التوصل إلى حل توافقي مع الإتحاد الأوروبي في شأن الخروج البريطاني و لكن لم تستثن الخروج « بدون اتفاق» في صورة لم يغير الإتحاد من موقفه المتصلب. و واجهت تريزا ماي خلال المؤتمر معارضة حادة من النواب المدافعين عن «خروج حازم» ، يقودهم بوريس جونسون وزير الخارجية السابق، يقطع نهائيا مع أوروبا.
دخلت تريزا ماي المؤتمر على وقع أغنية «الملكة الراقصة» لفرقة «أبا» محاولة جلب اهتمام المؤتمرين بعد أن شق صفوفهم خطاب بوريس جونسون، وزير الخارجية السابق الذي استقال من منصبه لمقاومة مشروع الوزيرة الأولى المتعلق بخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي. و كان جونسون قد انتقد بحدة فائقة في الصحافة و خلال المؤتمر كل البنود المقدمة من قبل الوزيرة الأولى في «مخطط تشيكرز» الذي شمل الإجراءات المقترحة للقمة الأوروبية و الذي تم رفضه من قبل بروكسل. و أرادت تريزا ماي أن تعطي صورة متفائلة لما بعد «البريكسيت» قائلة :«أعتقد بحماس أن الأحسن قادم و أن المستقبل مليء بالوعود. لكن إذا ذهبنا في اتجاهات مختلفة بحثا عن «البريكسيت المثالي» من المحتمل أن يفضي ذلك إلى عدم الحصول على «بريكسيت». وأضافت :«لذلك وجب علينا أن نتحد. نحن قادمون على أحرج فترة من المفاوضات. ما نقترحه يمثل تحديا جسيما للإتحاد الأوروبي. لكن إذا ما بقينا متحدين و تمسكنا بأعصابنا، أنا على يقين أننا سوف نحصل على اتفاق مفيد لبريطانيا العظمى.»
لكن المؤتمرين كانوا منقسمين، بالرغم من الوعود، تشقهم رغبة البعض في إحباط مخطط تريزا ماي الذي يعتقدون انه كارثي على بريطانيا العظمى خاصة أن بعض التقارير النابعة من مؤسسات الدولة تشير إلى الوضع الصعب الذي سوف تكون عليه البلاد في صورة تم تطبيق مشروع تريزا ماي. و آخر التقارير شمل الجانب المالي و الذي أشار إلى تفوق باريس على لندن في جلب المستثمرين. و ذهب التقرير إلى التنبيه من تربع بورصة باريس على الأعمال على حساب لندن إذا ما قبلت الحكومة البريطانية بالشروط الأوروبية.
مناداة باستقالة تريزا ماي
و تعالت بعض الأصوات خلال المؤتمر منادية باستقالة تريزا ماي من منصبها على رأس الحكومة. لكن التوازنات الحالية داخل الحزب وفي الائتلاف الحكومي تقيها من ذلك. بعض النواب في مجلس العموم، وفي مقدمتهم النائب جايمز دودريدج ، أعلنوا عن نيتهم تقديم مقترح بسحب الثقة من تريزا ماي لهيئة 1922 التي تدير النواب المحافظين في البرلمان. و حسب قانونها الداخلي بإمكان الهيئة في صورة حصولها على 47 توقيعا من النواب المحافظين تنظيم استفتاء داخل مجموعة النواب في شأن إبقاء الوزيرة الأولى في منصبها أو عزلها منه.
و يعتقد الملاحظون في لندن أن لدى تريزا ماي حيز من المناورة داخل حزبها و كذلك في علاقتها مع الوفد المفاوض الأوروبي. و قد صرح ميشيل بارنيي أن بروكسل مستعدة لإعطاء بريطانيا حيزا إضافيا من الوقت لبلورة مقترحات جديدة تتعلق بالوضع النهائي لأيرلندا و بمشروع التبادل الحر، المسألتين المرفوضتين من قبل الإتحاد الأوروبي في مشروع تريزا ماي. و أفادت مصادر من وزارة الخارجية البريطانية أن الوفد المفاوض البريطاني بصدد تحضير مقترحات جديدة لبروكسل في شأن أيرلندا تأمل لندن في التوصل من خلالها في الحصول على تنازلات من قبل الدول الأوروبية التي أظهرت إلى حد الآن حزما اعتبرته الصحافة البريطانية «إهانة» للوزيرة الأولى و لبريطانيا العظمى.
و يبقى مصير تريزا ماي مرتبطا بقدرتها على النجاح في التوصل إلى حل توافقي مع بروكسل أو تحضيرها لحل مواز في صورة خروج بريطانيا «بدون حل» من الإتحاد الأوروبي. لكن تغيير موقف حزب العمال المساند لإجراء استفتاء ثان على «البريكسيت» و التحاق مجموعة من النواب و الشخصيات من حزب المحافظين بهذا المقترح يعقد توجه الحكومة و يقلص من مساحة تحركاتها. لكن في كل الحالات لا تزال تريزا ماي تتمسك بكل ورقات التفاوض و بمساندة أعضاء حكومتها. أما أوروبا فقد عبرت عن لسان فريقها المفاوض عن رغبة ميشال بارنيي كبير المفاوضين في العمل على إرساء خروج لين يخدم الجانبين.