في توصل الفرقاء الليبيين إلى صيغة توافقية أدت إلى ولادة حكومة فايز السراج .لو تقدمون لنا أسباب اللقاء الذي جمع الملك المغربي بقادة الدول الخليجية وأبعاد ذلك ؟
هذه القمة المغربية الخليجية أتت في ظرفية مناسبة لتلبي حاجة ماسة لبلدان الخليج وللمملكة المغربية لتكريس التعاون الأمني والتنسيق السياسي بينهما...صحيح أن العلاقات الاقتصادية كانت دائماً منذ سنوات في مستويات عالية بحكم الثقة المتبادلة والانتماء إلى نفس المنظومة والرهان السياسي التي طبعت في العقود الماضية الحلف المغربي الخليجي... لكن جاءت هذه القمة لتمنح لهذه العلاقة الخاصة أبعادا جديدة ولتضعها على محك جديد علما أن هناك قناعة أن دول الخليج والمغرب يواجهان نفس التحديات الأمنية ويتشكلان هدفا مشتركا لبعض القوى التي تريد زعزعة أمنها وضرب استقرارها ...ومن تم هذا الالتحام المغربي الخليجي الذي يجد نفسه في خندق واحد يواجه أعداء و تحديات مشتركة ومرغم لإيجاد حلول و معالجة تحميه من هذه الأخطار..
القمة الخليجية المغربية تأتي في ظل ظروف سياسية واقتصادية وأمنية حرجة،حسب رأيكم كيف يمكن أن تكون أشكال التعاون بين البلدين؟
بما أنّ هناك إقرارا مغربيا واضحا جاء على لسان الملك محمد السادس بأن أمن الخليج هو أمن المغرب وان استقرار المغرب هو استقرار الخليج فانّ ذلك يؤشر على خطوات وقرارات هامة ستجعل من العلاقة بين المملكة ومجلس التعاون الخليجي نموذجا في إطلاق التحالفات العربية المثمرة ..من المرتقب أن يكثف المغرب انخراطه في سياسات أمن الخليج عبر التزامات محددة ومن المرتقب أيضا ان يعرف الدعم الاقتصادي والسياسي للمغرب وقضاياه الوطنية سواء كانت تنموية أم سياسية نقلة نوعية وزخما كبيرا. فمثلا هناك قرارات ستأخذ أبعادا كبيرة مثل الضوء الأخضر الذي منحته العربية السعودية لكبريات شركاتها ولصناديقها السيادية بالاستثمار في مشاريع معلقة ومهيكلة للصحراء المغربية . مثل هذه الخطوات الإستراتيجية تساهم في سن شراكة من الفولاذ الصلب وتقدم دعما ثمينا للمغرب في معركته لإكمال وحدته الترابية وأقاليمه الصحراوية .
تتبع المملكة المغربية في موقفها إزاء قضايا المنطقة العربية سياسة النأي بالنفس، لو تقيمون لنا تأثير ذلك على السياسة الخارجية للمغرب؟
في الفضاء العربي يوجد للمغرب أصدقاء وحلفاء ومنافسون ومناهضون ...في هذا الإطار يقود المغرب سياسة خارجية شعارها الأساسي ومحركها الدؤوب هو الدفاع عن مصلحته الوطنية والتي مرت منذ سنوات عبر الدفاع عن وحدته الوطنية ، نشير إلى أن الموقف من هذا الخط الأحمر المغربي هو الذي كان يفرق بين الصديق والعدو يصنف الحليف والمناهض ومن ثم الاختيارات التي أظهرتها دول الخليج عبر مواقفها المتعددة المتضامنة مع المغرب في معركته الوطنية ... بخصوص القضية الفلسطينية لا بد من الإشارة إلى أن الملك المغربي يترأس لجنة القدس وهي هيئة ومرجعية دولية يتم لها صوت مسموع ومصداقية قوية في المحافل الدولية للدفاع عن مدينة القدس ومقدساتها الإسلامية... أما بخصوص الأزمة السورية فقد كان للمغرب في بداية هذه الأزمة مواقف متعاطفة مع المعارضة السورية وخير دليل على ذلك احتضان مدينة مراكش لتجمع هام لفصائل هذه المعارضة لكن مع تطور الأزمة السورية وبروز مقاربة دولية واقعة تحت تأثير التدخل الروسي غيرت الدبلوماسية المغربية نظرتها لهذه الأزمة ... بخصوص التطورات السياسية قي تونس كان المغرب من بين البلدان السباقة التي دعمت المرحلة الانتقالية السلمية في تونس من حقبة سلطوية إلى تجربة ديمقراطية واعدة.
لو تقيمون لنا الدور المغربي في قضايا المنطقة وأهمها الأزمة الليبية ؟
كان للمغرب ولآلته الدبلوماسية دور حاسم تحت مظلة الأمم المتحدة في توصل الفرقاء الليبيين إلى صيغة توافقية أدت إلى ولادة حكومة فايز السراج التي أنعشت الآمال بان الأوضاع في لبيبا ستعود إلى مجراها الطبيعي ...فمدينة الصخيرات المغربية أصبحت تحتل مكانة قوية في ضمير الليبيين حيث جسدت مرحلة مفصلية في واقع ليبيا المرير والليبيون مدينون للمغرب ببريق الأمل الذي أصبح يشع في نفقهم المظلم ويؤشر إلى نهاية محنتهم...المغرب يلعب أيضا دورا حاسما في الحرب الدوليّة على الإرهاب الّتي تتّخذ من منطقة الساحل مسرحا لها ويجنّد خبرته للقضاء على هذه المجموعات الإرهابية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة ... وكان بإمكان المغرب أن يحقق حلم المغاربيين في وحدته مغربها الكبير لولا تعنت المؤسسة العسكرية الجزائرية في تقديم الدعم لانفصاليي البوليساريو واستعمالهم كورقة لإضعاف المغرب وإهدار الحلم المغاربي.