أعلنت ‘’اسرائيل’’ أمس الخميس تنفيذها سلسلة غارات جوية ضد عشرات الاهداف ‘’الإيرانية’’ في سوريا، ردا على ما قالت انه اطلاق صواريخ على مواقعه في هضبة الجولان المحتلة متهمة ايران بالوقوف وراء ذلك. ويعد هذا التطوّر الذي استمر طيلة ليل الخميس تصعيدا غير مسبوق بين البلدين في الاجواء السورية، رغم ان ايران نفت ان تكون قد اطلقت أي صورايخ باتجاه الأراضي المحتلة.
ويصف مراقبون التصعيد الاخير بين البلدين العدوين بأولى تداعيات الحرب الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي المثير للجدل بين القوى الغربية من جهة وايران من جهة اخرى. وفتح انسحاب واشنطن الذي لطالما هدد به الرئيس الحالي دونالد ترامب ، خطوة كبيرة نحو اندلاع حرب بين طهران وإسرائيل حليفة واشنطن المدللة في الشرق الاوسط وذلك في الميدان السوري. اذ لطالما اتهمت الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها الخليجيون بالاضافة الى اسرائيل طهران بالتدخل في شؤون دول الشرق الاوسط وبث الفتنة ودعم الارهاب والإرهابيين وهو ماتنفيه ايران . ووفق مراقبين كان للدور والنفوذ الكبيرين اللذين تلعبهما ايران في دول المنطقة وعلى رأسهم سوريا واليمن والعراق ولبنان ايضا دور كبير في هذا الموقف الامريكي والذي يدل على نية امريكا وحلفائها شن حرب علنية على إيران، بدءا بإعادة وتشديد العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها وأيضا محاولة ضرب نفوذها وتحجيم دورها في المنطقة الشرق اوسطية.
وهي المرة الأولى التي تتهم فيها ‘’إسرائيل’’ ايران باستهدافها من سوريا منذ بدء النزاع في هذا البلد قبل ثماني سنوات، في تصعيد يأتي في خضم التوتر القائم بين الولايات المتحدة وايران بعد اعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الايراني.وأطلقت عشرات الصواريخ ليلاً من الأراضي السورية باتجاه الجزء المحتل من قبل ‘’اسرائيل’’ في هضبة الجولان، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان وأكد النظام السوري مقتل 3 اشخاص وإصابة شخصين اخرين بالإضافة الى تدمير مخزن للذخيرة ، فيما نجح النظام الجوي السوري في اعتراض عدد كبير جدا من الصورايخ الاسرائيلية . وقالت تقارير اعلامية أن الصواريخ الإسرائيلية استهدفت مواقع عدة ايرانية وتابعة لحزب الله اللبناني في جنوب البلاد ووسطها وفي محيط دمشق.
ودعا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى «نزع فتيل التصعيد» بين البلدين، بحسب ما اعلنت الرئاسة الفرنسية امس الخميس.اما روسيا فدعت اسرائيل وايران الى «ضبط النفس» وقال نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف «لقد اجرينا اتصالات مع الجانبين وندعوهما الى ضبط النفس».
بين إيران و«اسرائيل»
ولئن خلّفت التطوّرات الكبيرة التي يعيش على وقعها الشرق الاوسط في الآونة الاخيرة قراءات مختلفة حول تأثيرات ذلك على صراع النفوذ الذي يطبع المنطقة منذ سنوات وأبرزه الصراع السني الشيعي بين ايران من جهة والمملكة العربية السعودية وحلفائها من جهة اخرى وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وذراعها في المنطقة اسرائيل ، فقد اعتبر متابعون المتغيّرات الأخيرة بادرة حرب بين مختلف الاطراف المُتداخلة في الشرق الأوسط. ولعلّ التطوّرات الأخيرة سواء المتعلّقة بالمواجهة بين ايران و’’إسرائيل’’ أمس الخميس ، وبالأزمة السورية والعدوان الثلاثي الأخير الذي نفذته بريطانيا أمريكا وفرنسا ضدّ نظام الأسد وماخلّفه ذلك من مواجهة معلنة تارة وخفية تارة أخرى بين طهران وأوروبا وأيضا وكلائهم وحلفائهم في المنطقة .
وتزامنا مع تطورات المشهد السوري انذاك حذّر وزير مقرّب من رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو من ان حياة الرئيس السوري بشار الاسد ستكون مهددة اذا سمح لإيران بشن حرب على اسرائيل انطلاقا من سوريا ، ويربط مراقبون تلك المخاوف الاسرائيلية برفع امريكا يدها عن الاتفاق النووي بما يعد بدخول المنطقة في نفق مظلم .
كما زاد التوتر بين ايران من جهة والكيان الصهيوني من جهة اخرى بعد إسقاط طائرة إسرائيلية بدفاعات جوية سورية، ردا على إعلان إسرائيل إسقاطها طائرة بدون طيار إيرانية انطلقت من سوريا إلى فضائها الجوي- وهو ما اعتبره متابعون شرارة حرب إقليميّة محتملة.
يشار الى أنّ «إسرائيل» طفلة امريكا المدللة لطالما تدخلت في المشهد السوري سواء بشنها أكثر من 100 ضربة جوية داخل سوريا زاعمة أنّها كانت موجّهة ضد أسلحة إيرانية مخصصة لجماعة حزب الله، وأيضا تدخّلاتها المستمرّة بطرق غير مباشرة مدعومة بذلك بقرارات الدبلوماسية الأمريكية التي زاد انحيازها الى كيان الاحتلال منذ تولي دونالد ترامب الحكم. ويثير الوجود العسكري الايراني في سوريا واليمن والمنطقة بصفة عامة لا فقط مخاوف امريكا و’’اسرائيل’’ بل ايضا مخاوف دول الخليج التي تتّهم طهران بتمويل الارهاب والتدخل في شؤونها القومية.