الاستراتيجية الأمريكية لمحاربة الإرهاب في ليبيا: الملامح والحدود والتحالفات المحلية والإقليمية

جددت قيادة القوات الامريكية في افريقيا «الفريكوم « تاكيدها الاستمرار في تنفيذ غارات

جوية في ليبيا ضد الدواعش الارهابية كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الامريكية بان الجيش الامريكي يركز هجماته في ليبيا بشكل حصري . وكانت طائرات الافريكوم استهدفت الاسبوع الماضي منزلا في مدينة اوباري جنوب غرب ليبيا يضم عددا من قيادات تنظيم القاعدة مما اسفر عن مقتل بعضهم و منهم القيادي موسى ابو داوود وفق ما اعلنته وزارة الدفاع الامريكية «البنتاغون».

ما ذكرته «نيويورك تايمز» الامريكية الصحيفة المقربة من موقع القرار في البيت الابيض وباقي دوائر القرار من تركيز الجيش الامريكي عملياته في ليبيا يطرح السؤال عن الاستراتيجية الامريكية لمحاربة «داعش» الارهابي والارهاب عموما وملامح تلك الاستراتيجية وحدودها والتحالفات المحلية وايضا موقف دول الجوار العربية والافريقية ودول جنوب الصحراء .
قبل الاجابة عن هكذا استفهامات واسئلة لابد من العودة الى فترة ما قبل اسقاط النظام السابق وكيف تعامل القذافي مع الجماعات الارهابية التي كان يسيسها النظام بدقة وهل صحيح ان القذافي لم يحارب الارهاب ؟. في هذا الاطار يذكر احد ضباط القذافي الكبار – امر كتيبة امحمد المقريف بان الزنادقة كانوا يتواجدون في بنغازي –درنة –سرت – اجدابيا –سبها، وكان يتكفل بمحاربتهم جهاز الامن الداخلي وجهاز الامن الخارجي. وعندما تزايد عدد الزنادقة جرى تكليف الجيش بالمهمة. ويضيف آمر كتيبة المقريف بان أجهزة الدولة كانت ترصد تحركات الزنادقة بدقة حتى ان اغلبهم وقع القبض عليهم وتصفيتهم. ولفت المعني النظر الى اماكن تواجد الارهاب انها هي نفسها سواء قبل 2011 او بعد ذلك .
و باسقاط نظام القذافي تهافت الارهابيون وبالذات تنظيم القاعدة وقياداته على ليبيا وانضم اليهم من كان داخل سجون القذافي، والتحق بهؤلاء رموز جماعة الاخوان والجماعة الليبية المقاتلة الذين قاموا بمراجعات فكرية وايدوا مشروع ليبيا الغد برئاسة سيف الاسلام القذافي. ومنهم على العلابي وعبد الحكيم بالحاج وسمحت الفوضى السائدة وفتح مخازن السلاح للجماعات

المتطرفة بالحصول على نسبة 80 % من اسلحة القذافي اضافة الي السلاح الوارد من الخارج . وتسلل قادة الجماعات المتطرفة الي مواقع القرار السياسي اي المجلس الانتقالي وسيطروا على المكتب التنفيذي وبعده حكومة الكيب ،وهكذا توسع نفوذ القاعدة والجماعة المقاتلة. وجرى بعث مجالس شوري في جميع مدن البلاد في غضون هذا التغلغل سارعت تلك الجماعات بدعم من دول اقليم معروفة الى تهميش دور الجيش عبر بعث حرس وطني ودروع وضرب جهاز الامن من خلال انشاء اللجان الامنية .

وعلى مدى هذه المراحل غض الغرب الطرف عن توسع نفوذ الجماعات الارهابية الى ان جاءت واقعة اغتيال سفير الولايات المتحدة و 3 موظفين بالبعثة الدبلوماسية الامريكية في بنغازي، وبعد ذلك بدأ التدخل الامريكي المحتشم في الحرب على الارهاب اذ قامت القوات الخاصة – المارينز بعملية انزال والقبض على احمد ابو ختالة ثم لاحقا المدعو ابو انس الليبي، وفي شهر ماي 2015 طلب فائز السراج التدخل الامريكي دعما للبنيان المرصوص لمحاربة «داعش» الارهابي في سرت. وأنجزت مقاتلات الافريكوم 465 طلعة قتالية لتنتهي العملية بتطهير سرت من «داعش» الارهابي او بالاحرى بهروب الدواعش الارهابيين الى وسط الصحراء الليبية.

ومع ضربات سلاح الجو الروسي والنظام السوري القوية انهزمت الجماعات الارهابية هناك كما سحق الجيش العراقي والحشد الشعبي في العراق الدواعش الارهابيين، ومرة أخرى يغض الغرب والولايات المتحدة الطرف عن لجوء الارهابيين الى ليبيا . اذ يلاحظ المراقبون بان الحرب على «داعش» الارهابي تنتقل تباعا من العراق الى سوريا ثم اليمن فليبيا مع محاولات متكررة الى الدول المجاورة مثل تونس ومصر والاردن –السعودية –الكويت- الجزائر وغيرها.

تحالفات مع قوى محلية
من العناصر الاساسية في الاستراتيجية الامريكية في الحرب على «داعش» الارهابي تحالفها مع قوى عسكرية على الارض، حيث اعترفت وزارة الدفاع الامريكية بالتعاون مع قوات حفتر كما تعاونت سابقا مع البنيان المرصوص .
وتدرك الولايات المتحدة بان الحرب على داعش في ليبيا هي غير الحرب عليه في العراق وسوريا، ولا حتى حربها على القاعدة في افغانستان وباكستان واليمن باعتبار تضاريس جبال الهاروج واكاكوس وجبال درنة اضافة الى الصحراء الكبرى، دون نسيان التعاون والارتباط العضوي ما بين الهجرة غير الشرعية والتهريب والارهاب وارتباط مثل هذا مع سعي الجماعات الارهابية لتحقيق امتداد دولي عابر للحدود مع «بوكو حرام» مثلا.

و تعمل الادارة الامريكية من خلال استراتيجية الحرب على «داعش» الارهابي في ليبيا على ايجاد موطئ قدم لها في دول الجوار عبر ضغوطات شتى والتهديدات الارهابية التي قد تستهدف دول الجوار ،لكن تلك الدول ونتحدث عن الدول العربية ومنها. تونس الجزائر ومصر مازلت تتحفظ وتمتنع عن منح قواعد عسكرية او موطئ قدم على اراضيها وترفض التدخل العسكري في ليبيا.

ومن هنا نرى أن الاعلام الامريكي يكثر من الحديث عن الارتباط بين التهريب والهجرة غير الشرعية والإرهاب والجريمة العابرة للحدود، عناصر بهذه الخطورة والأهمية تزداد خطورة عندما تحدث في دولة فاشلة ومنهارة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115