من التداعيات الكارثية لهذه الخطوة ، التي تأتي بعد نحو شهرين من انسحاب الرئيس الامريكي دونالد ترامب المفاجئ في شهر ماي الماضي من الاتفاق النووي الايراني .
ولم تنجح كل محاولات الدول الاوروبية مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا وكذلك روسيا والصين في وقف قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق او من تعديل دفة السياسة الامريكية التي يحكمها دونالد ترامب بنمط آحادي يقوم على الصدام والمواجهة وتأجيج النزاعات في اكثر من مكان في العالم.
ضجة عالمية
احدثت العقوبات الجديدة -التي تشمل القطاع المالي والاقتصادي الايراني -ضجة في الاوساط الدولية والاقليمية.. فمن الخصام والنزاع مع ايران وجد الرئيس الامريكي نفسه في مواجهة مع اوروبا نفسها ..وتأتي المانيا في طليعة المعارضين اذ اكد متحدثون باسم الحكومة الألمانية امس رفضهم الصريح لهذه العقوبات الأمريكية التي تستهدف إيران معتبرين انها تنتهك القانون الدولي ..وكان الاتحاد الاوربي قد تعهد بالتصدي للعقوبات التي أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرضها على طهران. ويبدو ان موقف المانيا هو الاكثر شدة حيال هذه الخطوة الامريكية فقد حذر النائب في البرلمان الأوروبي إلمار بروك من أن الاتحاد الأوروبي لم يعد لديه سوى مجال محدود للتصرف حيال حماية الشركات الأوروبية من الإجراءات العقابية للولايات المتحدة في إطار عقوباتها ضد إيران. في حين جاء الرد الايراني على لسان وزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي قال ان خطة الولايات المتحدة لوقف صادرات النفط الإيرانية تماما لن تنجح . كما دافعت الصين عن علاقاتها التجارية مع طهران وقالت الخارجية الصينية في بيان إن بكين تعارض دوما العقوبات أحادية الجانب و«سياسة الذراع الطويلة».واولى نتائج هذه العقوبات قيام شركة «دايملر» الألمانية لصناعة السيارات بتعليق برامجها في إيران ..وتشمل الحزمة الاولى من العقوبات عدة مجالات اقتصادية من بينها مشتريات الحكومة الإيرانية من الدولار الأمريكي وتجارة الذهب ومبيعات السندات الحكومية. و قطاع السيارات وصادرات السجاد والمواد الغذائية..ومن المتوقع ان تبدأ في غضون شهر نوفمبر الجزء الثاني من العقوبات التي تمس قطاع الطاقة وتستهدف بالاساس منع تصدير النفط الايراني حول العالم ..
الحصار الاقتصادي مجددا
ويرى الباحث اللبناني المختص في الشأن الايراني هادي قبيسي ان العقوبات الأمريكية على إيران هي حلقة من سلسلة المحاولات الأمريكية التي بدأت منذ عام 1979 لتقويض النظام الإيراني أو تعديل سلوكه، وقد تنوعت هذه المحاولات لتشمل كل المجالات، والآن دور الحصار الاقتصادي الشامل. واضاف بالقول:«بدأت هذه العقوبات في هذا التوقيت بالذات بعد فشل المشروع الأمريكي في سوريا والعراق وتفكك الجماعات التكفيرية التي تم توظيفها لمحاصرة إيران ومحور المقاومة، وليس لإيران الآن ميزانيات حرب تصرفها في هذه المناطق، بعد اندحار التكفيريين بشكل نهائي، ولذلك لن يكون لهذه العقوبات آثار فعلية أو ميدانية هناك». وتابع بالقول : ترتكز السياسة الأمريكية الحالية في الشرق الأوسط على برنامج حصار وإفقار وتجويع مجتمعات محور المقاومة، للوصول إلى مرحلة يطالب فيها الرأي العام بالتخلي عن موقف معارضة السياسات الأمريكية، وهي ليست المرة الأولى التي يتم فيها تجربة هذا السلاح ضد إيران، فقد حوصرت في بدايات الثورة بشكل شامل لسنوات طويلة وخلال فترة كانت تخوض فيها حرباً واسعة وكلاسيكية، ولكنها فشلت».
واضاف ان السياسات الامريكية لها تداعيات سيئة على العالم العربي ككل ، مشيرا الى ان المنطقة الآن تعيش مرحلة انتقالية يأخذ فيها الصراع الاقتصادي وإعادة إعمار المناطق المدمرة الأولوية الأساسية، ولكنها في السنوات المقبلة لن تكون بمنأى عن حرب إقليمية ضد إسرائيل تحديداً». على حد قوله.