الوطني برئاسة فايز السراج ، وخلفت الاشتباكات المسلحة 5 قتلى و31 جريحا قبل ان تعلن وزارة داخلة حكومة الوفاق التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار في الضاحية الجنوبية للعاصمة طرابلس .
وتتزامن هذه التطورات العسكرية الميدانية مع واقع سياسي مضطرب تعيشه ليبيا استعدادا لانتخابات مزمع اجراؤها نهاية العام الجاري في ظل تحديات كبرى تواجهها القوى السياسية المحلية والاقليمية والدولية على حد سواء لإنجاح هذا الاستحقاق الذي طال انتظاره لطي صفحة الخلافات والبدء في صفحة جديدة لاعادة اعمار ليبيا بعد سنوات من الحرب .
وبحسب تقارير اعلامية فإن الاشتباكات وقعت بين «اللواء السابع» التابع لوزارة الدفاع بحكومة الوفاق الوطني ، والمعروف بالكانيات (الكثير من عناصره من عائلة الكاني بمدينة ترهونة القريبة من طرابلس) من جهة، وبين كتيبة «ثوار طرابلس» بقيادة هيثم التاجوري، بدعم من «كتيبة النواصي»، التابعتين لوزارة الداخلية من جهة ثانية.
ويتهم اللواء السابع، كلا من «ثوار طرابلس» و»كتيبة النواصي»، بمهاجمة نقاط تمركزه في الضاحية الجنوبية للعاصمة، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات فجر أمس الاول الإثنين، باستعمال الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، انتهت بسيطرة اللواء السابع على معسكر اليرموك في منطقة صلاح الدين، جنوبي طرابلس، ومقتل 4 عناصر من كتيبة النواصي، حسب وسائل إعلام محلية.عودة هذه الاشتباكات سيكون لها – وفق مراقبين – تاثير كبير على الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي من المقرر اجراؤها في ليبيا نهاية العام الجاري بدعم اقليمي ودولي وقبول وتوافق محلي .
إلا ان عودة الخلافات والانقسام وخاصة المواجهات الاخيرة ،كانت بمثابة الخطوة الى الوراء في مسار مساعي تجاوز ارهاصات الازمة الليبية والالتزام بتطبيق بنود اتفاق باريس الذي تمخض عنه مقترح اجراء الاستحقاق الانتخابي المقبل.
صراع النفوذ والامتيازات
من جانبه قال المحلل السياسي والكاتب الليبي عيسى عبد القيوم لـ«المغرب» أنّ ما يجري في طرابلس يقع ضمن صراع المليشيات على مناطق النفوذ والامتيازات المادية ، فقد اصبحت السيطرة على العاصمة تعني التحول الى قوة حماية المجلس الرئاسي ومصرف ليبيا المركزي ، وقد اثبت تقرير ديوان المحاسبة للعام الماضي حجم الاعتمادات التي منحت للمليشيات وهو ما جعل الصراع بينها يزداد شراسة، هذا بالإضافة الى محاولة السيطرة على العاصمة او جزء منها من اجل ضمان الدخول في مسمى «الترتيبات الأمنية» الذي ترعاه للأسف الامم المتحدة فى محاولة اخرى لكسب الشرعية والإفلات من أي ملاحقات قادمة».
وبخصوص اطراف هذا الصراع المسلح اجاب محدثنا «كل المليشيات .. هذه المرة كانت بين ثوار طرابلس ومليشيات ترهونة المعروفة بالكانيات ، وجميعها تمتلك ما يثبت انها تتبع المجلس الرئاسي».
وبخصوص تأثير هذا الصراع على الوضع السياسي اجاب محدثنا ان المعركة توقفت ليلة أمس الاول ككل مرة عبر توافقات تحت الطاولة غالباً لا تعرف إلا بعد ورود خصومة جديدة تكشف اوراق ما سبق ، وتابع محدثنا ان تأثيرها سلبي بالتأكيد معتبرا ان ‘’اعلان باريس ‘’يتحدث عن انتخابات في شهر ديسمبر وهكذا صراعات تجعل هذا الموعد محل شك’’ وفق تعبيره.
واشار عبد القيوم الى انّ «الانقسام السياسي جعل جزءا من اطراف النزاع تتمترس بالمليشيات.. وهذا المليشيات تسيطر الان على العاصمة .. وأطراف النزاع التي تغذيها وتشرعن لها غير متفقة على نقاط جوهرية .. مثل ضرورة تمرير مسودة الدستور قبل الانتخابات.. وتغيير محافظ مصرف ليبيا المركزي».
وتابع محدثنا «حدد اعلان باريس الشروع في تنفيذ خطواته العملية عبر كتابة الاسس الدستورية التي ستقام وفقها الانتخابات حدده بيوم 16 سبتمبر القادم .. ربما هذا اليوم سيمنحنا معرفة الى اين نتجه .. ويوم امس اعلن رئيس البرلمان الليبي ما يشبه الخطة البديلة حيث قال اذا لم يتفق النواب يوم الاثنين القادم فسنشرع فى تطبيق القرار رقم 5 لسنة 2014 القاضي بإنتخاب رئيس للبلاد مما يعني تجاوز اعلان باريس بالكامل .. وهناك ايضا دعوة ايطالية بعقد مؤتمر الشهر القادم فى روما يرى البعض أنه قد يخلط اوراق باريس».
«الردع العسكري هو الحل»
من جهته قال الكاتب الليبي محمد علي المبروك في حديثه لـ«المغرب» أنّ «المشهد في العاصمة طرابلس كان جزئيا وهو مشهد مأساوي تعرض فيه المدنيين في ضواحي طرابلس للترويع بسبب القذائف العشوائية وبسبب دوي القذائف وأدى لسقوط عدد من الجرحى والقتلى من المدنيين، وهي مواجهات بين عصابات مسلحة تتصارع على المزايا والنفوذ».
وتابع محدثنا «هذه عصابات مسلّحة من طرابلس تمّ شرعنتها وتتبع حكومة الوفاق وعصابات أخرى مشرعنة تتبع هي الأخرى حكومة الوفاق وتمّ التدخّل بينهما ككل مرة ».
وبخصوص مستقبل المشهد الليبي اجاب محدثنا ان المشهد سيتكرر لأنها عصابات مسلحة غير منضبطة بقانون او نظام وأي قتال بينها يفض مؤقتا في حين ان علاج هذه العصابات يكون بالردع وليس بالتدخل القبلي البدائي. وأضاف محمد علي المبروك «لايمكن السيطرة على هذه العصابات المسلحة إلاّ بالتدخل الأجنبي ، لأنه لايوجد لها رادع ولا يوجد عليها سلطة وهي اقوى من مؤسسات الحكومة بل اصبحت هي الحكومة وهي الدولة والحكومة والدولة هي التابعة لهذه العصابات».
وشدد محدثنا على ان هذه العصابات المشرعنة التي تتبع السلطات الليبية هي ذاتها تشارك او تعمل في الجريمة ومنها تهريب البشر والمخدّرات وتهريب الوقود والمضاربة في العملة الصعبة والاعتمادات الوهمية وغيرها من الجرائم التي كرست حالة البؤس على حد قوله.