الارهاب في ليبيا يعود الى تهاون الامم المتحدة حيال حل المليشيات وجمع السلاح وتجاهل ملف المصالحة الوطنية تاركة المجال للصراعات القبلية المسلحة. وحتى المبعوث الاممي الحالي لم يتفطن لأهمية المصالحة إلا في وقت متأخر جدا ، علاوة على تغاضي البعثة عن تطبيق قرار تجميع السلاح .
لكن الاتهامات لا تطال فقط البعثة الاممية بل ايضا اطرافا داخلية اذ يحمل البعض رئيس المجلس الرئاسي مسؤولية ما يحدث من ضخ الاموال لكثير من الكتائب المسلحة الداعمة للارهاب . لكن المتتبع للمشهد يرى ان المجتمع الدولي هو الذي فرض عليه دخول طرابلس وتكليف مجموعات مسلحة مؤدلجة لحمايته. وايضا داخل المجلس الرئاسي نفسه تواجدت اسماء بعيده عن الاعتدال وحتى الشخصيات المعتدلة انسحبت مبكرا من الرئاسي مثل علي القطراني . موسى الكوني وعمر الاسود . ليس هذا فحسب بل ان رئيس حكومة الوفاق فائز السراج وجد نفسه مجبرا فجأة على اعلان الحرب على ‘’داعش’’ الذي سيطر على سرت واقام امارة اسلامية . فشكل السراج ما يعرف بالبنيان المرصوص ولم تفوت الجماعات الارهابية الفرصة وانضمت للعملية لمصالح مادية. مقابل ذلك فتحت طرابلس ابوابها لاحتضان الارهابيين الفارين من بنغازي . وفي النهاية ما الذي حصل كيف قابل هؤلاء الارهابيون احسان طرابلس ؟.الا ان الاهم هو ان الارهاب كشف عن حقيقته في طرابلس بعد ما كانت قيادات العاصمة السياسية والأمنية تنكر وجوده اصلا.
خلافات حول التوصيف
الخلاف حول توصيف الارهاب ما بين قيادات المجموعات المسيطرة على طرابلس ومصراتة وسلطات برقة نراه تمهيدا لتنظيمات اخرى وكتائب مسلحة . منها مجلس شورى مجاهدي درنة وكتيبة الفرقان والدفاع عن بنغازي مما زاد من انقسام الليبيين.
في حين كان المنطق يفرض التفاف الليبيين ورص صفوفهم في مواجهة الارهاب واعتباره عدوا مشتركا يهدد الكل . تؤكّد سلطات برقة بأن الاقليم دفع فاتورة باهظة في حربه مع الارهاب . الحصيلة تؤكد مقتل حوالي 7 آلاف بين مدني وعسكري ضمنها 1200 اغتيال وقطع للرؤوس اضافة الى 10 آلاف جريح و3 آلاف شخص مبتور الاطراف وكان ذلك قبل اعلان عملية الكرامة في ماي 2014.
ولطالما نوهت سلطات طبرق بان الارهاب سيمتد الى مدن الغرب الليبي بعد طرده من برقة وسرت ،ولكن الجهات الداعمة للإرهاب في طرابلس ومصراتة استمرت في دعم الجماعات الارهابية وتحريض الرأي العام المحلي على الجيش. الى ان جاءت عملية تفجير مجمع المحاكم في مصراتة ثم عملية استهداف مفوضية الانتخابات في طرابلس.
وخلال كل الفترة لم تتوقف بيانات وفتاوى مفتي ليبيا عن دعم ومناصرة مسميات مجالس الشورى سيما في مناطق شرق البلاد . وبما ان الجماعات تغلغلت في مفاصل الدولة بداية من المجلس الانتقالي وصولا الى مجلس الدولة وحتى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فقد كان من السهل عليها توفير حاجيات تلك الجماعات الارهابية.
دعم اعترف به رئيس المؤتمر الوطني السابق النوري ابو سهمين و حاول رئيس الحكومة الاسبق علي زيدان وقفه ولكنه لم يفلح . اذ يرى مراقبون بان المجتمع الدولي ومن خلال الاتحاد الاوروبي وعملية صوفيا البحرية كانت عمليات الدعم تقع تحت انظارها.