هل فقد جان لوك ملونشون وضعه كمعارض أساسي لماكرون؟

مصطفى الطوسة
كاتب ومحلل سياسي
التهب المشهد السياسي الفرنسي في الأيام الاخيرة على وقع الصور التي تداولتها وسائل الاعلام الفرنسي

والتي اظهرت زعيم حزب فرنسا الأبية جان لوك ملونشون وهو يعارض بكلام عنيف فرقة من الشرطة الفرنسية وهي تحاول ان تقوم بتحريات ميدانية في منزله ومكتبه في إطار تحقيقات قانونية حول تمويل حملته خلال الانتخابات الرئاسية الماضية. أسباب هذه التحقيقات ان هناك شكوكا بالتلاعب بالمال العام في إطار الدعم الذي تقدمه الدولة للحملات الانتخابية.
ما أثار انتباه الفرنسيين وتسبب لهم في مفاجأة وصدمة كبيرة الطريقة التي خاطب بها جان لوك ملونشون فريق المحققين حيث اعطى الانطباع انه فقد أعصابه وكاد ان يدخل في مواجهه عنيفة معهم. وجاءت هذه الصور لتعكس تصرفا غير مسبوق لرجل سياسي كان يطمح لتبوأ أعلى مناصب في الدولة وهو يرفض تطبيقا طبيعيا لمسطرة قانونية بعنف وعنجهية تكشف بحسب قراءة بعض المراقبين القناعات الداخلية له اتجاه المقاربة القانونية التي يريد أن يطبقها على الآخرين ويرفضها لنفسه.

جان لوك ملونشون هو الرجل الثالث في المعادلة الانتخابية الفرنسية. كاد ان يتأهل للدور الثاني للرئاسيات الفرنسية لو لم تخطف منه أيقونة اليمين المتطرف مارين لوبين المرتبة الثانية. بعد وصول ماكرون إلى قصر الاليزيه حاول ان يتقمص شخصية المعارض الاساسي للعهد الجديد. حزبه فرنسا الأبية الذي استحوذ على يسار الخريطة السياسي يضع في اجندته ان يكون القوة السياسية البديلة لدى اليسار في غياب و تضعضع الحزب الاشتراكي التقليدي. وبالرغم من فشل جان لوك ملونشون وحركته قي عملية تأطير الغضب الشعبي الذي صاحب مسلسل الإصلاحات الي اقترحها ماكرون في بداية ولايته فإن طموحه يلعب دور المعوض الاول للعهد الجديد وبالتالي البديل رقم واحد لإيمانويل ماكرون في حال تعثرت سياسته. وكان ملونشون يراهن على الصعوبات التي يواجهها اليمين التقليدي في رص صفوفه واليسار التقليدي في البحث عن زعامة فاعلة ورفض الفرنسيين المحتمل لليمين المتطرف.

وجاءت مواجهته مع الشرطة والقضاء الفرنسي والفضيحة الاعلامية والسياسية التي تمخضت عنها لتكسر هذه الاستراتيجية ولتعيد جان لوك ملونشون الى المربع الاول. فهناك قناعة انتشرت في أوساط المعلقين السياسيين ان الرجل فقد هذه القدرة والمصداقية في بلورة عرض سياسي قد ينافس ايمانيول ماكرون أو يزعج على الأقل مشاريعه السياسية سواء تعلق الامر بالإصلاحات التي سيقترحها على الفرنسيين أو الاستحقاقات الانتخابية الاوروبية والبلدية المقبلة. ومن خلال هذه الازمة وتداعياتها يبدو أن جان لوك ملونشون سيجد صعوبة جمة في إقناع الفرنسيين بأنه وحزبه قادران على الصعود إلى اعلى المسؤوليات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115