كامل من الرئيس ترامب الذي قدّم القدس هدية للكيان الصهيوني الإرهابي في أكبر صفقة حصلت عليها إسرائيل منذ قيامها، مستغلاً في ذلك ضعف القيادة الرسمية والصراع بين الفصائل الفلسطينية، ومستخدماً كل أشكال الإنقسام والفوضى السياسية بصنيعة أمريكية وإسرائيلية وبمساعدة دول عربية، كي يمرروا مشروعاً هو الأكثر خطورة على القضية الفلسطينية من كل المشاريع السابقة....
لكن الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل لم تدركا أن الأرض تنتصر في النهاية لمصلحة أصحابها الحقيقيين، لأن أصحاب الأرض هم الذين يروونها بدمائهم الزكية ويدافعون عنها بشجاعة وبسالة، وثمة مقولة رددها بعض القادة الغربيين ، مفادها أن الفلسطينيين سينتصرون حتماً فى معركتهم، وهو ما لم يدركه بقية الإسرائيليين حتى الآن. ينشغل العرب اليوم بهموم كثيرة بعضها ذو عناوين سياسية ترتبط بتطورات الشرق الأوسط في ظل ما يسمى بالربيع العربي، والبعض الآخر يدخل في دائرة الهموم الاقتصادية والاجتماعية متناسين حماية القدس من دنس العدو الصهيوني الغاصب، ووقف كل الانتهاكات من قبل عصاباته للقدس ومقدساتها بحيث لم يعد هناك قضية قومية واحدة، على عكس ما كان العالم العربي يشيد حتى ثمانينات القرن الماضي إنه جسد واحد تنتفض كل أعضائه إذا مس عضو فيها، خاصة في ظل خطة ترامب التي تسعى الى تصفية القضية الفلسطينية، وهنا ندرك تماماً بأنها لن تجلب إلا الضعف والخزي للأمة العربية، ولن تصب إلا في مصلحة الغرب والكيان الصهيوني من خلال تسويق مشاريع ستعمل على هدم الدولة الفلسطينية، وإلغاء للقضية الفلسطينية وحق العودة، بحيث تقام دولة فلسطينية بلا سيادة، إضافة إلى الاعتراف بيهودية «الدولة الإسرائيلية»، والذي سيقضي على الوجود العربي الفلسطيني وحقوقهم المشروعة.
وبالرغم من حالة الضعف التي تستغل الآن من قبل الولايات المتحدة وحليفها الكيان الصهيوني، من أجل الإلتفاف على الحق الفلسطيني والعربي، تبقى القضية الفلسطينية والحقوق الثابتة خطاً أحمر، لا يسمح بتجاوزه أو التنازل عنه، فمقدسات القدس هي لكل المسلمين، والمساس بها يفجر غضبهم وغضب الشارع العربي، وستكون القضية الفلسطينية هي طريق الإجماع بين كافة الشعوب العربية، التي ترى إسرائيل عدواً مغتصباً مهما تم من إجراء جراحات تجميلية لوجهها المشوه ويدها الملوثة بدمائنا.
نحن الآن أمام تحد كبير يتطلب التغيير في الإستراتيجيات والأدوات لأنه لم يعد بالإمكان بالطريقة القديمة أن نصل إلى نتائج ملموسة، فإسرائيل لن تقبل العملية السياسية وكل المبادرات التي تبذل من هنا وهناك للوصول إلى حل للقضية الفلسطينية، فالخيار الأفضل حالياً للتعامل مع الإحتلال هو العودة إلى الكفاح والمقاومة بكل أشكالهما، وكسر حال الصمت لمواجهة العملية الإستيطانية والتهويد المستمر للقدس. كما لا بد من تكوين إرادة عربية وإسلامية حقيقية تتبنى خطة إستراتيجية تبدأ بإتمام المصالحة الفلسطينية، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل وفقا للمصالح العليا للشعب الفلسطيني ، ولابد من تنشيط لجنة القدس المنبثقة من منظمة التعاون الإسلامي، والوصول إلى موقف عربي موحد لحل القضية الفلسطينية . وأخيراً أختم مقالتي بالقول، إن القضية الفلسطينية لا يمكن ان تتآكل لأنها قضية حق وحق تاريخي، ومهما حاول أعداء الأمة تغّييب القضية الفلسطينية عن الشعوب العربية فإنها لن تغيب وستبقى القدس وقود الثورات العربية وستبقى في قلوب كل السوريين ولن تغيب عن أذهانهم وستبقى حافزاً لتحركاتهم وثوراتهم. وأن المسجد سيظل إسلامياً خالصاً لا يقبل القسمة، وإنه لن يكون فيه موطئ قدم للاحتلال ومتطرفيه مهما بلغت غطرستهم وعربدتهم من خلال صمود أبناء الشعب الفلسطيني الذين يرابطون للدفاع عن الأقصى بصدورهم العارية، وسيبقى الأقصى الشريف قبلة المسلمين الأولى وثالث المسجدين عنوان القضية الفلسطينية ورمز عزتها، وأن مدينة القدس والمسجد الأقصى لن نستعيدهما إلا بالمقاومة بكل أشكالها.