بالتجسس والانتماء لجماعة إرهابية ، كما عمّق ردّ واشنطن على هذه الخطوة الازمة بين البلدين بعد ان قامت حكومة دونالد ترامب في المقابل بفرض عقوبات على وزيري الداخلية والعدل التركيين.
ورغم الحديث عن اتفاق بين الطرفين تلى لقاء جمع امس وزيري خارجية البلدين تم خلاله الاتفاق على التعاون من أجل تسوية الخلافات بين البلدين، يرى مراقبون ان الازمة التي اندلعت بعد توقيف القس الامريكي أندرو برونسون انضافت الى عدد تراكمات عالقة بين البلدين بعضها يتعلق بقضايا ثنائية على غرار رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة الامريكية والذي تتهم انقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في جويلية 2016 .
يشار الى انّ السلطات التركية قامت بتوقيف القس (رجل الدين) الامريكي أندرو برونسون، راعي كنيسة القيامة الصغيرة البروتستانتية في مدينة إزمير على ساحل بحر إيجه منذ عامين على خلفية اتهامات بدعم «الإرهاب» تزامنا مع محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها أنقرة منتصف عام 2016 . كما وجهت السلطات إليه اتهامات بأنه على صلة بحزب العمال الكردستاني وجماعة فتح الله غولن، الذين تعتبرهما تركيا منظمات إرهابية وهو ما ينفيه محامو برونسون والولايات المتحدة نفيا قاطعا مطالبين بالإفراج عنه .
ورغم ان محكمة تركية أخلت سبيل القس الأمريكي يوم 25 جويلية 2018، لكنها وضعته رهن الإقامة الجبرية مما اجج غضب الولايات المتحدة الامريكية لتعلن عددا من العقوبات علىوزيري العدل والداخلية التركيين. ورغم الاعلان عن تفاهم بين البلدين عقب لقاء وزيري خارجية البلدين إلا ان اغلب الاراء الدولية ترى ان العلاقات تسير نحو مزيد من الجفاء والصدام ، اذ يرى متابعون ان الحكومة ستستغل قضية القس للمقايضة فيما يتعلق بقضية تسليم رجل الدين التركي فتح الله غولن العدو اللدود لرئيس الجمهورية رجب طيب اردوغان والمتهم الأوّل في محاولة الانقلاب الفاشلة .
فيما يرى شق اخر ان الازمة التركية الامريكية كانت بدورها طوق نجاة للرئيس الامريكي دونالد ترامب الغارق في مشاكله الداخلية خصوصا بعد سلسلة الإخفاقات التي تعرض لها مؤخرا واهمها العلاقات الروسية الامريكية.
أزمة اقتصادية
ولا يعد التوتّر التركي الأمريكي حديثا خاصة وانه مستمرّ منذ تولّي دونالد ترامب زمام الحكم في امريكا ، اذ اتخذت العلاقات منعرجا جديدا اكثر حدّة خصوصا عقب تعليق السلطات الامريكية منح تأشيرات دخول الاتراك الى اراضيها وهو ما قابلته أنقرة بردّ مماثل وذلك بمنع الأمريكيين من الحصول على تأشيرة الدّخول الى أراضيها . ويرى متابعون انّ الازمات بين البلدين شهدت كثيرا من التصعيد مؤخرا نتيجة عدة تراكمات وملفات عالقة بين البلدين.
ويأخذ جفاء العلاقات التركية الامريكية ابعادا عدة سواء على مستوى الواقع الإقليمي او على مستوى علاقة تركيا بالغرب بصفة عامة . إذ يؤكّد مُتابعون أنّ بداية الخلاف التّركي الغربي عامّة بدأ منذ تعثّر وتجميد مفاوضات دخول انقرة الى الاتحاد الأوروبي بعد سنوات طويلة من السّعي التركي المحموم للانخراط في صفوف الدّول الأوروبيّة. ومن أهم أسباب تجميد مفاوضات دخول تركيا هو واقع الحريّات في تركيا التي يعتبر الغرب واقع حرية للتّعبير وحريّة الصحافة متدهورا داخلها، هذا التدهور زادت وتيرته بعد افشال المحاولة الانقلابية في جويلية 2016 وماتبع ذلك من حملة اعتقالات طالت الالاف من جيش وأكاديميين وسياسيين وقضاة وصحفيين وإعلاميين . هذه الحملة الواسعة التي شنتها سلطات أردوغان جوبهت بانتقادات وخشية دوليّة من مآل الحقوق والحريّات، خاصّة وانّ هذا الملف كان سببا في القضاء على حلم تركيا في الالتحاق بركب الدّول الاوروبية .قضية اخرى كانت سببا أيضا في تأجيج الخلاف بين واشنطن وأنقرة وهو ملفّ تسليم الداعية الاسلامي فتح غولن المتّهم الأوّل في المحاولة الانقلابيّة التي هزّت تركيا في جويلية 2016 ، وهو مطلب تماطل امريكا في الاستجابة له منذ أشهر عديدة رغم الضغوطات التركيّة الكبيرة .
كما ان من بين اسباب توتر العلاقات التركية الامريكية استفتاء 16 افريل الذي نجح اردوغان من خلاله من توسيع صلاحياته حيث ضمن الانتقال من النظام البرلماني في تركيا إلى النظام الرئاسي الذي زاد من احكام قبضة حزب العدالة والتنمية الحاكم على مؤسسات الدولة وهياكلها. هذا الاستفتاء قابله رفض غربي امريكي خاصة .
دعم الاكراد نقطة خلاف
ومن بين الملفات الحساسة التي اثرت على العلاقات التركية الامريكية هو دعم واشنطن للأكراد في سوريا ، علما وان انقرة تعيش حربا ضروسا امتدت لسنوات مع الاكراد الذين ينادون بالانفصال عن الدولة التركية ، كما انها صنفت جماعة بي كاكا الكردي منظمة ارهابية لمنع أي نشاطات رسمية له قد تهدد امن تركيا الداخلي.
وزاد هذا التحالف والدعم الامريكي لقوات سوريا الديمقراطية من الجفاء بين الغرب وتركيا ، اذ اتهم أردوغان مجددا أوروبا بتقديم مختلف أنواع الدعم لمنظمتي «فتح الله غولن» و«بي كا كا» (منظمة كردية تصنف ارهابية) ، لقطع الطريق أمام بلاده التي تزداد قوة وفق تعبيره.