جولة رئيس وزراء «اسرائيل» الأوروبية: هل هي جسّ نبض لموقف أوروبا بخصوص خيار عسكري ضد إيران؟

بدأ رئيس وزراء كيان الإحتلال الإسرائيلي بينامين نتيناهو الإثنين جولة أوروبية قادته

الى المانيا بداية ثم فرنسا تلتها بريطانيا، في جولة سببها الأوّل إن لم يكن الوحيد إيران والاتفاق النووي الذي يجمعها بالغرب وتأثيرات ذلك على امن الكيان واستقراره . ولعلّ تركيز نتيناهو على زيارة هذه الدول بصفة خاصة فهو لكونها طرفا في الاتفاق الغربي الذي يجمع الدول الأوروبية بطهران بعد سنوات من الجدل حول برنامجها النووي المثير للجدل .
وشملت الجولة لقاء بين نتنياهو والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل وأيضا لقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي ، كلها تنزلت في إطار محاولات اسرائيلية حثيثة لإقناع هذه الدول بالانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران على غرار انسحاب الولايات المتحدة الامريكية في الـ8 من ماي المنقضي .

وخلال اللقاءات التي جمعته بالقادة الاوروبيين أكد نتيناهو أن ‘’الملف الرئيسي الذي يحمله معه في جولته الأوروبية هو التحذير من «خطر» إيران و»عدوانها» في المنطقة’’ على حد تعبيره. ويرى مراقبون ان استغلال الجانب الاسرائيلي للانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي ومحاولات الضغط لإقناع باقي الاطراف كان امرا متوقعا منذ البداية خاصة في ظل العداء الدائم بين طفلة امريكا المدللة «اسرائيل’’ من جهة وإيران ذات النفوذ في عدد كبير من دول المنطقة من جهة اخرى.

وكان للدور الذي تلعبه ايران في المشهد السوري دور في جعل اسرائيل المتدخلة بدورها في المعادلة السورية ، كان احد اهم اسباب اندلاع مواجهة خفية حينا ومعلنة أحيانا أخرى بين الجانبين . إذ يخيف الوجود العسكري الإيراني في سوريا واليمن والمنطقة بشكل كبير «اسرائيل’’ المدعومة من امريكا كما يزيد أيضا هذا النفوذ المتنامي لطهران مخاوف دول الخليج التي تتّهم طهران بتمويل الارهاب والتدخل في شؤونها القومية.
ويرى متابعون أن لهجة ‘’اسرائيل’’ اشتدت حدّتها بعد تهديد إيران باستئناف برنامجها النووي وهو ما اعاد الى الواجهة الخيار العسكري ضد طهران والذي قد تتبناه ‘’اسرائيل’’ في حال حصلت على ضوء أخضر أوروبي.

أبعاد عديدة
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي السوري د.سومر صالح في حديثه لـ«المغرب» ان» «إسرائيل» حليفٌ رئيسيٌّ خارج الناتو اختصاراً «MNNA»، ورغم التوسع في علاقات «إسرائيل» مع منظمة شمال الأطلسّي وأخرها الاشتراك في مناورات «عدائية» على حدود روسيا الغربية، إلاّ أنّ خلافاً كبيراً برز في علاقات الطرفين تجلى في تصريح أمين عام حلف شمال الأطلسي (ناتو) «ينس ستولتنبرغ» أنّ الحلف لن يُقدم على مساعدة إسرائيل دفاعياً في حال هاجمتها إيران، لذلك توضع هذه الزيارة في إطارين أساسيين: الاطار الأول اختبار «إسرائيل» لحقيقة النوايا الأوروبية بشأن البرنامج النووي الإيراني وليس فقط الاتفاق النووي الإيراني (اتفاق فيينا) مع ظهور الخلاف العميق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول استمراريته ووجوب احترام القرار الدوليّ(2231) الذي انتهكته واشنطن، والإطار الثاني جسّ نبضٍ «إسرائيليّ» لطبيعة النوايا الأوروبية لمستقبل «صفقة القرن» بعد اكتمال عناصرها في المخطط الأمريكي/الخليجي، فهل ستقف أوروبا مع الولايات المتحدة في موضوع القدس واللاجئين الفلسطينيين في محاولة التصفية النهائية لهذين الملفين؟’’.
وأضاف الكاتب السوري ان «حكومة نتيناهو تخشى الموقف الأوروبي سيما مع موقفٍ «شبه موحد» لدول أوروبا حول رفض نقل السفارات إلى القدس المحتلة أسوةً بالموقف الأمريكي، ولو أخذنا خطورة الهجمات العدائية «الإسرائيلية» على سوريا والحرب الدعائية الكبيرة التي يشنها الإعلام العبريّ على التواجد الإيرانيّ في سورية يمكن معها تنبؤ هدف نتنياهو الحقيقيّ من هذه الزيارة وهو جسّ نبضٍ إسرائيليٍّ لموقف أوروبا (الفعليّ وليس السياسيّ) فيما اذا قامت حكومة العدو الإسرائيليّ بشنّ ضرباتٍ على البرنامج النووي الإيراني» وفق تعبيره.

اسباب اقتصادية
واكد محدثنا انه لا يمكن إهمال الاعتبار الاقتصاديّ لهذه الزيارة وهي تقديم أوراق اعتماد خط غاز شرق المتوسط (أيست ميد) من شرق المتوسط إلى قبرص إلى اليونان وأفاق هذا الخط في ظلّ إصرارٍ ألمانيّ على خط السيل الشمالي2 وإصرار دول شرق وجنوب شرق أوروبا على خطي غاز (السيل التركي وخط (تاناب- تاب) العابر للأدرياتيكي أحد تحديثات مشروع نابوكو (المصغر)، بما يضع هذا الخط الاقتصاديّ في منافسةٍ اقتصاديةٍ وسياسيةٍ مع باقي المشاريع الطاقوية...

وأشار د. سومر صالح الى أنّ الزيارة (مبدئياً) فشلت في تحقيق أهدافها المباشرة الخاصة بموضوع (هدم) الاتفاق النووي الإيراني، ولكنها يتوقع أن تشكّل صدوعاً في الرؤية الأوروبية قريباً وهو ما قد يدفع الاتحاد الأوروبي إلى الضغط على إيران أكثر بموضوع «تقليص» التواجد «الاستشاري» في المنطقة كشرطٍ سياسيّ أوروبيّ على الجمهورية الإيرانية للاستمرار الأوروبي في الوقوف في وجه إدارة ترامب ونتيناهو في آنّ للحفاظ على اتفاق فيينا النووي على حد قوله.

ووتابع «انطلاقاً من إمكانية الضغط الأوروبي على ايران بمسألتين الأولى مسألة الصواريخ البالستية الإيرانية والمسألة الثانية التواجد « الاستشاري» الإيراني في المنطقة، يمكن وضع قرار الجمهورية الإسلامية الذي أعلنه بهروز كمالفندي، نائب رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، «أن طهران مستعدة لتسريع عملية تخصيب اليورانيوم إذا ما انتهكت واشنطن الاتفاق حول النووي الإيراني»، وبالتالي هذا الإعلان هو رسالة جوابية إيرانية من جهة «إذا لم يتم تمديد نظام رفع العقوبات باعتبار ذلك سيكون انتهاكا لخطة العمل الشاملة المشتركة»، ورسالة استباقية تحذيرية لأوروبا من جهة أخرى اذا تساهلت مع مطالب نتينياهو».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115