التي جرت الاحد الماضي بحوالي 52.7 % من اصوات الناخبين ، الى استكمال كل الخطوات اللازمة من اجل اعلان نفسه الحاكم الاوحد في البلاد واحكام سيطرته على مقاليد الدولة وأجهزتها..عبر البدء بتنفيذ صلاحيات غير مسبوقة في النظام السياسي التي وافق عليها الناخبون الأتراك خلال استفتاء افريل من العام الماضي. وتضم إلغاء منصب رئيس الوزراء وتعيين الرئيس لكبار المسؤولين من وزراء ونواب للرئيس ومنحه حق التدخل في النظام القانوني للبلاد وفرض حالة الطوارئ.
لقد اثبتت نتائج الانتخابات بمشاركة 87 بالمئة ان الرجل نال تفويضا شعبيا ليقوم بالإصلاحات المناسبة له ..اذ اظهر مرة جديدة قدرة على المناورة مع تمكنه من الفوز على منافسيه الذين يمثلون خمسة احزاب لعل اقواهم كان محرم اينجه عن الحزب الجمهوري والذي لم يحصل سوى على 30.7.% من مجموع الأصوات.
اردوغان الذي برز في المشهد التركي قبل 16 عاما يسعى بكل ثبات الى تكريس صلاحياته وتوسيعها عبر تكريس النظام الرئاسي لأول مرة في تاريخ البلاد، حيث شرع امس فور اعلان النتائج الى عقد اجتماع بحضور رئيس الوزراء بن علي يلدريم وعدد من الوزراء والمسؤولين من اجل تقييم عملية الانتقال الى النظام الرئاسي. ويعد اردوغان الرجل الاكثر اثارة للجدل في تاريخ البلاد، فبالرغم من تمكنه من تحقيق نمو اقتصادي كبير لبلاده جعلها في مصاف الدول المتقدمة، الا انه فرض تضييقا غير مسبوق على الحريات الاعلامية والسياسية خاصة بعد المحاولة الانقلابية التي اعتقل اثرها اكثر من 60 الف شخص، الامر الذي اثار انتقادات عديدة داخلية وخارجية ..ورغم ذلك إلاّ انه استطاع الفوز مرة اخرى متسلحا بعصا النمو الاقتصادي الذي لا تزال تركيا تحققه في عهده رغم كل الصعوبات والتحديات الداخلية والخارجية ..
فوز متوقع
في هذا السياق يرى الكاتب والسياسي الكردي زيد سفوك ان فوز اردوغان في انتخابات الرئاسة التركية كان متوقعا ، واضاف في حديثه لـ«المغرب» ان الاحداث في منطقة الشرق الاوسط باتت تكشف عن الانظمة الحاكمة ومدى بقائها، تركيا والقوى العظمى بحاجة الى بقاء اردوغان الذي يمسك بملف الاسلام المتشدد والمتطرف ويحرك خيوط اللعبة في المنطقة كما حصل في ثورة مصر وتولي الاخوان المسلمين تماما ، اردوغان هو رجل المرحلة في معركة الطوائف والمذاهب ويدعي بانه حامي الاسلام ، وهنا اقول يدعي لان من يتعمق داخل المجتمع التركي سيشهد بان هذه الدولة هي علمانية واقتصادها المتين مبني على السياحة ذات الرفاهية المطلقة». اما عن تداعيات فوزه فأضاف:«بالنسبة لتداعيات فوزه فهي كما سبق استمرار الصراع والقتال في المنطقة لان الملف السني والشيعي مازال قائما والصراع المصطنع بينهما ما زال قرار استمراره ساري المفعول ، لن يتغير شيء الى الافضل اقله بالنسبة لسوريا ودول الجوار ، فالسلطة الحاكمة ما زالت ترفض الاعتراف بحقوق القوميات والاقليات ، وتتمسك بغطرسة القوة العسكرية ، بالإضافة الى تحالفها المتين مع موسكو صاحبة الخيار العسكري في كل شيء» .
بُعد اقليمي ودولي
من جانبه اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الاردني وليد العويمر أن فوز الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بفترة رئاسية جديدة سيكون له تأثير قوي في قضايا المنطقة العربية، خصوصا القضايا التي لها اثر مباشر على الدولة التركية، مثل القضية السورية والقضية العراقية بحكم وجود مشاكل عديدة بين الدولة التركية وهذه الدول خاصة النظام السوري، والجماعات الكردية المعارضة التي تتخذ من شمال العراق مركزا لانطلاقها للضغط على الدولة التركية.
واضاف في حديثه لـ«المغرب» بالقول :« إن فوز الرئيس اردوغان بفترة رئاسية جديدة سيكون له اثر واضح في المرحلة المقبلة تجاه مختلف قضايا المنطقة العربية، خصوصا أن الرئيس اردوغان كان له دور رئيسي في تحول نظام الحكم في تركيا من نظام برلماني إلى رئاسي، حيث قام بإجراء إصلاحات وتعديلات دستورية عديدة أعطت موقع الرئاسة مزيدا من الصلاحيات على حساب البرلمان، ومن ثم ونظرا لوجود رغبة سابقة للرئيس اردوغان بالتوجه بقوة نحو المنطقة العربية ستعطي هذه التعديلات الدستورية مزيدا من القوة له لكي يمضي قدما بدور القوة الإقليمية المؤثرة في قضايا الشرق الأوسط، مما سيخفف من التدخلات الإيرانية والإسرائيلية في القضايا العربية خصوصا القضية الفلسطينية والعراقية والسورية».
واضاف :«ان لدى الرئيس اردوغان رغبة وطموح في تولي دور الزعامة في المنطقة وسيعزز من هذا التوجه الصلاحيات الرئاسية العديدة التي منحها لموقع الرئاسة بالإضافة للتعديلات التي وعد بإجرائها حال إعادة انتخابه مرة أخرى. اعتقد أن المرحلة القادمة ستشهد مزيدا من الانغماس التركي في قضايا المنطقة العربية وسيكون هذا التدخل لصالح القضايا العربية وسيحد بشكل كبير من الضغوط الأمريكية والإيرانية والإسرائيلية وستحدث المواقف التركية نوعا من التوازن في المنطقة بحيث لا تميل الكفة بشكل كبير لصالح قوى إقليمية أخرى لديها أجندات مشبوهة تسعى من خلالها لاستغلال المنطقة العربية لخدمة مشاريعها التوسعية على حساب الدول العربية».