ليبيا: تخبط سياسي وعراقيل متزايدة تسبق الاستحقاق الانتخابي

انعكس تخبط السياسيين في ليبيا على أداء بعثة الأمم المتّحدة للدعم مما جعل مواقف وتصريحات

غسان سلامة في احيان كثيرة متضاربة ، حيث أيد بقوة خلال الفترة السابقة فكرة التسريع بانجاز الانتخابات ولمح الى امكانية تجاوز اقرار التعديلات على الاتفاق السياسي غير أنه تراجع امس من خلال تصريحه بأنّ التسريع بإجراء ذلك الاستحقاق قد يزيد من حالة الانقسام والتشذرم بين الفرقاء. ويجمع المُراقبون لنسق وطبيعة اداء الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة الحالي غسان سلامة بان الرجل انطلق متفائلا، غير انه ومع مرور الايام لم يعد كذلك اذ بعد كل ظهور لوادر انفراج في الازمة يصدر من احد اطراف الصراع ما ينسف ذلك الانفراج. الشيء الذي جعل غسان سلامة مجبرا على انتهاج مسلك بديل في مسعى لانقاذ مسار التسوية السلمية .

فبعد انتكاسة حوار تونس بين لجنتي مجلس النواب والاعلى للدولة اتجه سلامة الى المجتمع المدني واعيان القبائل في طرابلس وبنغازي وعمداء البلديات واراد بتلك الخطوة اولا توسيع الحوار. وثانيا تمرير رسالة الى الفرقاء السياسيين مفادها ان الحل يمكن ان ياتي من خلال الانفتاح على شرائح اخرى لكن الاشكال هو ان ممثلي المجتمع المدني بدورهم يفتقرون للتجربة والخبرة . بصفة دورية كان المبعوث الاممي يطلع الاطراف الخارجية المعنية بالازمة الليبية عن اخر التطورات المحلية الحاصلة ويفعل الشيء ذاته مع المجلس الرئاسي ومجلس النواب، وتلتقي الاطراف الدولية والمحلية حول تاكيد دعم الاتفاق السياسي ودعم خطة عمل المبعوث الاممي، غير ان هذا الدعم يبقى مجرد كلام ولم يتحول الى افعال واجراءات ملموسة لانقاذ البلاد مما وصلت اليه البلاد من تعقيد وهي التي أقرّت التدخّل العسكري في 2011 لاسقاط النظام وتدمير البنية التحتية وأجهزة ومؤسّسات الدّولة وضمنها مؤسّسة الجيش والامن.

وقد أقرت دول أوروبية بان المشهد المتازم في ليبيا فتح الباب على مصراعيه للجماعات المتطرفة كتنظيم القاعدة والتغلغل في مفاصل الدولة. ويذكر المستشار مصطفى عبد الجليل في اخر حوار له بان الاسلاميين كانوا يسيطرون على قرارات المجلس الانتقالي ،وان الالية المتبعة لاتخاذ القرار صلب الانتقالي كانت تجعله وهو رئيس الانتقالي آخر من كان يعلم باصدار القرارات.

رهانات وعراقيل
ويضيف عبد الجليل بأنّ الاسلاميين اخلوا بالعهد عندما التزموا له بتسليم السلاح شرط التنصيص في خطاب التحرير على اعتماد الشريعة الاسلامية كمصدر للتشريع والمفاجاة ان عبد الجليل نفذ الشرط في حين لم تنفذ الجماعات الاسلامية. وهكذا تؤكد الاحداث ما بعد 2011 ان كل الاطراف أخطأت وتخلت عن تعهداتها بحثا عن المصالح والمنافع.

الحاجة الى عقد اجتماعي
لم تكن دول الاتحاد الاوروبي تتصور ان تستفحل ازمة الهجرة غير الشرعية بذلك الشكل وان يزداد خطر الارهاب ليهرب في عمق أوروبا فرنسا المانيا بلجيكيا وبريطانيا ،وعندما اكتوت تلك الدول بنار الارهاب اهتمت بايجاد الحل في ليبيا لكن متاخرا كثيرا .دول الجوار ايضا تخلت ولفترة طويلة هي ايضا عن ليبيا غارقة في مشاكلها .الولايات المتحدة دورها السياسي غائب بالكامل سيما بعد مجيء ترامب ويقتصر تدخلها على محاربة الارهاب .

اما محليا فقد انغمس الكل في الصراع على السلطة والثروة، وغائب المشروع الوطني ولم يستفق الليبيون الاّ بعد أن تغلغلت الجماعات الارهابية واصبحت بلادهم رابع مركز استقطاب للارهاب في العالم .استفاقة متاخرة هنا وهناك جعلت من نجاح البعثة الاممية مجرد حلم صعب التحقيق .
وسط هذا التخبط والضبابية وفي ظل غياب عامل الثقة بين الليبيين يؤكد بعض النشطاء السياسيين بان الكلمة الفصل لا بد ان تعود للشعب من خلال التوافق على مبادئ عامة تكون بمثابة عرف اجتماعي يعوض الدستور والاتفاق السياسي معا ،اي اقرار عقد اجتماعي مقترح أوفكرة تحظى بتاييد شعبي واسع وقد يدعمها المبعوث الاممي غسان سلامة سيما وان هذه الفكرة نجحت في بلده بعد مؤتمر الطائف.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115