و ملامح الحسم فيها للحكومة السورية المدعومة من روسيا . واضاف في حديثه لـ «المغرب» انها ستنهي الحرب في سوريا بالمعنى الاستراتيجي ولكن ستدخل هذا البلد في الحرب السياسية التي ستؤسس لتسوية وربما تؤسس لمقاربة جديدة في كل الإقليم. وقال ان لحظة الصدام الروسي الامريكي في حالة نشوء عمل عسكري غير مستبعدة وستكون لها انعكاسات كبيرة على سوريا والمنطقة.
• اولا كيف ترون الوضع في سوريا؟
لقد دخلت الازمة السورية بعد انجاز مناطق خفض التصعيد التي اقرتها مؤتمرات استانا والتوافق الروسي التركي الإيراني عليها مربعاً مهماً الامر الذي اسهم في سيطرة دمشق الرسمية على جغرافيا واسعة وبقيت فقط منطقة ادلب وما يجاورها من ريف حماه وريف حلب ومناطق النفوذ الكردية المدعومة من الولايات المتحدة الامريكية تحت شعار استكمال القضاء على داعش وهو الامر الذي يقلق دمشق ولكن التعامل معه مؤجل، في تقديري ان معركة ادلب هي خاتمة العمل العسكري الاستراتيجي ولكنها قد تكون الأصعب لأنها محصلة صراع ارادات دولية وإقليمية ومحلية على التسوية الكبرى في سوريا لذلك نجد كل طرف يرفع من سقف مطالبه وخصوصا تركيا التي تدرك ان عودة ادلب لحكومة الرئيس الأسد تعني ان السؤال لن يتأخر كثيرا عن شرعية الوجود التركي الذي فرضته عملية غصن الزيتون وشكلت تركيا حزاما امنيا من عفرين وحتى منبج.
• الى اين تسير الازمة؟
في الحقيقة ان الازمة ليست من السهولة بمكان وقد تكون لحظة صدام روسي وامريكي في حالة نشوء عمل عسكري قد يؤدي لإحداث خسائر ويهمش الدور الأمريكي والتركي والاوروبي خاصة فرنسا وبريطانيا . ولكن من الواضح ان روسيا تتعامل بمنطق الصبر الاستراتيجي لذلك نجدها تتريث في الشروع بالعمل العسكري الميداني بمعنى اقتحام البلدات والقرى لأنها تدرك ان جغرافيا ادلب والبالغة حوالي 10 ألاف كيلومتر والتي تشتبك مع الحدود التركية بواقع 130كم وحوالي 2.5 مليون نسمة وما يقارب مائة الف مقاتل اكثر من نصفهم مصنفين إرهابيا (جبهة تحرير الشام او جبهة النصرة سابقا) بالإضافة للتلويح من قبل روسيا بانها ترصد استعدادات لاستخدام او إعادة انتاج سيناريو السلاح الكيميائي، لذلك نجد ان روسيا تعمل مع الجيش العربي السوري على الضغط الجوي على مخازن أسلحة الفصائل المسلحة وقطع الإمدادات وتأخير الاقتحام الميداني حتى تتبلور طبيعة العلاقة مع تركيا واعتقد ان قمة سوتشي بين بوتين واردوغان المنوي عقدها الاثنين ربما ستؤسس لبوادر انفراج.
• هل ستساهم عودة اللاجئين في نهاية الازمة؟
تدرك روسيا ان المعضلة التي واجهت جوار سوريا والعالم هي مسألة اللاجئين وان البعض يريد الاستثمار فيها سياسيا وانسانياً بحيث يعيق الحل السياسي لذلك بدأت تتحرك بشكل عملي من خلال مركز لعودة اللاجئين مقره لبنان . وهي تتحرك مع عمان وبيروت بغية عودة اللاجئين للمناطق الآمنة حتى يكونوا جزءا من الحل السياسي وحتى تكون فرصة إعادة الاعمار مكتملة.
• ما هي مؤشرات التسوية؟
في التقديري ان التفكير الأمريكي في المنطقة ينطلق من ضرورة استغلال اللحظة الراهنة على ما تحمل من ضعف وهوان في العالم العربي من فرض شروط تسوية سياسية كبرى تضمن أولا خروج ايران من المنطقة وإنجاز تسوية للصراع العربي الإسرائيلي الذي اصبح عمليا صراعا فلسطينيا إسرائيليا بحيث تضمن الامن الإسرائيلي وإتمام الحل السياسي في سوريا الذي يعتمد على تعديلات دستورية قدمتها المجموعة السباعية (أمريكا وفرنسا وتركيا وبريطانيا ومصر والسعودية والأردن) والتي تنص صراحة على خروج ايران من سوريا والتقليل من صلاحيات الرئيس في اختيار رئيس الحكومة والوزراء والذهاب في خيار المرحلة الانتقالية ولكن هذا الامر يصطدم بالرفض السوري الرسمي والروسي باعتبار ان هذا الامر سيادي للشعب السوري وهو صاحب الحق أولا واخيراً.
• ماذا بعد معركة ادلب؟
من الواضح ان التحضيرات الكثيفة للمعركة على قدم وساق ولكن ما زالت العمليات محدودة. بعد انتهاء معركة ادلب الآتية حكما وان تأخرت ويبدو ان ملامح الحسم فيها للحكومة السورية المدعومة من روسيا ستنهي الحرب في سوريا بالمعنى الاستراتيجي ولكن ستدخل سوريا في الحرب السياسية التي ستؤسس لتسوية سياسية تعبر فيها سوريا الدولة والشعب مرحلة من اسوء مراحل تاريخها منذ الاستقلال وربما تؤسس لمقاربة جديدة في كل الإقليم، لكن يبقى كل ذلك خاضع لتبدلات الموازين بين القوى الكبرى التي تتصارع لضمان مصالحها في المنطقة.