روسيا وإسرائيل: نزال في سوريا

تخشى إسرائيل من ان تعزز قوة حزب الله، عدوها اللدود المدعوم من إيران، بشكل غير مباشر نتيجة شحنات الأسلحة الروسية إلى إيران كمنظومة إس300 المضادة للصواريخ، كما أنها قلقة إزاء الدعم الروسي الثابت لنظام دمشق، مع تلقي الجيش السوري دعم الطائرات الحربية الروسية

وحزب الله في مواجهته للمتطرفين والمجموعات المسلحة، فالتقدير العسكري الإسرائيلي للعام 2016 يعطي إمكانية نشوب اندلاع حرب غير مسبوقة في المنطقة، وخشية من نجاح المحور الإيراني - السوري في مواجهة تنظيم «داعش» وأخواته مما يشكّل تهديداً كبيراً لإسرائيل ويفرض عليها التدخل لمنع ذلك.

حذر بعض المحلليين الدوليين من اشتباك روسي إسرائيلي قريب في سوريا، وطرحوا فكرة وصفوها بالمرعبة والخطيرة تمثلت في تساؤلهم، هل تشتبك روسيا وإسرائيل في سوريا؟ خاصة أن تدخل روسيا في سوريا جعلها تكون على عتبة «إسرائيل»، بالرغم من أن البلدين نسقا الوضع الأمني فيما بينهما من أجل تجنب أي صراع محتمل في سوريا، ومع ذلك يبقى الجانبان عرضة للاصطدام في ظل الأزمة السورية المتفاقمة، وقد ذكرت وسائل إعلام دولية أن القوات الروسية في سوريا أطلقت النار على طائرات عسكرية إسرائيلية، بالإضافة إلى اقتراب بعض الطائرات الروسية بشكل خطير من الطائرات «الإسرائيلية»في أجواء البحر المتوسط قبالة شواطئ سوريا، وهذه لم تكن المرة الأولى التي يشتبك فيها الطيران الروسي الإسرائيلي، فالمقاتلات الروسية سبق وإن اشتبكت مع الإسرائيلية إبان حرب الاستنزاف بين إسرائيل ومصر في سبعينيات القرن الماضي، وفي إطار ذلك كان السبب المباشر لزيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نتنياهو العاجلة إلى روسيا لبذل كل الجهود للحيلولة دون وقوع حادث يمكن أن يؤدي لتدهور العلاقات بين الجانبين على غرار ما حدث بين تركيا وروسيا.

إن إرهاصات التوتر الروسي - الإسرائيلي بدأت بالظهور من النافذة السورية، مع حرص الطرفين على تفادي الصدام حفاظاً على مصلحة الطرفين، لكن إن تجاوز الإسرائيليون التدخل السياسي والدعم العسكري والمادي للمسلحين، واخترقوا المجال الحيوي السوري، فسيبادر الروس وحلفاؤهم إلى تطبيق معاهدة الدفاع المشترك مع سوريا، وضرب الجيش الإسرائيلي، الذي ستُفتح له الأبواب للتدخل الخارجي بحجة مساعدة «إسرائيل» واضطرار أمريكا إلى دخول الحرب إلى جانب حليفتها إسرائيل، وهذا ما سيشعل النار في كل المنطقة، وبالتالي سيصبح الشرق الأوسط بيئة مناسبة لإجراء اختبارات للأسلحة الدولية، وخاصة في ظل توقع استلام إسرائيل مقاتلات أمريكية من طراز إف35 في الأسابيع القادمة، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل ان أمريكا وحلفاءها وخاصة إسرائيل جاهزون لهذه الحرب الشاملة؟ في الحقيقة إن الوقائع والإمكانيات تؤكد عجزهم عن ذلك، فهم في مرحلة الضعف العسكري والأزمة المادية، ولذا فإن إسرائيل ستدفع ثمن تهورها واندفاعها المشبوه في سوريا، وستلحق بها بعض الدول الخليجية وتركيا، فأول الإنذارات الروسية لإسرائيل بأن روسيا وحلفاؤها في المنطقة لن تقف مكتوفة الأيدي في حال اندلعت حرب شاملة ضد سوريا .

في الاتجاه الأخر فإن الحرب في سوريا وضعت حزب الله في المكان الصحيح حيث أعطت حزب الله لجهة التجربة القتالية الجوهرية ضمن تشكيلات كبيرة، وتفعيل وسائل متطورة كالطائرات من دون طيار، فأصبح الحزب يخوض حرب المناورات الهجومية كجزء من عملياته في سوريّة، وساهم التدخل الروسي في تعزيز هذه التجربة، فأعطى بذلك للحزب دروساً هامة للحرب المقبلة، فالكثير من الإسرائيليين أبدوا تخوفهم من حرب جديدة وأبدى آخرون خشيتهم من تصعيد شامل في حين اكتفى بعض آخر بالحديث عن لعب بالنار ومجازفة خطرة، وكان واضحاً للجميع أن ثمة ربطاً بين العملية ومقابلة السيد حسن نصر الله الأخيرة التي وجّه فيها الكثير من الرسائل الواضحة إلى «إسرائيل» وأعوانها بأن كل الاحتمالات والسيناريوهات واردة فيما يتعلق بردّ المقاومة على «إسرائيل». مجملاً... إنه من الصعب التنبؤ بما سيحدث، فالصراع عبر الحدود في سوريا يزداد تعقيداً، والجماعات المسلّحة والقوى المتطرفة تخوض معركة مع الجيش السوري وحزب الله المدعومين من إيران وروسيا، ولذلك، يمكن أن تؤدي حرب أخرى بين إسرائيل وحزب الله إلى انفجار يدمر المنطقة بأسرها، فدعم كل من إيران وسوريا لحزب الله في لبنان، بالإضافة إلى القوّة الصاروخية التي يمتلكها والقادرة على ضرب أي مكان في «إسرائيل»، فضلاً عن قدراته الهجومية التي لا تزال في ارتفاع مستمر من ناحية الكم والكيف، ليس لمصلحة إسرائيل في فتح جبهة مع حزب الله، ليصل الأمر بالمقابل إلى اعتبار أن سيناريو الحرب القادمة مع حزب الله سيكون الأخطر في تاريخ إسرائيل، وستغير هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، كما أنها ستدفع بالقوى الدولية لإعادة النظر في حقيقة موازين القوى وسبل قياسها، فمحور المقاومة لن يفاجئ إسرائيل في حجم ترسانة صواريخه وتنوعها فحسب، بل سيفاجئها أيضاً بأسلوبه وجهوزيته القتالية على مستوى العدة والعديد.

أختم بالقول يجب على رئيس كيان الاحتلال نتنياهو أن يحترس من التورط في التصادم مع محور المقاومة أو روسيا أو شن الحرب على سوريا الذي لا يستطيع تطويق حدودها ومجابهة الدول الإقليمية المرشحة للاشتراك فيها مثل إيران وحزب الله وروسيا، وهي حرب سوف تكون مكلفة لبلاده عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً وإمكانية تطورها إلى حرب إقليمية بأبعاد عالمية قد تنقلب من حرب محدودة إلى حرب مفتوحة والتي سوف يكون لها آثار مدمرة متى اشتعلت لأن هناك أكثر من جهة تريد أن تثبت وجودها في المنطقة سواء على الصعيد العسكري أو السياسي.

الدكتور خيام الزعبي

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115