والجماعات المسلّحة تغذيها تحذيرات وتهديدات متبادلة من امريكا وروسيا والأمم المتّحدة بالتداعيات الخطيرة لأي عمل عسكري هناك. وبدأت روسيا أمس غارات جوية وقصفا على إدلب السوريّة الواقعة تحت سيطرة المعارضة قائلة أنّ ‘’المنطقة أصبحت «وكرا للإرهابيين».
يشار إلى أنّ نحو 3 ملايين شخص يقطنون ادلب، نصفهم من النازحين. وكان قد تم نقل آلاف المسلحين إلى ادلب من مناطق أخرى استعادتها السّلطات السورية من قبضة تنظيم ‘’داعش’’ وجماعات مسلحة أخرى.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على الجزء الأكبر من محافظة إدلب بينما تتواجد فصائل إسلامية أخرى في بقية المناطق وتنتشر قوات النظام في الريف الجنوبي الشرقي. كما تتواجد الهيئة والفصائل في مناطق محاذية في ريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي واللاذقية الشمالي .
وقصفت مقاتلات روسية،امس الثلاثاء، تجمعات سكنية عديدة في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، فضلا عن مواقع للمعارضة على خطوط الجبهة. وتتهم موسكو الفصائل المقاتلة في إدلب بإرسال طائرات مسيرة لاستهداف قاعدتها الجوية في اللاذقية. كما وصلت قافلة تعزيزات عسكرية إلى ولاية ‘’هطاي’’ التركية، امس الثلاثاء لدعم الوحدات المنتشرة على الحدود مع سوريا. كل هذا الدعم والحراك العسكري يراه متابعون نذر حرب قريبة في سوريا واحوازها رغم النفي الامريكي المستمر.
وتتزامن هذه التطورات الميدانية الخطيرة مع تحذير شديد اللهجة وجّهه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الأول للرّئيس السوري وحلفاءه (ايران وروسيا) من ‘’مغبة التهور وشنّ هجوم على ادلب’’ ، قائلا أنّ ‘’ مئات الآلاف من المدنيين قد يلقون حتفهم خلال الهجوم’’. إلاّ أنّ الجانب الروسي الحليف الرئيسي لنظام دمشق رمى بتحذيرات البيت الأبيض عرض الحائط ، وهي قرار يرى متابعون أنه قد يشعل فتيل المواجهة بين الجانبين وقد تُعجّل بعمل عسكري تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها ضدّ نظام الأسد. من جانبها ترى موسكو ‘’أنّ وجود مسلحين في إدلب يقوض عملية السلام السورية ويجعل المنطقة قاعدة لشن هجمات على القوات الروسية في سوريا’’.
تداعيات مرتقبة
يشار الى ان معركة ادلب المؤجلة لطالما سبقتها تحضيرات وتحشيد عسكري امريكي وروسي في الخليج العربي والبحر الابيض المتوسط على حد سواء استعدادا لأي مواجهة محتملة . اذ دخلت المدمرة الأمريكية ‘’روس’’ المسلحة بصواريخ موجهة البحر المتوسط الى السواحل القريبة من سوريا وهي مزودة بما قدر بأنه 28 صاروخا من طراز توماهوك القادرة على ضرب أي هدف في سوريا بحسب تقارير اعلامية .
ويرى مراقبون ان معركة ادلب لا تشبه بقية المعارك الاخرى نظرا لاختلاف الاوضاع الميدانية وأيضا موازين القوى ، اذ يرى متابعون أن اي هجوم امريكي في ادلب سيكون لأول مرة دون تعلة استخدام النظام للسلاح الكيميائي علما وان الغارات السابقة التي شنتها الولايات المتحدة الامريكية كانت دوما بتعلة استخدام نظام بشار الاسد للسلاح الكيميائي المحرم دوليا . إلاّ أن الأسباب هذه المرة اكثر وضوحا في ظل المواجهة المباشرة بين واشنطن وطهران وحلفائها في المنطقة وعلى الاراضي السورية خاصة بعد الزيارة المفاجئة التي أداها قبل يومين وزير الخارجية الايراني الى سوريا في تحد واضح لدعوة امريكا الى طرد القوات الايرانية من الاراضي السورية .
قمة ثلاثية
هذا الاستعداد الأمريكي لعملية عسكرية مرتقبة – رغم النفي الأمريكي – يواجهها استنفار روسي كبير تقوم روسيا بمناورات عسكرية هي الأضخم في تاريخها وبمشاركة عدد غير مسبوق من الجنود والآليات والسلاح والعتاد. وتطفو على السطح هذه الاونة جملة من المخاوف بخصوص امكانية اندلاع حرب في سوريا قد تعم نيرانها الاقليم المتوتر بطبعه خصوصا واليمن والعراق والخليج العربي .
على صعيد متصل تحتضن ايران يوم 7 سبتمبر الجاري قمة روسية تركية ايرانية لتحديد اولويات معركة ادلب، وهي اخر مناطق خفض التوتر التي تم التوافق حولها خلال اجتماع استانة الاول برعاية هذه الدول الثلاث.ويربط مراقبون الحسم العسكري في معركة ادلب يستوجب توافقا سياسيا دوليا واسع النطاق. سواء بين هذه الاطراف الثلاثة او الجانب الأمريكي لما يحمله أي تحرك عسكري في سوريا من تحديات كبيرة لكل هذه الأطراف سواء على الصعيد السياسي أو العسكري باعتبار ان هذه المعركة هي الاخيرة في سجل معارك النظام السوري .