ليبيا: إرجاء التصويت على قانون الاستفتاء على مسودة الدستور عرقلة التسوية تتواصل

عندما أعلن المبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة مبادرته المعروفة ، بخارطة الطريق

لحل الأزمة الليبية ، أكد ضرورة توفر أربعة شروط من اجل تنفيذ المبادرة التي تفاعل معها المجتمع الدولي وتبناها مجلس الأمن الدولي وساندتها كافة الملتقيات الدولية اللاحقة . فمبادرة سلامة ترمي إلى الوصول بليبيا إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية في العاشر من ديسمبر القادم ومن شروط إنجاز تلك الانتخابات ، عنصر الأمن المكاني للانتخابات، عنصر الشرعية الدستورية ، التزام الأطراف المشاركة بقبول النتائج اقبال اللبيين على التسجيل بمنظومة الناخبين.

والسؤال المطروح في هذا الإطار هو ، بعد أشهر من طرح غسان سلامة للمبادرة وسلسلة اللقاءات التي أجراها مع الفرقاء ومشاورات دول الجوار إلى أين وصلت جهود تنفيذ تلك المبادرة وهل من بوادر لنجاحها ،وفي حالة عدم توفر شرط من الشروط ماهو البديل لضمان بلوغ الانتخابات؟

الواضح لدى غسان سلامة أن الخلافات بين الليبيين بسيطة، لكن كل طرف يناور ويتفنن في العرقلة وأكبر عقبة في الوقت الراهن هي كيفية تمرير قانون الاستفتاء على مسودة الدستور عبر مجلس النواب الذي فشل بداية الاسبوع الماضي في اتمام جلسة في الغرض ، وتطور الموقف عندما جرى اطلاق نار تحت قبة البرلمان. وحتى ان قيل ان العملية وقعت بالخطأ ،فإنها تعكس حالة التوتر والاحتقان بين النواب. ويرى ملاحظون محليون بأنه من الصعب اصدار قانون الاستفتاء على الدستور سواء بسبب العيوب به أو تمسك أطراف فاعلة مطالبة بالعودة الى دستور المملكة فهذا الشق يمثله اقليم برقة واجزاء من باقي الاقاليم .

مقابل هذا الشق، يطالب تيار الاسلام السياسي اي جماعة الاخوان المسلمين والجماعة الليبية المقاتلة بإجراء الإستفتاء وإعتماد الدستور قبل الإنتخابات ، غير أن تناقضا يطفو على السطح، فإيطاليا الداعمة للإخوان والمقاتلة في طرابلس ترفض إجراء الانتخابات نهاية العام وتدعو للتأجيل. فالصورة الراهنة ضبابية وغامضة حتى أن أغلب المراقبين يشككون في إمكانية إجراء الإنتخابات فعلا في موعدها المحدد أي العاشر من ديسمبر القادم. الطرف المتفائل يؤكد أن شرط توفر عنصر الشرعية بالامكان ضمانه بالاعتماد على الاعلان الدستوري لكن هذا الاخير يتطلب التنقيح من طرف مجلس النواب.

أما العنصر المكاني، فلا شيء انجز الى حد اللحظة لتنفيذه حيث ان طرابلس مثلا مازالت تحت سيطرة المجموعات المسلحة والمؤسسة العسكرية والامنية مازالت منقسمة وليس من السهل توحيدها.

ونأتي إلى العنصر الآخر أو الشرط الأخر من شروط خارطة الطريق المتعلق بالتزام الأطراف المشاركة في الانتخابات بقبول نتائجها، لتؤكد بأن البعثة الأممية لم تنجز لقاءات تذكر بين الفرقاء لأسباب معلومة وأخرى خفية تعلمها البعثة .

الأسباب المعلومة إمتناع بعض الفرقاء عن الاجتماع بالطرف المقابل أصلا فهل يمكن تصور خالد الشريف رئيس مجلس الدولة يلتقي القائد العام للجيش خليفة حفتر أو عقيلة صالح رئيس مجلس النواب ويجتمع مع محمد زايد لعماري عضو المجلس الرئاسي أو تصور مفتي الديار الليبية الصادق الغرياني يحضر إلى مجلس النواب ... الإلتزام الذي يقصده غسان سلامة هو بين الأشخاص المترشحين لكن هؤلاء لا يملكون القرار ولابد لهم من العودة للجماعات الداعمة لهم.

المسألة معقدة جدا وسلامة حاليا في وضع لا يحسد عليه، فجهود المجلس الرئاسي بين رفض ودعم إجراء الانتخابات وكيفية ضمان شروط انجازها ، سعى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق لتذليل العراقيل في إطار ما تسمح به إمكانياته، إذ سبق للمتحدث الإعلامي بإسم فائز السراج أن صرح لإحدى الفضائيات المحلية بأن الرئاسي وفر مقرا جديدا للمفوضية العليا للانتخابات تتوفر فيه شروط السلامة بعد تفجير وتدمير المقر السابق.وأضاف بأن حكومة الوفاق تعمل على تهيئة الظروف الملائمة للعملية الانتخابية لكل الذي يعرقل تلك الجهود هو الانقسام بين المؤسسات والأجهزة ، وأشاد باللقاء الذي دار في طرابلس بين السراج ووفد من وجهاء ومشايخ برقة مؤخرا .

الجدير بالاشارة إلى ان قيادة الجيش الطرف الأخر الفاعل على الأرض، اعلنت في أكثر من مناسبة دعم إجراء الإنتخابات لكن حول الدستور لم تصدر أي موقف. ويخشى الداعمون لإعتماد الدستور المطروح بأن تكون قيادة الجيش ترفض الدستور المطروح وتدعم الذهاب للإنتخابات إعتمادا على الإعلان الدستوري.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115