الانتخابات البرلمانية في العراق: صعود مفاجئ للتيار الصدري والحشد الشعبي وتغيرات متوقعة في المشهد

مثّلت النتائج الأوليّة للانتخابات البرلمانيّة العراقية التي أجريت أمس الأول الأحد مفاجأة للساحة السياسية العراقية وأيضا على المستوى الإقليمي

خاصّة بعد أن بيّنت نتائج أغلب المدن تقدم قائمتين مناهضتين للتركيبة السّياسية الحالية ،علاوة على الفرق الكبير في النتائج مع رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي كانت التوقعات تشير إلى احتمال فوزه بأغلبيّة لما يحظى به من دعم داخلي وخارجي بعد النصر الذي حقّقته حكومته في الحرب ضدّ تنظيم «داعش» الإرهابي.

ورغم العزوف الكبير للناخبين -حيث بلغت نسبة المشاركة 44 بالمائة مقارنة بـ60 بالمائة سنة 2014- فإنّ تقارير إعلامية عراقية أكدت أن القائمتين اللتين حقّقتا نتائج غير متوقّعة الأولى بقيادة الزعيم الشيعي الشعبي مقتدى الصدر والشيوعيين والثانية الّتي تضم فصائل الحشد الشعبي المقرب من إيران والّتي كان لها دور كبير في الحرب ضد الإرهاب. ويرى مراقبون ان هذا الصعود المفاجئ سيخلق تداخلا وتضاربا في مصالح الدول الاقليمية والدولية التي تسجل حضورا ونفوذا في الداخل العراقي على غرار إيران تركيا والولايات المتحدة الامريكية ايضا. إذ تعيش طهران هذه الاونة حربا ضروسا تشنها ضدها امريكا وحلفاؤها بالتالي فان صعود اطراف مدعومة من طهران في الانتخابات العراقية سيزيد لا محالة من الضغط الذي تمارسه واشنطن ضد طهران خوفا من مزيد توسع نفوذها في المنطقة .

وبخصوص أبعاد النتائج المسجلة مبدئيا قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي نصيف الخصاف في حديثه لـ«المغرب» أنّ «هذه أول انتخابات بعد هزيمة «داعش» الارهابي وأول انتخابات بعد تنامي الاحتجاجات المطلبية للمواطنين التي خلقت تيارا رافضا لكل حزب وشخصية مشاركة في السلطة وأيضا أوّل انتخابات ائتلف فيها الإسلامي مع المدني مع الشيوعي مع الليبرالي خاصة في تحالف سائرون الذي ضمّ حزب استقامة التابع للسيد مقتدى الصدر مع الحزب الشيوعي العراقي».

وتابع محدّثنا أنّ الاحتجاجات والمظاهرات قد أفرزت تيارا اجتماعيا رافضا لكل ما يمت الى أحزاب السلطة بصلة بسبب فشلها الإداري وتهم الفساد التي تطال أغلب أفرادها البارزين وبسبب عجزها عن تقديم الخدمات للمواطنين رغم الموارد الضخمة خلال السنوات الماضية وفق تعبيره ، مضيفا انّ النتيجة كانت خسارة «القوائم الكبيرة»لمقاعدها في مجلس النواب خاصة تحالف دولة القانون بزعامة نوري المالكي وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم رغم الإنفاق الهائل على دعايتها الانتخابية ما يعني وجود رغبة شعبية عارمة بالتغيير وكانت النتيجة تتفق مع هذه الرغبة على حد قوله .

وأشار الخصاف إلى أنّ «تحالف سائرون استطاع الحصول على 54 مقعد وهو الاعلى بين القوائم لسببين الأول لأنّ التحالف تجاوز الأطر التقليدية التي كانت سائدة والتي كانت تعتمد الاطر والخطاب الطائفي والقومي ، ولأنه لا يضم شخصا «نائبا او وزيرا» سابقا باستثناء ماجدة التميمي وعدد صغير آخر وهم نواب مشهود لهم بالنزاهة والحضور الجماهيري الفاعل بالإضافة طبعا الى ان قاعدة كل من التيار الصدري والحزب الشيوعي هي من ابناء المناطق الفقيرة التي ازدادت فقرا في ظل نظام المحاصصة السّابق الذي اتسم بالفساد والفشل والخراب وحدت جماهيرهما الاحتجاجات المطلبية والتظاهرات في ساحة التحرير وسط بغداد وفي باقي المحافظات» .

تحالفات متوقعة
وحول توقعات التحالفات المقبلة قال محدثنا ان «الأقرب الى تحالف سائرون هو تحالف النصر بزعامة السيد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي ومن الاحزاب الكردستانية حزب الاتحاد الوطني وحركة تغيير وتحالف من أجل الديمقراطية والعدالة وربما ستتشكل الحكومة المقبلة من هذه القوائم مع ان كل الاحتمالات واردة فقد تسعى القوائم الاخرى للاتحاد لتشكيل كتلة اكبر وهو احتمال قائم».

وأضاف ان «تحالف الفتح الذي يضم الاحزاب والحركات التي تمتلك فصائل مسلحة ساهمت في الحرب ضد «داعش» الارهابي على وفاق وتفاهم مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي قد يستقطب الحزب الديمقراطي الكردستاني الى صفه رغم الخلافات التي كانت بينهما سابقا، وقد يضغط أعضاء حزب الدعوة على جناحي الحزب لتوحيد قائمتيهما بقائمة واحدة من أجل الاحتفاظ برئاسة الوزراء للدعوة ولكنه يبقى احتمالا ضعيفا لحجم تراكمات السنوات الأربع بين رئيسي الجناحين اقصد جناح نوري المالكي وجناح رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي».

وحول تأثير دول الجوار على المشهد السياسي المقبل اجاب محدثنا انه لا يمكن إغفال تأثيرات دول الجوار والتأثير الدولي على تشكيل الحكومة المقبلة ، مشيرا الى ان المؤكد ان قائمة سائرون لا يمكن ان تدخل تحالف يضم نوري المالكي لأسباب كثيرة وقد عبر بعض قادة القائمة عن امكانية ان تتحول القائمة الى المعارضة في حال فشلها في تشكيل حكومة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115