لبحث تطورات الازمة السورية وخاصة الاوضاع العسكرية في مدينة «إدلب» ، وابدى قادة الدول الثلاث في بيان القمة الختامي توافقا حول معالجة الوضع في إدلب وفق «روح أستانة». ويرى مراقبون ان الخلافات كانت مهيمنة على مجريات القمة في وقت تتجه فيه الانظار الى «ادلب» قبيل معركة مرتقبة قد تنطلق في الساعات القليلة القادمة كما قد تؤجّل الى حين التوصل الى توافق سياسي يرضي كافة الاطراف المعنية .
ولئن كان البيان الذي صدر أمس عقب القمة الثلاثية يحمل نوعا من التوافق بخصوص المشهد السوري إلاّ أنه يحمل بين طياته خلافا كبيرا بين روسيا وتركيا بعد ان طالبت الاخيرة بإدراج بند ينص على هدنة في ‘’ادلب’’ وهو ما رفضته موسكو معتبرة ان جبهة النصرة وباقي التنظيمات المسلحة الموجودة في ادلب ليست طرفا في المفاوضات.
واتفق قادة القمة الثلاثية (تركيا وروسيا وإيران) على «»معالجة الوضع في منطقة خفض التصعيد بإدلب السورية وفق روح أستانة»».جاء ذلك وفق البيان الختامي للقمة التي جمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني، والتي اختتمت امس .
وتضمن البيان الختامي إعراب الزعماء «عن ارتياحهم لإنجازات شكل أستانا منذ جانفي 2017، على وجه الخصوص، والتقدم المحرز في الحد من العنف في جميع أنحاء سوريا، والمساهمة في تحقيق السلام والأمن والاستقرار في البلاد».
وأكدوا كذلك في بيانهم أنهم «تناولوا الوضع في منطقة خفض التصعيد بإدلب، وقرروا معالجته بما يتماشى مع روح التعاون التي ميزت شكل أستانة، مؤكدين على عزمهم مواصلة التعاون من أجل القضاء في نهاية المطاف على تنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة وجميع الأفراد والجماعات والمشروعات والهيئات الأخرى المرتبطة بالقاعدة».كما «أكدوا من جديد قناعتهم بأنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للصراع السوري، وأنه لا يمكن أن ينتهي إلا من خلال عملية سياسية متفاوض عليها».
في نفس السياق يسعى مجلس الامن الدولي والقوى الغربية الى استصدار قرار يجيز لأمريكا وحلفائها تنفيذ ضربة عسكرية في سوريا، اذ هددت فرنسا امس خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الامن بالتدخل عسكريا في حال ثبت ان النظام السوري استخدم الكيميائي.
وتبعا لهذه التطورات يرى مراقبون ان الكفة رجحت لصالح العمل العسكري في ادلب سواء من الجانب السوري بدعم روسي او من جانب الغرب الذي يبحث عن تعلة لقصف سوريا بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ، اذ تؤكد تقارير ميدانية ان المعركة باتت قيد انملة .
تحضيرات على كافة الاصعدة
على صعيد متصل قال الكاتب السوري سومر سلطان في حديثه لـ«المغرب» أنه وفق الحساب العملاني هناك سباق على الزمن؛ فمن جهة يستكمل الجيش العربي السوري وحلفاؤه تحضيراتهم العسكرية للضربة التي سيقومون بها، ومن جهة أخرى هناك التحضيرات التي نسمع عنها عن التحضير لمسرحية هجوم كيميائي تتخذ ذريعة لعرقلة العملية.
وتابع «هنا نعلم جيداً أن الجيش السوري كان أسرع من خصومه، ولم يعد سراً أن قواته باتت جاهزة للانطلاق في أية لحظة. من هنا كان على الأتراك أن يقوموا بأي شيء لكسب الوقت. وهذا سبب حرصهم على تعقيد أعمال القمة بأكبر درجة ممكنة. فقد طرحوا مسألة بلدة تل رفعت رغم أنها لم تكن اساساً على بساط البحث، وحاولوا كذلك طرح عدد كبير من السيناريوهات لدرجة أن يكون متعذراً على قمة واحدة أن تحلها، مما يضطر القادة إلى عقد قمم أخرى، او التوجه للجان اختصاصية للدراسة، بما يؤخر العملية قدر الإمكان. أما بالنسبة لموسكو وطهران فقد كان المطلوب من القمة هو الحصول على الغطاء السياسي الممكن للعملية».
«الحل العسكري هو الأقرب»
وأضاف محدّثنا أن «ما ظهر من البيان حتى الآن هو أن أجندة الروس والإيرانيين، وبالتالي أجندة السوريين، هي الراجحة. هذا يعني أن العملية ستنطلق حتما، وبشكل شبيه بعملية الجنوب التي تحدت كيان الاحتلال الإسرائيلي، دون أن يتمكن الصهاينة من وقفها. ولكن قد يكون هناك مع هذا وقفات مؤقتة للعمل الحربي لأسباب إنسانية أو لامتصاص الموقف التركي في الأوقات الحرجة، دون أن يعني هذا إيقاف العملية أو حرفها عن هدفها وفق تعبيره.
ضربة غربية متوقعة
وبخصوص الرد المتوقع من الولايات المتحدة الأمريكية قال الكاتب السوري أن ‹›امريكا تركز جهودها اليوم على منطقة شرق الفرات. وهناك معلومات عن تزويدها للقوات الحليفة لها ببطاريات صاروخية للدفاع الجوي، تأهباً لصد هجوم جوي سوري أو روسي مشابه للغارات المنفذة امس على إدلب. السياق العام للأمريكيين اليوم هو تأسيس مناطق نفوذ في سورية خارجة عن سيطرة الدولة المركزية، ومن المتوقع بقوة أن يتلو هذا تحالف من نوع ما، أو تقاطع مصالح، بين هذه المناطق. كل هذا في سبيل إضعاف الدولة المركزية، وتنمية أنظمة هجينة متعايشة معها بشكل عام داخل الحدود. واكد سلطان ‹›لهذا السبب، كان الأمريكيون يودون لو تنجح تركيا في وقف الاندفاعة السورية المدعومة روسياً وإيرانياً. نلحظ هذا في أمرين؛ أولهما توقيع بروتوكول جديد للمساعدات الأوربية لتركيا بحجة النازحين السوريين، وموافقة ألمانيا المبدئية على توقيع عقد صيانة وتحديث لدبابات «ليوبارد2 «الألمانية الصنع التي تمتلكها أنقرة».
واشار الكاتب السوري الى انه عند انطلاق العملية واشنطن ستركز على الرد من خلال الأتراك، وبعدها ستلجأ إلى الوسائل الأخرى، مثل تكرار الضربات الصاروخية أو دفع التنظيمات الموالية لها في الشرق إلى التصعيد لتشتيت الجيش السوري وفق تعبيره .