تحترم وتقر الاستقلال والسيادة الإقليمية، والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة، وحقها في أن تعيش في سلام في نطاق حدود آمنه ومعترف بها، ومتمردة من أعمال القوة أو التهديد بها).
مما لا شك فيه أن هذا الجزء من القرار يعد دعامته الأساسية، لأن كل القواعد الأخرى الواردة فيه من انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة، وضمان حرية الملاحة في الممرات الدولية في المنطقة، وتحقيق تسوية عادية لمشكلة اللاجئين وضمان حدود كل دولة في المنطقة واستقلالها السياسي عن طريق إجراءات من بينها إنشاء مناطق منزوعة السلاح تعد النتائج الطبيعية لإنهاء حالة الحرب. ولذلك ليس غريبا من الناحية القانونية أن تأتي سائر هذه الأحكام مباشرة بعد النص في القرار على إنهاء الحرب، فيما عدا النص على الانسحاب الذي تصدر القرار.
وإذا كان القرار رقم 242/1967 قد قدم موضوع الانسحاب على إنهاء الحرب، فلعل ذلك كان تأكيدا من جانبه على التطور الذي مر به موضوع استعمال القوة في العلاقات الدولية والتأكيد على أحكام ميثاق الأمم المتحدة الخاصة بذلك، كما أنه يمكن النظر إلى هذه الواقعة على أساس أنها إشارة إلى كل الأحكام التي وردت في القرار مرتبطة بالانسحاب، الذي يعد النتيجة الطبيعية لتحريم استعمال القوة في العلاقات الدولية طبقا لأحكام القانون المعاصر، وهي بهذا المعنى تعد ردا صريحا على تلاعب إسرائيل بموضوع الانسحاب وتعليقه على إنهاء الحرب بمعاهدات صلح ثنائية تبرم بينها وبين الدول العربية.
نلاحظ أن قرار مجلس الأمن يقضي بإنهاء حالة الحرب دون تحديد للسيادة التي تم بها تحقيق هذه الغاية. فالقانون الدولي التقليدي كان يفرق بين وقف القتال وإنهاء الحرب، وان الهدنة وما يدخل فيها تعد للقتال مع بقاء حالة الحرب قائمة في حين أن الذي ينهي الحرب كان احد أمرين احدهما الضم نتيجة القضاء على النظام السياسي والشخصية الدولية للدولة المهزومة، والثاني الاتفاق على إنهاء حالة الحرب وهذا الاتفاق قد يكون صريحا في صلح، وقد يكون ضمنيا عندما يتم وقف القتال نهائيا بقصد عدم العودة إليه واستئناف العلاقات السلمية.
هذه الرسائل تنقلت إلى القانون الدولي في ظل التنظيم الدولي، الذي بالرغم من تحريم الحرب إلا أن الواقع الملموس منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وقيام الأمم المتحدة يؤكد قيام حالة الحرب في أكثر من منطقة العالم وفي تواريخ سابقة كما يدل على ذلك الوضع في الشرق الأوسط وفي الهند وفي كوريا، وغير ذلك من الأمثلة، ولكن وسائل وقف الحرب وإنهاء الحرب التي نشأت في ظل القانون الدولي التقليدي لابد أن تتأقلم مع الأوضاع القانونية الجديدة للجماعة الدولية في ظل التنظيم الدولي، فإذا كان وقف القتال في ظل القانون الدولي التقليدي يقوم أساسا على الاتفاق الذي يأخذ صورة الهدنة بالمعنى الواسع أو الضيق فان هذا الاتفاق ما زال أيضا من وسائل وقف القتال في الوقت الحاضر ولكنه لم يعد الوسيلة الوحيدة لذلك، لأنه بجانب الاتفاق على وقف القتال بصورة مؤقتة أو دائمة، أي الهدنة بالمعنى الدقيق يمكن أن يتم وقف القتال بقرارات تصدر من المنظمات الدولية، خصوصا منظمة الأمم المتحدة وقد رأينا أمثله لذلك ورأينا ثم الجمع بين الاتفاق وهذه الوسيلة في فترات مختلفة خلال الخمسين عاما الماضية من عمر أزمة الشرق الأوسط. وكذلك فان إنهاء الحرب قد تناثرت طرقه في ظل التنظيم الدولي، التقليدي كان يعرف لذلك طريقتين:
الأولى ... الضم وهي طريقة نسخت تماما من القانون الدولي المعاصر نتيجة لتحريم استعمال القوة في العلاقات الدولية، ففناء الدولة المهزومة والقضاء على نظامها السياسي وشخصيتها الدولية لم يعد من الممكن التفكير فيه بصورة عامة في العلاقات الدولية وهو في النزاع العربي الإسرائيلي غير وارد مطلقا بكل تأكيد بل أن القرار 242/1967، يقضي في ذات الفقرة التي تشير إلى إنهاء حالة الحرب إلى الاحترام المتبادل والإقرار المتبادل بالاستقلال والسيادة الإقليمية والاستقلال السياسي لكل دول المنطقة وحقها في أن تعيش في سلام وفي حدود آمنه وضمان حدود كل دولة واستقلالها السياسي.
واذا ما استبعدنا هذه الطريقة لسقوطها بالنسخ الصريح وإلغائها لتحريم نتيجة الحرب، فلا يبق إلا اتفاق كوسيلة لتحقيق الغاية الأولى من قرار مجلس الأمن رقم 242/1967 وهذا الاتفاق يمكن أن يكون صريحا في صورة معاهدة صلح ويمكن أن يكون ضمنيا كما استقر الأمر في القانون الدولي التقليدي, حيث لا ترى أن الأمر يختلف في هاتين الفقرتين. ويمكن أن يضاف إلى الاتفاق الصريح أو الضمني ثابتة تهون الطريقة التي نسخت وذلك بالقول بان مجلس الأمن يمكن له في نطاق الأحكام الواردة في المواد 40 – 41 – 42 أن يصدر بإنهاء حالة الحرب التي تقوم بين دول ما .. فان مجلس الأمن يستطيع أن يصدر قرارات بوقف القتال ولم ينازع احد في ذلك لان وقف القتال بقرار من مجلس الأمن يجد تبريره في المادة 40 من الميثاق الأمم المتحدة التي تشير إلى حقه في أن يدعو المتنازعين للأخذ بما يراه ضروريا أو مستحسنا من تدابير مؤقتة ولا تخل هذه التدابير المؤقتة بحقوق المتنازعين ومطالبهم أو بمركزهم .
ولما كان وقف القتال من الإجراءات المؤقتة فانه يدخل في الاختصاص الصريح لمجلس الأمن فقد يقال إن إنهاء إجراء دائم وبالتالي لا يمكن تأسيسه على أساس المادة 40 من ميثاق الأمم المتحدة، ولكن يمكن الرد على ذلك بأن مجلس الأمن يستطيع طبقا للمادتين 41-43 أن يقرر توقيع الجزاءات اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين - فإذا قرر تطبيق الجزاءات المنصوص عليها في المادة 41، وإذ لجا إليها فانه يكون من الطبيعي الاعتراف له بسلطة إصدار قرار بإنهاء النزاع طبقا لإحكام الميثاق. خاصة إذا لم يكن هناك اتجاه صريح أو ضمني لإنهاء النزاع بالاتفاق من جانب إطرافه ولا غرابة في ذلك فلقد سبق للجمعية العامة وهي لا تملك نفس اختصاصات مجلس الأمن أن قضيت في 29 نوفمبر/ 1947وبتقسيم دولة قائمة فلسطين، هو إجراء اخطر بكثير من إنهاء الحرب.