النظام السوري في درعا بعد سيطرة المعارضة عليها لسنوات طويلة وتؤكد تقارير اعلامية سورية وجود استعدادات من الحكومة لرفع العلم قرب المسجد الذي خرجت منه احتجاجات كبرى ضدّ حكم الأسد في مارس 2011.ويتزامن هذا التقدم الميداني للجيش السوري مع الغارات الإسرائيلية فوق مرتفعات الجولان المحتلّ بعد اقتراب قوّات موالية للحكومة السورية تقاتل معارضين في جنوب البلاد من الحدود.
يشار الى أنّ «اسرائيل» تنفذ منذ فترة طويلة غارات في الأجواء السورية بدعم سياسي من الولايات المتحدة الأمريكية معلّلة ذلك برفضها وجود أي قوات ايرانية على الأراضي السورية .
وذكرت وسائل إعلام رسمية سورية أن المواقع التي استهدفتها إسرائيل امس الخميس، تقع قرب قرية حضر في محافظة القنيطرة بالقرب من هضبة الجولان المحتلة.ونقل الإعلام الرسمي عن مصدر عسكري سوري قوله «طيران العدو الإسرائيلي يطلق عدة صواريخ باتجاه بعض نقاط الجيش في محيط بلدة حضر وتل كروم جبا بالقنيطرة واقتصرت الأضرار على الماديات». واستعادت قوات الحكومة، بدعم من روسيا، مساحات واسعة من محافظة درعا الخاضعة للمعارضة على الحدود مع الأردن في هجوم كبير بدأ الشهر الماضي وأجبر الكثير من مقاتلي المعارضة على التخلي عن أراض في صفقات استسلام. هذا التقدم اثار خشية اسرائيلية امريكية من اقتراب خطر الحرب الى هضبة الجولان المحتل .
وتزامنت غارات الأمس الخميس مع الزيارة التي يؤدّيها بنيامين نتنياهو الى روسيا والتي التقى خلالها فلايديمير بوتين لبحث النفوذ الايراني في سوريا.ومثلت التصريحات المفاجئة التي ادلى بها رئيس وزراء كيان الاحتلال خلال مؤتمر اعلامي تلا لقاءه ببوتين والتي قال فيها أن ‘’إسرائيل’’ لن تعمل ضد جهود الرئيس السوري بشار الأسد لاستعادة السيطرة على سوريا لكنها ستعمل على ضمان خروج القوات الإيرانية التي تدعمه من البلاد’’ ، مثلث وفق مراقبين رضوخا اسرائيليا لواقع المتغيرات التي تشهدها المعركة في سوريا لصالح قوات النظام السوري وحلفائه روسيا وإيران.
حسم الصراع
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي المختص في العلاقات الدولية ثائر عبطان حسن في حديثه لـ«المغرب» أن ما يحدث في سوريا، مرتبط بعاملين أساسيين ساهما في اقتراب حسم الصراع فيها ولمصالحها ، الاول هو ثقل دور روسيا العسكري واللوجيستي وإصرارها على دحر القوى المعادية للحكومة السورية عبر الضربات الجوية الكبيرة التي ساهمت في تدمير وسحق المئات ، بل الآلاف من أعداد «داعش» و«النصرة» ومنظمات إرهابية اخرى مؤيدة لهما .
وتابع محدثنا انّ العامل الأساسي الثاني الذي ساهم في اقتراب حسم الصراع ، هو الحياد التركي في الحرب الدائرة في سوريا بعد خلافها العميق مع الولايات المتحدة وانضمامها الى محور روسيا - ايران والتنسيق معهما على الصعيدين العسكري والاستخباري ، مما سرّع في انهيار المنظمات الإرهابية ، وكل ذلك ادّى الى فشل سياسة الولايات المتحدة في سوريا وفشل محاولتها الهامة والرامية الى بناء قاعدة عسكرية ضخمة على الأراضي التي تسيطر عليها « قسد « الكردية ، مما ساهم في انسحاب الدور الأمريكي من جنوب غرب سوريا وتسليم حلفائها لقمة سائغة للقوات الحكومية السورية والشرطة الروسية على حد تعبيره .
رضوخ للواقع
اما عن الغارات الاسرائيلية ، فقال الكاتب والمحلل السياسي العراقي انها عبارة عن محاولات يائسة للتغطية على الفشل الذريع للسياسات الأمريكية طيلة حرب السبع سنوات التي دعمت ‘’اسرائيل’’ فيها كل أصناف المنظمات الإرهابية التي قاتلت الحكومة السورية وبحجة التواجد الإيراني الذي بدا فعلا يُقلق الساسة ‘’الإسرائيليين’’ وقادتها العسكريين ، وأشار ‘’لا بد من الإشارة هنا ان لروسيا دورا مهما وكبيرا في جعل الضربات العسكرية الجوية الإسرائيلية محدود جدا قياسا لنواياها ورغبتها في تحطيم سوريا وجيشها النظامي .. وفِي رأيي بأنّ زيارة نتنياهو الى موسكو تصبّ في هذا المجال وربما التصريح الذي تسرب قبل ساعات حول نية «اسرائيل» التعامل مع الأسد مستقبلا يوضح بأن ‘’اسرائيل’’ اقتنعت قسرا بطي صفحة الحرب في سوريا ليتحوّل موقفها دفاعيا ، بعد فشل موقفها الهجومي لسبع سنوات عجاف لم تحصد خلالها سوى الخيبة».
مواجهة مفتوحة
وبخصوص لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس وزراء كيان الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أجاب محدثنا ‘’قبل ان نتحدث عن طبيعة اللقاء ، لا بد من الإشارة بأن نتنياهو هو الذي طلب اللقاء ، وزيارته لم تأتِ بدعوة من الزعيم الروسي بوتين والذي يعني بدءا بأن نتنياهو سيطلب من بوتين جملة أشياء هي رهن بالقرار الروسي أصلا ،وباعتقادي ، وبعد ترجيح كفة الحرب لصالح الحكومة السورية وخلق وضع جديد اكثر سوءا وخطرا على اسرائيل من عام 2011 ، وهو الوجود الإيراني الذي بات على مرمى حجر من الحدود الإسرائيلية مما يشكل خطرا فعليا يقلق تل ابيب ويجعلها في أقصى حالات التأهب على مدار الساعة ، لكل هذه الأسباب فإن المحور الاساس الذي سيغلب على لقاء بوتين - نتنياهو هو تأمين حدود الاراضي المحتلة ، وإيجاد منطقة عازلة لإبعاد القوات الإيرانية ان لم يكن اخراجها من كامل التراب السوري ،وتلك أمنية لإسرائيل لم تكن في حساباتها قبل بدء الحرب عام 2011›› .