اثر شوط من احتجاجات تطالب بإقالة مسؤولين تعلقت بهم تهم فساد وإجراء إصلاحات حكومية.
وانقسمت الآراء إلى مؤيدين اعتبروا إقالة الجبوري قانونية بحكم حصول النصاب القانوني وتصويت الأغلبية بالإيجاب في حين اعتبرها رافضون غير دستورية بحكم أن الجلسة انعقدت دون حضور كل الأطراف . و وصف رئيس الوزراء حيدر العبادي ما حدث في البرلمان « بالفوضى السياسية التي لا تمت لعملية الإصلاح بأي صلة».
يشار الى انّ العراق شهدت مظاهرات خلال الاسابيع الفارطة مظاهرات ضمّت آلاف المُساندين للقيادي الشيعي مقتدى الصدر ، بعد دعوته للتظاهر والمطالبة بالإصلاحات ، وبرحيل حكومة حيدر العبادي وتشكيل حكومة تكنوقراط تستجيب لمطالب الشعب العراقي.وقطعت حكومة حيدر العبادي وعودا للمتظاهرين تقضي بإجراء إصلاحات صلب الحكومة ، بعد تفجّر ازمة الفساد منذ أشهر ، وهي أزمة أطاحت بعديد المسؤولين في الحكومة وزادت من تعقيد المشهد السياسي .
من جهته قال الباحث والمحلل السياسي العراقي نصيف جاسم حسين لـ«المغرب» أنّ احد أهم أسباب مايحدث في العراق اليوم هو فساد الطبقة السياسية ونتاج طبيعي للاستخفاف بمطالب الشعب التي نادى بها منذ اكثر من 8 أشهر. وتابع جاسم حسين ان الجماهير التي تظاهرت في وقت سابق ارادت محاسبة المتهمين بالفساد ، وفي ظل عدم الاستجابة لهم ، وحينما قدم رئيس مجلس الوزراء مجموعة من الأسماء من غير مرشحي الأحزاب والكتل السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة ، جاءت الخطوة بمثابة تغيير ‹فاسد› بـ«فاسد اخر وفق تعبيره.
وأضاف محدثنا ان هذا التجاهل للإرادة الشعبية ،صعّد حدّة المطالَب الشعبية إلى ضرورة التخلص من مجلس النواب الذي لا يستجيب لمطالب جمهوره ، مشيرا إلى ان هذا الإحراج الذي وضع فيه رؤساء الأحزاب نوابهم أدى إلى تمردهم عليهم وتبني مطالب المتظاهرين المدنيين بالإصلاح خاصة وانّ الرئاسات الثلاث وزعماء الكتل وقعوا وثيقة أسموها وثيقة شرف تركز المحاصصة الطائفية .
وشدّد محدّثنا على ان الاستخفاف بمطالب المواطنين أدى إلى هذه النتيجة وهي نتيجة صحية وجيدة ، على حدّ تعبيره ، كبداية لعمل سياسي خارج تأثير الطبقة «الفاسدة» التي تسيّدت المشهد السياسي وباتت تتحكم في كل شيء بالعراق بما في ذلك حماية المارقين على القانون.
واعتبر المحلل السياسي العراقي عملية إقالة رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري قانونية ودستورية لان عدد النواب الموقعين على ذلك يبلغ 173 اي اكثر من النصاب القانوني البالغ 165 نائبا على حدّ قوله.
الخيارات المطروحة
وعن توقعاته للمشهد المقبل في العراق اجاب جاسم حسين «ثمة احتمالان إما أن تستمر الحركة الإصلاحية التي بدأها النواب 173 ويتم تشكيل حكومة من المستقلين فعلا وتبدأ مرحلة جديدة في العراق في التشريعات ومحاسبة الفاسدين والعمل على الهيئات المستقلة كي تكون مستقلة فعلا وليس كما هو الحال الآن،او أن تستمر الطبقة السياسية المحافظة مما يسمى زعماء الكتل والتابعون بالتآمر على الإصلاحات محاولة التشبث بالمحاصصة سبيلا للكسب غير المشروع فتلجأ إلى إجراءات تحفظ لها ما يمكن الحفاظ عليه من مكتسبات».
الأزمة السياسية والحرب ضد الإرهاب
وعن تأثير الأزمة السياسية على الحرب التي تقودها العراق ضدّ تنظيم «داعش» على أراضيها قال محدّثنا أنّ العكس هو الصحيح معتبرا ان عدم حصول «التوافق السّياسي» يعيق تحرير الفلوجة والموصل وغيرها من المناطق . مضيفا انّ كل كل إعاقة في أي مجال في العراق سببها أصحاب مشروع المحاصصة والشراكة والتوافق نتيجة مسؤوليتهم عن الفساد وعن تردي الخدمات وعن خلق البيئة الطائفية ليتمدّد تنظيم «داعش» .
وعن تأثير أطراف خارجية في القرار السياسي العراقي قال جاسم حسين «ثمة قوى إقليمية تريد الإبقاء على حالة التشظي في الدولة العراقية عبر أزلامها في العراق من الذين يدعمون التوجه الثاني ،لكن ثمة إرادة شعبية داخلية كبيرة تريد الخروج من النفق الذي وضعنا فيه قادة الكتل عبر اعتماد مبدإ المحاصصة وترويج الطائفية وعدم محاسبة الفاسدين الذين أنتجوا ‹›داعش›› وأخواتها» . وأضاف ان التأثير الخارجي في العراق موجود منذ زمن وهو الذي كرس نظام المحاصصة ، مشيرا إلى أن للأطراف الخارجية أطرافا داخلية تأتمر بأمرها ، وهم من يصرون على إبقاء نظام المحاصصة الطائفية والقومية وفق تعبيره.
وتابع المحلل السياسي العراقي:«حين يرتقي الخطاب والسلوك السياسي للسياسيين العراقيين ليكون خطابا « وطنيا» خاليا من مفردات « المكونات» و» السنة» و» الشيعة» سينتهي التأثير الخارجي في العراق».
حلول مشروطة
وأكد محدثنا ان الحلول المطروحة الآن لإخراج البلاد من النفق المظلم هي الاستجابة لطلبات المتظاهرين وهي محاسبة كبار الفاسدين وإعادة أموال العراقيين التي نهبوها، إصلاح القضاء، تشكيل حكومة تكنوقراط من المستقلين من خارج الأحزاب المشاركة في الحكومة،إنهاء منهج المحاصصة في توزيع المناصب الحكومية، تقليل رواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث إلى ما يماثلها في دول الجوار ،ووضع آلية شفافة لمعرفة خط سير الأموال العراقية ، أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة على حدّ تعبيره.
العراق
مظاهرات شعبية للمطالبة بإقالة الرئاسات الثلاث
خرج المئات من العراقيين امس الجمعة في مظاهرات في ساحة التحرير وسط بغداد للمطالبة بإقالة الرئاسات الثلاث وتصحيح مسار العملية السياسية في البلاد.
وحمل المتظاهرون أعلام العراق وهتفوا بشعارات للمطالبة بإقالة الرئاسات الثلاثة/ التشريعية والتنفيذية ورئاسة الجمهورية / وتشكيل حكومة تضم شخصيات من التكنوقراط، ومحاربة الفساد الاداري والمالي وتأييد خطوة عدد من نواب البرلمان الذين رفعوا شعار إقالة هيئة رئاسة البرلمان العراقي. وشارك عدد من نواب البرلمان العراقيين المعتصمين داخل البرلمان العراقي في المظاهرة.