اقليمية في البلاد على غرار ايران المعروفة بدعمها لجماعة الحوثي او ‹›انصار الله›› والسعودية التي تقود عملية عسكرية ينفذها التحالف العربي منذ سنوات في اليمن والذي اتهم مرارا بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين ، كما يواجه التحالف العربي بقيادة الرياض اتهامات دولية صريحة من منظمات حقوقية وإنسانية بالفشل الذريع فيما يتعلق بالحرب اليمنية .
هذه التجاذبات السياسية التي يشهدها اليمن ترافقها دعوات وصرخات دولية وأممية متزايدة حول الوضع الانساني الكارثي الذي يعيشه اليمنيون منذ سنوات، بدءا بالأوضاع الاجتماعية المتدهورة جدا وغياب الاغذية والأدوية وعدم توفر ابسط احتياجات العيش، هذه الحالة الانسانية التي يعانيها ملايين اليمنيين رافقتها تحذيرات دولية متتالية حول قرب حدوث كارثة انسانية في البلاد التي تعاني حربا ومُهددة بالمجاعة والكوليرا وغيرها من الكوارث الانسانية الاخرى .
اذ لطالما شكك متابعون في التزام الاطراف المتقاتلة بل اكدت في بعض الاحيان انها ستزيد من قتامة المشهد اليمني وتفتح الباب على مصراعيه أمام واقع ومُستقبل ضبابي يٌقبل عليه «اليمن السّعيد» محليّا وأيضا يحمل معه بذرات اقتتال قد يزيد من إشعال المشهد الاقليمي المتفجّر بطبيعته .
كارثة غير مسبوقة
وتؤكد التقارير والتصريحات الدولية ان الحرب في اليمن فاقمت أكبر كارثة إنسانية في العالم، خاصة وان جانبي الصراع والاقتتال يعيقان بصورة غير مشروعة إيصال المساعدات الإنسانية التي يحتاجها المدنيون .كما رأت لجنة خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة أن جميع أطراف الصراع الدائر في اليمن «قد تكون مذنبة بارتكاب جرائم حرب».
والى جانب هذه الاوضاع الكارثية ينتقد المجتمع الدولي استخدام جماعة الحوثي والحكومة والقوات الموالية لها وجماعات مسلحة أخرى الأطفال كجنود.اذ يقدر عدد الأطفال بنحو ثلث المقاتلين في اليمن. ووفق الإحصائيات وثقت الأمم المتحدة 1702 حالة تجنيد للأطفال منذ مارس2015 الى حدود اوت 2017 ، منها 67 بالمائة ضمن قوات الحوثي. حوالي 100 منهم دون سن 15. ورغم انه تم خلال السنوات الاخيرة وضع خطة عمل من الأمم المتحدة لإنهاء تجنيد الأطفال. ولكن بسبب النزاع وبدون وجود حكومة فعالة، لم يتم تنفيذ خطة العمل.
كما وثقت ‘’هيومن رايتس ووتش’’ اعتقالات تعسفية أو عمليات اختفاء قسري لأكثر من 50 شخصا، بينهم 4 أطفال. قوات الأمن المدعومة من الإمارات اعتقلت أو أخفت معظم هؤلاء الأفراد.
هذا حذرت منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي امس الخميس من أن مئات الآلاف من اليمنيين المقيمين في مدينة الحديدة الواقعة على البحر الأحمر باتوا يواجهون مصيرا معلقا بسبب المعارك بين الحوثيين والقوات الحكومية. وأشارت غراندي إلى أن العائلات في المدينة «بحاجة إلى كل شيء، طعام ومال ورعاية صحية ومياه» وغيرها بعد تدهور الوضع في الأيام الماضية.
«العائلات تشعر بالرعب بسبب القصف والضربات الجوية». وأشارت إلى أن مصير «مئات الآلاف معلق في ‘’وأضافت في البيان أن «الناس يعانون من أجل البقاء» مشيرة إلى أن «العائلات بحاجة إلى كل شيء- طعام ومال ورعاية صحية ومياه» وغيره.ووفق آخر التقارير والإحصائيات فقد قتل في اليمن نحو 10 آلاف شخص غالبيتهم من المدنيين.
حرب اقليمية
ويؤكّد متابعون أنّ اليمن يمثّل منذ عقود طويلة ساحة حرب بالوكالة بين دول الخليج (على رأسهم السّعودية ) من جهة وإيران من جهة اخرى . اذ تدعم طهران ميدانيا وماليا ولوجستيا جماعة الحوثي . ويزيد ذلك من حدّة المواجهة بين ايران والسعودية حول النفوذ في الشرق الاوسط علما وان العداء التاريخي بين الجانبين متجسد على الميدان في اكثر من بلد اولها اليمن ثم العراق وسوريا وأيضا لبنان.
ويأتي تفجر الوضع اليمني من جديد ليزيد من قتامة المشهد الراهن الذي تمر به المنطقة العربية ، فالى جانب الاتّهامات الموجهة لإيران بدعم الحوثي بالمال والعتاد تواجه المملكة العربية السّعودية اتّهامات أممية واسعة النطاق بقتل المدنيين في غارات شنّها التحالف الذي تقوده منذ سنة 2015 والّذي يرى متابعون انه لم يكن بالنجاعة المطلوبة .