المتردية في هذا البلد ..وامس دخل الحراك مفترقا جديدا اثر سقوط قتلى وجرحى وسط غموض يكتنف مصير البلاد.
ويبدو ان الانتخابات البرلمانية الاخيرة لم تطمئن الشارع العراقي مع عزوف كبير يؤشر الى فقدان الثقة بين العراقيين وسياسييهم بمختلف احزابهم و طوائفهم وانتماءاتهم وايديولوجياتهم ومع ارتفاع الاتهامات بتزوير النتائج ...ولم تجد اليوم قطاعات شعبية واسعة بُدا من الخروج للشارع للتعبير عن الغضب من احتدام الاوضاع ..
فالحكومة العراقية التي خرجت من اشرس واخطر حرب قادتها على تنظيم داعش الارهابي ، امامها اليوم تحديات كبيرة من اجل النهوض بالواقع المعيشي مع تسجيل معدلات قياسية من الفقر والتهميش في احد اغنى البلدان العربية بالنفط والذهب الاسود...
مطالب عديدة
آلاف المتظاهرين خرجوا في شوارع ديالى وذي قار في شرق وجنوب بغداد مطالبين بالتوزيع العادل للنفط مرددين شعارات «الحقول لنا والنفط لنا»....واسفرت الاحتجاجات عن مقتل ستة متظاهرين وجرح العشرات ..ولم تنفع محاولات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي التخفيف من نقمة المحتجين وذلك باصداره امرا بتوسيع وتسريع آفاق الاستثمار للبناء في قطاعات السكن والمدارس والخدمات واطلاق درجات وظيفية لاستيعاب العاطلين عن العمل ..وابرز المواقف العراقية جاءت من المرجعية الشيعية العليا التي اعلنت تضامنها التام مع مطالب المحتجين. فالى اين يسير الوضع ؟»
وقد اعتبر الناشط الحقوقي العراقي قاسم آل جابر في حديثه لـ«المغرب» ان ما يجري في العراق هو تظاهرات شعبية عفوية غير حزبية وغير مدعومة من جهات سياسية او حزبية مضيفا بالقول:«فالتظاهرات لم تتوقف منذ سنة 2011 لكن ما يميز هذه التظاهرات عفويتها ومطالبها المشروعة. فالعراق يعاني من نقص في الخدمات والكهرباء وفرص العمل وجيوش من العاطلين عن العمل توقف الزراعة والصناعة والاعتماد على الاستيراد في بلد يعتبر الاول من حيث الثروات «. واضاف ان انتشار الفساد وكثرة الاحزاب وتعدد المليشيات وتردي الوضع الامني سبب اخر لتعاسة الفرد العراقي. وتابع ان استهتار الحكومة بحياة الشعب وعدم اهتمامها بمصالح الوطن ووعودها
الكثيرة فقدت ثقة الشعب بها ولن تستطيع استعادتها اطلاقا الان الشعب الان اصبح واعيا جدا ولن تمر او تنطلي علية خرافات الاحزاب السياسية الفاشلة والضعيفة..على حد قوله:. واشار الى ان التظاهرات لاتزال مستمرة في بغداد وبابل والنجف وكربلاء والبصرة والديوانية وميسان ومن المرجح استمرارها لعجز الحكومة عن تلبية مطالب المتظاهرين . واكد ان ما يميز هذا الحراك هو عدم انتماء المتظاهرين لجهات حزبية او سياسية وانطلاقها من الجنوب الذي كان مستقرا امنيا طوال 15 عام . مبينا ان الانتخابات لم تكن في مستوى تطلعات الشعب حيث ان نسبة المشاركة في الانتخابات كانت اقل من 20 % لكن تدخل السفارة الامريكية جعل منـها 44 % ووصلت نسبة التزوير الى 70 % بحسب قوله». وبين الباحث والحقوقي العراقي ان لا أحد يستطيع التكهن بالوضع او بمستقبل التظاهرات امام عجز الحكومة واستخدام القوة المفرطة تجاه المتظاهرين مشيرا الى ان عدد الضحايا من المتظاهرين في محافظات الجنوب وصل الى ستة قتلى واكثر من 200 جريح.
فشل سياسي
وفي الحقيقة ان ما يحصل في بلاد الرافدين كان متوقعا بالنظر الى فشل الحكومات المتعاقبة منذ الغزو سنة 2003 في احداث التغيير الحقيقي المنشود الذي يريده الشعب ومختلف القطاعات الاجتماعية ..والاوضاع ازدادت سوءا مع نظام بني على «ديمقراطية الدبابات الاجنبية» فكانت «ديمقراطية منقوصة» جعلت البلاد ساحة للفوضى والارهاب والعنف ...
العراق اليوم هو عنوان آخر للتعثر العربي في خضم هذا الزلزال الذي تفجر قبل ثماني اعوام ولا يزال مستمرا حاصدا ارواح الملايين في سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها بكل ما حمله معه من موجات عنف وتهجير وتقتيل ..وما يجري في هذا البلد هو نسخة مشابهة لما يحدث في اكثر من مكان في المنطقة ...مع غياب « دولة القانون» . وحدها المصالح الحزبية او الطائفية الداخلية والمصالح الخارجية ، التي تُسير البلاد نحو المجهول ..في هذا الصيف العراقي الملتهب بالاحتجاجات ...