السعودي البارز جمال خاشقجي ..وجاء اعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب امس، بأن تقارير استخباراتية متنوعة، خلصت إلى أن جمال خاشقجي قد مات. ليضع عدة تساؤلات حول مستقبل العلاقات الامريكية السعودية ومآلها في خضم الازمة المتصاعدة.
ويؤكد الباحث والمحلل السياسي اللبناني هادي قبيسي ان العلاقة بين واشنطن والرياض دخلت في مرحلة تصفية الحساب المالي، بعد فشل التحالف الأمريكي الإسرائيلي العربي في السيطرة على سوريا، والإمساك بالشرق الأوسط ومصب النفط الدولي، بحيث يتاح للأمريكي التحكم بالصعود الصيني الروسي الهندي، وكبح تسارع التغير في النظام الدولي.
واضاف بالقول :«بناءً على هذه التطورات، تقدمت الإدارة الأمريكية في نموذج ترامب القائم على أساس جباية الأموال من كل مكان حول العالم، فاستهدف أوروبا وروسيا والصين بالعقوبات، واستهدف السعودية بالجباية العلنية، وحول ترامب عملية الجباية إلى عملية استعراضية فجة، يستخدمها كانجاز في مواجهة خصوم الداخل، ونقد الخارج».
واشار محدثنا الى ان ترامب استفاد من ضعف عملية التوريث وتزامنها مع الفشل المتعدد الأبعاد للسياسة السعودية في العراق وسوريا واليمن، لكي يمارس الإبتزاز العلني ويستفيد من الناحيتين المالية والسياسية، ونظراً لعدم وجود تجربة أو خبرة لدى ترامب في الشأن السياسي، مكتفياً بتقنية التاجر لكي يحمي الإقتصاد الأمريكي في زمن النظام الدولي المتعدد الأقطاب، فقد بالغ بشكل غير مسبوق في التعامل الدبلوماسي الدولي في التبجح بتملكه للسعوديين وسيطرته على وجودهم، مخبراً البشرية أن غياب الحماية الأمريكية سيؤدي إلى سيطرة إيران على السعودية خلال إثني عشر دقيقة. مشيرا الى ان تلك كانت آخر مبالغات ترامب قبل الوصول إلى نفق مسدود.
واكد ان عملية الجباية الأمريكية المباشرة والعلنية ومن على المنابر وبشكل أسبوعي متلاحق تقريباً، بدأت تقوض مشروعية العائلة المالكة في الداخل، كما هدمت سمعة وسطوة السعودية في المنطقة العربية والإسلامية، بحيث انكشف تموضعها الوظيفي ومالكيتها للسلطان الأمريكي الفعلي، وارتباطها الوجودي بالسياسات الامريكية. بعدما كانت تقدم نفسها كمملكة للخير وخادم للحرمين وحارس للمسلمين في مواجهة المسلمين الآخرين! دون أن تقف موقفاً واحداً في مواجهة الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين، لا بل أنها كانت على وشك الدخول في صفقة تصفية القضية الفلسطينية «على حد قوله» .
واضاف :«نتيجة الضغط الكبير الذي مارسه ترامب على هيكل السلطة السعودية، والتهديد الذي شكله على شرعيتها ومشروعيتها الداخلية، اضطر بن سلمان للرد ونفي تمامية السلطان الأمريكي على العائلة المالكة، وبناءً على رد الفعل هذا، المتزامن مع خروج تركيا بشكل كبير من التحالف الغربي، وانخراطها في عملية استراتيجية حذرة مع روسيا وإيران في سوريا، فإن هذه المقدمات تشير إلى إمكانية تدبير قضية الخاشقجي بين تركيا والولايات المتحدة لتوريط بن سلمان في قضية حقوق إنسان دولية، لإجباره على التراجع.»
اما بشان الموقفين الامريكي والتركي فأجاب :«ليس بالضرورة أن يكون الأمريكي والتركي قد توقع قيام السعودي بقتل الخاشقجي، لكنه على الأقل كان حاسماً بأن بن سلمان سيحتجز الصحافي الذي بدأ من صفحة الواشنطن بوست خطابه النقدي الممنهج تجاه سلطة ولي العهد، وهو الرجل ذو الصلات العميقة بالأجهزة السعودية الأمنية وشخصيات العائلة المالكة، كما هو على صلة قديمة بالأجهزة الأمريكية، ولاعب أدوار متعددة في العلاقة بين البلدين. لكن العنف الذي عبر به بن سلمان عن توتر العلاقات مع ترامب، من خلال تقطيع أوصال الصحافي الذي كان في الحماية الأمريكية يمارس هجومه السياسي من واشنطن، قدم للأمريكي ورقة ابتزاز دسمة، استغلها إلى أقصى ما يمكن».
واشار محدثنا الى ان رد الصحافة السعودية بالتهديد باللجوء إلى التحالف مع المحور الآخر، محور المقاومة، للتخفيف من عملية الإبتزاز المتواصلة، التي دخلت إليها قضية الخاشقجي لتشكل ورقة جديدة، لا توظفها الولايات المتحدة الأمريكية فقط، بل كذلك المجتمع الغربي بكامله، انخرط في العملية، طمعاً بالكسب المالي.
واكد الباحث اللبناني ان العلاقات الأمريكية السعودية تحتاج إلى صياغة جديدة بعد كل ما جرى، فترامب يحتاج إلى طواعية كاملة في الرياض، وعجز العائلة عن توفير الجزية، سيؤدي إلى الدفع نحو التهديد بتغيير ولي العهد، عن طريق دعم قوى جديدة في العائلة، وصولاً إلى الإخضاع النهائي لبن سلمان، أو اللجوء إلى تغيير فعلي له. واشار الى ان أمريكا لا تتحمل ضغوط الصعود الصيني الإقتصادي والسياسي العسكري الروسي، وبالتالي قد تضحي بحليفها السعودي لتحافظ على مصالحها ».