المزمع اجراؤها يوم 12 ماي الجاري ، وذلك بعد اشهر من الجدل والانسحابات والانتقادات في الساحة السياسية . إلاّ أنّ الانتخابات العراقيّة هذا العام تحمل اهمية متزايدة نظرا لتزامنها مع انتصار العراق في حربه ضد الارهاب ونجاحه في دحر التنظيمات الارهابية خصوصا تنظيم «داعش» الارهابي. كما تأتي الانتخابات هذا العام مُتزامنة ايضا مع انقسام سياسي لطالما طبع المشهد الدّاخلي في بلاد الرافدين ، إذ يتّسم العراق منذ القدم بصراع طائفي عرقي شيعي سني لاتزال بوادره الى اليوم إلاّ أنّ الجديد فيها اليوم هو دخول العُنصر الكردي الى أُتون الحرب الطائفيّة المُخيّمة على البلاد منذ سنوات طويلة.
وكان إعلان تاريخ 12 ماي موعدا لإجراء الانتخابات في العراق قد وضع حدّا لمحاولات التأجيل التي تعالت داخل قبة البرلمان لعدة اعتبارات اهمهاصدرت عن كتل سنية وكردية ، بسبب أعداد النّازحين الذين لم يعودوا بعد إلى قراهم ومناطقهم. وبالإضافة الى هذا الانقسام الحادّ حول اجراء الإنتخابات من عدمه يمرّ العراق بمرحلة إعادة إعمار سياسي وأمني بعد إعلان نهاية حربه ضدّ الإرهاب وهي مرحلة اعتبرها مُراقبون أشدّ حساسيّة وأهميّة من الحرب في حدّ ذاتها.
كما يؤكّد مراقبون أنّ تغيّرات المشهد الإقليمي المُتسارعة تؤثّر بشكل أو بآخر على الداخل العراقي سواء على الصّعيد الأمني أو السياسي على حد سواء، باعتبار ان بلاد الرافدين تتأثر بشكل مباشر بالتعقيدات الاقليمية نظرا لموقعها الجغرافي الاستراتيجي وأيضا باعتبار اراضيها مرتعا خصبا لأطراف خارجية مؤثرة مثل ايران وتركيا .
طائفية داخلية
من جهته قال الكاتب والمُحلّل السياسي العراقي هشام الموزاني لـ«المغرب» انّ الانتخابات العراقية المزمع إجراؤها في 12 ماي المقبل تتزامن مع وجود تغيّر كبير في الوعي نحو المواطنة ونبذ الطائفية ، مشيرا الى وجود إشكالات ايضا في قانون الانتخابات ‘’سانت ليغو المعدل’’ والذي يخدم الكتل الكبيرة .
وأشار محدّثنا الى «تأزم وضع السنة في العراق وصعوبات فنية وانشقاقات كبيرة فيما بعد تنظيم «داعش» الارهابي ، اما بالنسبة للشيعة فأجاب الموزاني انه لا تغييرات كبيرة على صعيد المُكوّن الشّيعي، لكن هناك بوادر انشقاق حقيقي بين القوى التقليدية بالإضافة الى المشاكل الكردية الكبيرة التي لم تجد حلا خصوصا ازمة كركوك».
وبخصوص المشهد السياسي والأمني في العراق ومدى تهيئه لإجراء الانتخابات اجاب الكاتب العراقي ان ‘’الصعوبات التي تواجه الانتخابات اغلبها فنية ولكن هناك قوى كثيرة لاترى ان الانتخابات ستكون في مصلحتها الان››.
وحول التوقعات لنتائج الانتخابات قال الموزاني ‘’لا تغييرات كبيرة ... التغييرات ستكون داخل الطائفة الواحدة والعرق الواحد ..مجرد تغييرات في التوزيع ..فلايزال الحس الطائفي والعرقي هو المسيطر على مزاج الناخب فالاحزاب والتيارات العابرة للطائفية عموما ضعيفة...وحتى التي تحظى بنوع من القوة تكون الهيمنة فيها واضحة لطائفة او عرق معين ‹›.
تأثيرات خارجية
وبخصوص تموقع العراق الإقليمي ومواقفه من ملفات المنطقة وهل سيكون له تأثير أيضا على نتائج الانتخابات أجاب الموزاني ‘’تُحاول كل القوى الان الابتعاد عن الملفات الإقليميّة خصوصا فيما يتعلق الملف السوري... في مُحاولة لاحتواء غضب الشارع من إرسال آلاف الشباب خارج الحدود..ولكن لا أعتقد انه بالإمكان التخلص من تأثيرات الجوار».
وحول الدور الذي يمكن ان تلعبه القوى الخارجية مثلا ايران او تركيا في الداخل العراقي وخاصة نتائج الاستحقاق الانتخابي المقبل اجاب محدّثنا ان الدور الايراني هو الأهم مشيرا الى أنّ الرؤية الأمريكيّة الإيرانيّة المشتركة ستؤثّر بشكل كبير في اختيار رئيس الوزراء القادم على حدّ قوله.
وعلى صعيد استراتيجيّة العراق من ملفّات المنطقة أكّد الكاتب والمُحلّل السياسي العراقي ان سياسة بلاده الان هي سياسة نأي بالنفس تحت ضغوط امريكية خصوصا فيما يتعلق بالملف السوري الشائك . وتابع محدثنا «همّ العراق الان هو تامين الضفة الاخرى من الحدود وان لاتكون هناك مناطق نفوذ لـ«داعش» الارهابي هناك..واعتقد ان العراق اخذ تطمينات غربية وأمريكية بهذا الشأن».
وبعد الاعلان عن انتهاء العمليات العسكرية الكبرى للتحالف في العراق ونهاية خطر ‘’داعش’’ من عدمه اكد الكاتب العراقي ان ماحصل هو نهاية وجود ماسمي ‘’الدولة الاسلامية’’ وليس نهاية «داعش» الارهابي ، مضيفا ان خطر داعش مازال موجودا ومؤثرا.