قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية من «تل ابيب» إلى القدس: تعارض كلي مع قرارات الشرعية الدولية

بتاريخ 29 نوفمبر 1947 اتخذت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة قرارا رقم 181(2) الذي نص على إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيمها إلى دولتين

مع الحفاظ على إتحاد اقتصادي بينهما وتحويل القدس بضواحيها إلى وحدة إقليمية مستقلة ذات وضع دولي خاص... من هنا نرى بأن الحل الجذري للمشكلة الفلسطينية لا يمكن تحقيقه إلا على أساس قرار 181 الذي يمنح كلا شعبي فلسطين حق الوجود المستقل المتكافئ.

إلا أن إسرائيل منذ قيامها حتى تاريخه تستمر بخرق أصول ميثاق هيئة الأمم المتحدة، الذي يطالب بالاعتراف بحق كل شعب في تقرير المصير والسيادة الوطنية والاستقلال، وعلاوة على ذلك استمرارها غير المبرر في احتلال أراضي غير المجاورة لحدودها عن طريق شنّها للحروب المُتعاقبة. ففي عام 1967 أتخذ مجلس الأمن قرارا رقم 242، الذي نصّ على سحب القوّات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها خلال حرب جوان 1967 وضرورة إحلال سلام وطيد عادل في الشرق الأوسط. وبما أن الاحتلال الإسرائيلي بقي على الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية ، قطاع غزة والقدس الشرقية) فإن البت في مستقبلها بعد انسحاب القوات الإسرائيلية ليس مجرد مهمة إنسانية بل هي قضية ذات طابع دولي سياسي صرف ولها علاقة مباشرة بمسألة إحقاق الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني. وتبدي الأوساط الحاكمة الإسرائيلية حرصها بخاصة على القدس التي أعلنت إسرائيل قسمها الغربي بصورة غير مشروعة عاصمة لها منذ عام 1950. وكانت هذه الخطوة المخالفة للقانون قد رفضت بحزم من جانب المجتمع الدولي...وفي 7 جوان 1967. احتلّت إسرائيل مدينة القدس بأكملها. عقب عدوانها الذي بدأ في 5 جوان من نفس العام.. وفي أوت عام 1980 أقدمت ‹›إسرائيل›› على ضمّ القدس المحتلة. واعتبرتها عاصمتها الموحّدة.

وإذا لاحظنا تاريخ الضم. ضم إسرائيل لمدينة القدس؛ وكذا تاريخ ما أقدم عليه الكنيست الإسرائيلي من تشريع القانون الأساسي. الذي فحواه: أن القدس عاصمة إسرائيل ، حيث نصت المادة الأولى منه على أن: «القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة إسرائيل » (30 جويلية 1980). وهو «القانون -التشريع». الذي قام على أساسه الضم.. نقول: إذا لاحظنا هذا وذاك. يتبدى واضحاً أن إسرائيل : وإن كانت. خلال سلامها مع مصر. تخفي مطامعها في تكريس ضم القدس نهائياً وتوحيدها تحت السيادة الإسرائيلية؛ فإنها فيما يبدو لم تعد تجد حاجة لإخفاء شيء بعد التوقيع على المعاهدة «المصرية - الإسرائيلية» (في: 26 مارس 1979).

واستناداً إلى قانون الكنيست المشار إليه، أصبحت إسرائيل تعتبر السيادة الكاملة على القدس حقاً لها، لا ينازعها فيه أحد. ضاربة عرض الحائط القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن: إما تحذيراً لها من مغبة اتخاذ قرار كهذا (القرار رقم 476). أو استنكاراً للقرار الإسرائيلي واعتباره باطلا وفقاً لـ «الشرعية الدوليّة» (القرار رقم 478).

والواقع. أن هذه لم تكن المرة الأولى التي تضرب فيها إسرائيل عرض الحائط القرارات الدولية.. إذ يمثل قرار إسرائيل باتخاذ القدس عاصمة أبدية لها. تحدياً صارخاً للشرعية الدولية وقراراتها.. وفي مقدّمتها: القرار رقم 250 لعام 1968. والقرار رقم 253 لعام 1968. الذي اعتبر جميع الإجراءات الإدارية والتشريعية التي قامت بها إسرائيل - بما في ذلك مصادرة الأراضي والأملاك - الّتي من شأنها أن تؤدي إلى تغيير في الوضع القانوني للقدس. إجراءات باطلة.

وفي الأول من جويلية 1969 أكدت الولايات المتحدة أمام مجلس الأمن - مرة أخرى- على لسان السفير شالز يوست مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة «أن القدس التي وقعت تحت سيطرة “إسرائيل” في حرب 1967 مثلها مثل مناطق أخرى احتلتها “إسرائيل” - تعتبر منطقة محتلة تخضع لنصوص القانون الدولي الذي ينظم حقوق والتزامات دول الاحتلال التي تقضي بأن دولة الاحتلال لا يحق لها أن تحدث تغييرات في القوانين والإدارة» وفي إطار الخطابات المتبادلة الملحقة بوثائق كامب ديفيد حول القدس، ورد برسالة الرئيس جيمي كارتر إلى الرئيس أنور السادات، بتاريخ 22 سبتمبر 1978 «أن موقف الولايات المتحدة بشأن القدس يظل هو نفس الموقف الذي أعلنه السفير جولد برج أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14 جويلية 1967 وهو ما أكده من بعده السفير يوست أمام مجلس الأمن في أول جويلية 1991» وكذلك جاء في رسالة التطمينات الأمريكية إلى الفلسطينيين بتاريخ 18 أكتوبر 1991، أن الولايات المتحدة تفهم الأهمية التي يعلقها الفلسطينيون على مسألة القدس الشرقية.

ولهذا نريد أن نطمئنكم إلى أن لا شيء مما سيقوم به الفلسطينيون لاختيار أعضاء وفدهم في هذه المرحلة من العملية - سيؤثر على مطالبتهم بالقدس الشرقية أو يشكل حكماً مسبقاً أو سابقة لما سينتج عن المفاوضات، ويبقى الموقف الثابت للولايات المتحدة متمثلاً في أنه يجب ألا تعود مدينة القدس مقسمة مرة أخرى وأن وضعها النهائي يجب أن يتم تحديده بالمفاوضات، ولهذا لا نعترف بضم “إسرائيل” للقدس الشرقية أو توسيع حدودها البلدية، ونشجع كل الأطراف على تجنب الإجراءات من جانب واحد، والتي قد تزيد من حدة التوتر المحلي أو تصعب من المفاوضات أو تستبق تقرير نتائجها النهائية.. وبالإضافة لذلك فإن موقف الولايات المتحدة يتمثل أيضاً في أنه بإمكان فلسطينيي القدس الشرقية المشاركة بالتصويت في انتخابات سلطة حكم ذاتي انتقالية.. وتساند الولايات المتحدة حق الفلسطينيين في طرح أية مسألة بما في ذلك مسألة القدس الشرقية، على مائدة المفاوضات، وفي وضوح شديد أكد إعلان المبادئ الفلسطيني - الإسرائيلي الموقع في واشنطن في 13 سبتمبر 1993 في المادة 5/3 الخاصة «الفترة الانتقالية ومفاوضات الوضع الدائم» إنه من المفهوم أن هذه المفاوضات سوف تغطي القضايا المتبقية، بما فيها القدس واللاجئون، والمستوطنات، الترتيبات الأمنية، الحدود، العلاقات والتعاون مع جيران آخرين، والمسائل الأخرى ذات الاهتمام المشترك»، كما نصت الفقرة الرابعة من نفس المادة على اتفاق الطرفين على أن «لا تجحف أو تخل اتفاقيات المرحلة الانتقالية بنتيجة مفاوضات الوضع الدائم».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115