واشنطن تسحب منظومات «باتريوت» من الشرق الأوسط: ضوء أخضر لصراع عربي إيراني أم ورقة للضغط على من يعارض أمريكا ؟

أعلنت الولايات المتحدة الامريكية نيتها سحب عدد من منظومات الدفاع الجوي الصاروخية «باتريوت» من الشرق الأوسط خلال الشهر المقبل، وهي 4 بطاريات من

منظومات الدفاع الصاروخية اثنتان من الكويت وواحدة من الأردن والرابعة من البحرين، في قرار قد يؤثر على موازين القوى الدولية والقدرات الدفاعية لحلفاء أمريكا خاصة دول الخليج العربي في وقت تمر فيه المنطقة بصراع سياسي أمني واقتصادي حاد .

واعتبر مراقبون أنّ ابعاد هذا القرار أكبر مما اعلنه البيت الأبيض من انها خطوة روتينية ، إذ يرى متابعون أنّ الولايات المتّحدة الأمريكية تعمل على اعادة تقييم وهيكلة حضورها الامني في المنطقة بما يتماشى مع متغيرات المشهد في ظل تنامي «المخاطر القائمة من روسيا والصين» بعيدا عن الأزمات التقليدية في الشرق الأوسط ومع ما تفرضه عليها مصلحتها العليا في ظل سياسة الرئيس الحالي دونالد ترامب .يشار الى أن هذه المنظومات الصاروخية المتطورة لطالما كانت درعا حمائيا لا فقط للوجود العسكري الامريكي في المنطقة بل ايضا درعا حمائية لحلفاء امريكا من دول الخليج.

ويوجد في البحرين، أكبر قواعد البحرية الأمريكية وأسطول البنتاغون الخامس، الذي يدير العمليات العسكرية في الخليج العربي والشرق الأوسط. في حين يوجد في الكويت الآلاف من العسكريين الأمريكيين. بينما تحتوي الأردن على قوات خاصة أمريكية وغيرها من قوات أخرى تعمل داخل الأردن.

أبعاد هذا القرار
في نفس السياق قال الكاتب والمحلل السياسي السوري د. سومر صالح لـ«المغرب» أنّ هناك أربعة احتمالات تفسر هذا القرار الامريكي فالخيار الاول أن ماحصل هو رد فعل انتقامي من الولايات المتحدة الامريكية ضد كل من الكويت والأردن فالأردن الى الان يمانع صفقة القرن بصيغتها الامريكية التي قد تعلن خلال 3 اشهر ، والكويت الذي وقع خلال شهر جويلية من العام الجاري 2018 اتفاقية مهمة مع الصين ب450 مليار دولار ووديعة بنكية في البنك الكويتي بـ50 مليار دولار ،اضافة الى توقيع عقد استثماري للصين لجزيرتي فيلكا وبوبيان الكويتيتين لمدة 99 عاما وهو معطى مهم وخطير بالتالي أمريكا تعتبر ان الكويت قد رسخت الوجود الصيني في المنطقة مما استوجب هذا الخيار الانتقامي من جانب واشنطن». وتابع «الخيار الثاني مرتبط بصفقة القرن فالأردن ترفض صفقة القرن ولديها الكثير من التحفظات حول توطين اللاجئين الفلسطينيين على اراضيها بالتالي يُفهم مما جاء هو أنّ هناك ضغط أمريكي لإجبار الأردن على القبول بهذه الصفقة والمطلوب من الكويت والبحرين تمويلها».

واعتبر محدّثنا أن «الخيار الثالث هو إيراني، فبعد هجوم الاهواز الارهابي ايران أعلنت صراحة أن الرد الإيراني سيكون في عقر دار من درب ونفذ ومول في الخليج هذه المجموعات التي ضربت ايران وبالتالي يفهم اليوم ان هذا الموضوع هو تكرار لسيناريو غزو العراق للكويت 1990 وتصريحات واشنطن آنذاك بعدم التدخل لاستجرار العراق للغزو، اليوم هنالك محاولة أمريكية بعد سحب منظومة باتريوت لجر إيران للدخول العسكري في الخليج ضد من اتهمتهم طهران بالوقوف وراء الهجوم في الاهواز أي انه استجلاب لصراع عربي ايراني في المنطقة بعد الإيحاء بسحب الحماية الأمريكية عن الخليج وعدم التدخل بالصراع...خصوصا البحرين».

وأشار محدثنا الى انّ الخيار الرابع «يمكن ان يكون هذا القرار نوعا من انواع نقل الاعتماد الامني لدول الخليج من الولايات المتحدة الأمريكية الى التحالف العربي الذي سينشأ في نوفمبر المقبل الى ديسمبر في أمريكا تحت مسمى التحالف العربي الجديد في الشرق الأوسط، وللتعمق اكثر يمكن اعتبار ان كل هذه الخيارات الاربعة تفسر هذا القرار الامريكي فعندما يرفع ترامب المنظومة الحمائية عن دول الخليج مقابل تقديم الرئيس الروسي اكثر انواع الاسلحة تطورا للنظام السوري بقيادة بشار الاسد هذا يجعل دول الخليج تتجه مجددا الى الطرف الامريكي لطلب الانظمة الحمائية مجددا مقابل شروط تحددها امريكا».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115