كما تزامنت مع فترة حساسة تمر بها الساحة السياسية الليبية وسط شكوك حول فرص اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في التاريخ المحدد لها وهو اواخر العام الجاري. إلا ان تصريحات رئيس الوزراء الليبي فائز السراج التي نقلتها صحيفة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية امس الأربعاء وقوله إن «الأوضاع في ليبيا غير مستقرة بما يسمح بإجراء انتخابات» تؤكد المخاوف التي رافقت المساعي الدولية والأممية وحتى المحلية لإجراء هذا الاستحقاق الانتخابي الذي دعت الى إجرائه فرنسا في ديسمبر المقبل بهدف إنهاء الفوضى وتوحيد البلاد.
وقال السراج رئيس وزراء الحكومة الانتقالية المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس خلال مقابلة مع الصحيفة الإيطالية «لا يمكن الانتخاب في ظل عدم الاستقرار بالشوارع... ومن الضروري أن يقبل الجميع نتيجة الاقتراع. نحن بحاجة لقواعد مشتركة».
وكانت العاصمة الفرنسية باريس قد استضافت مؤتمرا في ماي المنقضي اتفقت فيه الفصائل الليبية المتناحرة على العمل مع الأمم المتحدة لإجراء انتخابات عامة بحلول العاشر من ديسمبر المقبل. إلاّ أنّ الشكوك رافقت هذا الاتفاق نظرا للمشهد الأمني المتردّي في البلاد منذ 7 سنوات وأيضا الانقسام والتشرذم السياسي الواضح بين مختلف الفرقاء.
واستمرت حالة الفوضى الامنية في العاصمة طرابلس الى يوم امس اين تعرض المطار الرئيسي في ليبيا مطار معيتيقة الى قصف عنيف نفذته فصائل مسلّحة، وذلك بعد يومين من هجوم مسلح استهدف المؤسسة الوطنية للنفط وخلف قتيلين وعددا من الجرحى وهو هجوم تبناه تنظيم «داعش» الارهابي. وتأتي هذه الهجمات بعد اسابيع من المعارك العنيفة التي خلفت 63 قتيلا وعشرات الجرحى رغم توصّل الأطراف المتناحرة لهدنة لم تدم طويلا لتعود الاوضاع الامنية الى التدهور مجددا.
معضلة شرعنة الميليشات
في هذا السياق وتعليقا على تصريحات السراج حول عدم ملاءمة الوضع الامني الحالي لإجراء انتخابات في ديسمبر المقبل قال الكاتب والمحلل السياسي الليبي محمد علي المبروك لـ«المغرب» أنّ هذا التصريح يعني اقرارا بالفشل في اجراء الانتخابات وهو ماسعت اليه الأطراف السياسية لتمديد سلطاتها على ليبيا فكل مايحدث الآن في ليبيا هو بأيادي اطراف الصراع حتى لاتخطف منهم الانتخابات سلطاتهم وفق تعبيره .
وتابع محدثنا أن «الاوضاع ليست مستقرة ..وماجعلها غير مستقرة هم الأطراف السياسية بالتالي فان فرضية اجراء الانتخابات يمكن ان تنجح في ليبيا بشرط تدخل المجتمع الدولي ووضع قوات لتسيير الانتخابات ومراقبتها والإشراف عليها». وأضاف محدثنا ان الفوضى منتصرة في ليبيا ولا يوجد اي مصلحة وطنية في ليبيا، «فسياسيو ليبيا كانوا جوعى وسمحت لهم الفوضى وانعدام الرقابة والمحاسبة بالثراء، ولن يتركوا ليبيا تستقر طالما هم مستفيدون من هذه الفوضى ولو على حساب ليبيا وشعبها مع ان الكثير منهم لا اخلاق لهم».
وبخصوص تأثيرات الفشل في تنظيم الانتخابات على المشهد العام اجاب محدثنا أنّ الانتخابات في ليبيا تبدو ضرورية لأنها ترتب اطراف الصراع قانونيا ودستوريا ولا تجعلهم يتمادون في صراعهم على حساب الوطن والشعب كما يحدث الان والفشل في الانتخابات يعني انهيار اخر امل لإنقاذ ليبيا وشعبها من هذه الفوضى وهذا سيفاقم الفوضى ويجعلها تدخل في نفق أعمق من النفق التي هى فيه الآن على حد قوله .
وبخصوص المواجهات المستمر في طرابلس والتي وصلت الى محيط المطار وقبل يومين استهدفت المؤسسة الوطنية للنفط ، أكد الكاتب والمحلل السياسي الليبي أن المواجهات صنعها الحكام المتعاقبون على ليبيا وذلك بشرعنتهم العصابات المسلحة ومدها بالإمكانيات والأموال على حساب تكوين جيش وطني وشرطة وطنية وكان الامر من اول فيفري بإقصاء وإقالة وطرد ضباط الجيش والأمن والاستخبارات الذين كانوا يتمتعون بكفاءة وإحلال بدلهم قادة عصابات مسلحة عرف عنهم النهب والسرقة والخطف والقتل وغيرها من الجرائم وانه والله لأمر غريب وامر غير معقول ان تشرعن في ليبيا العصابات المسلحة التي ارتكبت الجرائم وتضم تبعيتها لوزارات الدفاع والداخلية وفي دول العالم تلاحق قضائيا وأمنيا .
وتابع محمد علي المبروك أن «مايحدث الآن في طرابلس هو صراع بين عصابات مسلحة نحيلة وعصابات مسلحة سمينة ، العصابات المسلحة السمينة التي تتخذ من طرابلس مكانا لها وتحظى بالأموال والامتيازات والعصابات المسلحة النحيلة هي العصابات التي لم تحظ بالامتيازات والأموال لوجودها خارج طرابلس».
وتابع محدثنا القول أن«العصابات المسلحة عقدة من التعقيدات الجاثمة على ليبيا والتي شرعنتها من بداية فبراير عقول عابثة وضيعة ليس فيها ادراك او تدبير وهاهي تداعيات شرعنتها والأمر انتهى عند ذلك وسيحاسب من شرعنها ولكن الامر لم ينته لمن لايزال يعتمد على هذه العصابات اعتمادا أمنيا وعسكريا مثل المجلس الرئاسي ومن سبقه من وضعاء السياسة بل ويمتدون في شرعنتها في تطور غريب فيصرحون انها تتبع وزارة الدفاع او وزارة الداخلية وهى مجرد عصابات بهيئة عصابات الجريمة المنظمة في العالم ولكنها في العالم تلاحق قانونيا وفي ليبيا تشرعن وتتبع وزارة الدفاع او الداخلية اي عار هذا واي خزي هذا في عقول حكام ليبيا».