الكورية على اشدها بين سيول وبيونغ يانغ ، على خلفية البرنامج النووي لكوريا الشمالية والعداء التاريخي بين الكوريتين ..وقد بلغت التهديدات وحرب الوعيد بين الرئيس الامريكي دونالد ترامب حليف سيول والرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون ذروتها في اعقاب مناورات امريكية كورية جنوبية بمحاذاة سواحل شبه الجزيرة الكورية كادت تنذر بحرب وشيكة ..والان يأتي ترامب نفسه ليشيد بالقمة التاريخية التي عقدت امس بين زعيمي الكوريتين لكنه شكك «في طول مدة صمود الدبلوماسية الإيجابية» بحسب قوله.
وبالأمس كان المشهد مفاجئا للكثيرين ويوحي بسلام قادم في اعقاب المصافحة التاريخية المباشرة بين زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون ورئيس كوريا الجنوبية مون جيه اللذين التقيا وجها لوجه في قرية بانمونجوم، وهي المنطقة الحدودية منزوعة السلاح ، ووعدا بتحقيق السلام وانهاء النزاع بين البلدين الشقيقين..ووقعا اعلانا سمي بـ«اعلان نزع السلاح النووي بالكامل من شبه الجزيرة الكورية». .
وكانت المرة الاولى التي يطأ فيها زعيم كوريا الشمالية ارض الجنوب.. وقال كيم “إننا اليوم عند خط بداية حيث يسطر تاريخ جديد من السلام والرخاء والعلاقات بين الكوريتين”. .
وفي الحقيقة فان هذا اللقاء التاريخي هو من الأهمية بمكان لسكان شبه الجزيرة الكورية وشعبي البلدين لأنه من شأنه ان ينهي معاناة أسر تمزقت وتفرقت بسبب الانفصال الحاصل والحرب الاهلية التي جعلت كوريا الشمالية مغلقة على نفسها وعلى العالم ، بالرغم من القوة العسكرية الهائلة التي تمتلكها ، في الوقت الذي خطت فيه شقيقتها الجنوبية خطوات عملاقة على درب التطور الاقتصادي ..لتصبح قوة عالمية يحسب لها الف حساب ..
الاكيد ان الحرب التي كان يهدد بها ترامب الحليف الامريكي لبيونغ يانغ كانت ستكلف العباد والبلاد غاليا وكانت سترجع شبه الجزيرة عقودا الى الوراء ..فتجارب الحروب الدائرة في الشرق الاوسط اكبر دلالة على الدمار الذي تنتجه الحروب ...صحيح ان لا شيء يمكن ان يضمن حدوث التغير السلمي المرجو في نظام بيونغ يانغ من الاستبداد الى الديمقراطية والانفتاح .. ولكن اللقاء التاريخي الذي عقد امس يمثل الخطوات الاولى على طريق المصالحة والسلام الذي يستحقه شعبا البلدين..في المقابل ، فان الانجرار الى حرب عبثية في شبه الجزيرة الكورية ، بعد التهديد الامريكي الاخير، كان سيحول الجزيرة الى منطقة اشبه ببركان الشرق الاوسط “الجديد” الذي نرى ملامحه اليوم في اوطاننا المكلومة ...
المصالحة بين الكوريتين كانت اسبق من صواريخ ترامب واستراتيجياته في العالم التي لا تولد الا الدمار والفتن ... وبذلك يسجل التاريخ للزعيمين الانصات لنبض الشعوب قبل المصالح الضيقة ..وما حدث هو نتيجة مخاض طويل من المحادثات بين ممثلي الطرفين في عدة مراحل ونتيجة سياسة حكيمة اتبعتها سيول على طول الاعوام الماضية تهدف الى عدم الانسياق للابتزاز من قبل جارتها الشمالية ونسف كل التطور الحاصل في البلاد...
“تاريخ جديد يبدأ الآن. عهد من السلام” ...ذلك ما كتبه كيم في دفتر الزوار ببيت السلام في كوريا الجنوبية قبل بدء المحادثات ليسجل بذلك مع نظيره الجنوبي صفحة من صفحات السلام النادر في عالم مليء بالأزمات.