للقوات الامريكية نهاية الاسبوع الماضي لمنزل في ضواحي مدينة اوباري جنوب غرب ليبيا ، كان يحتضن اجتماعا لقيادات إرهابيّة واضاف البيان الصادر في الغرض بان العملية أسفرت عن مقتل اثنين من تلك القيادات .
وكانت الولايات المتحدة دفعت خلال الفترة الاخيرة بعدد من أحدث انواع طائرات التجسس لرصد تحركات تمركزات الجماعات الار هابية في ليبيا ، وفي غضون تلك التطورات كشفت وزارة الدفاع الامريكية عن مقتل ثلاثة من قيادات «داعش» الارهابي كانوا بصدد الهروب من مدينة درنة الواقعة تحت سيطرة جماعات موالية تنظيم القاعدة، وتقوم قوات الكرامة بحصار المدينة منذ ما يقارب الثلاثة اعوام ولم توضح وزراة الدفاع الامريكية المزيد من التفاصيل عن الواقعة. من جانبها قامت القيادة العامة لقوات الكرامة بارسال تعزيزات واسلحة واليات إلى قاعدة تمهنت 15 كلم عن مدينة سبها في سياق العملية العسكرية التي اسمتها عملية فرض القانون في ربوع الجنوب. ونقل شهود عيان ان الاليات العسكرية المرسلة إلى الجنوب متطورة وحديثة وغير معروفة لدى الجيش الليبي، ورجح الشهود بان تلك الاليات تزود بها الجيش حديثا وهو ما يعتبر خرقا لقرار مجلس الامن المتعلق بحظر بيع تزويد ليبيا بالسلاح.
مستجدات عسكرية متلاحقة تطرح اكثر من سؤال حول جدية المجتمع الدولي فيما يخص احترام قرارات مجلس الامن الدولي، حيث اقر المبعوث الاممي نفسه تقريب خلال جميع احاطاته الدورية امام مجلس الامن الدولي باستمرار وصول السلاح لاطراف الصراع مما يزيد من صعوبة بلوغ الحل السلمي للازمة الراهنة .
ولا يتصور عاقل عدم علم الولايات المتحدة بوصول اسلحة الى حفتر لكن الولايات المتحدة وغيرها من القوى الكبرى تغض الطرف في هكذا عمليات باعتبار حاجتها لطرف قوي على الارض للشراكة معه، وتنفيذ استراتيجيتها واستراتيجية الولايات المتحدة مع حفتر محددة ومعلومة وهي الحرب على الارهاب و تنظيم داعش الإرهابي بالذات.
ويرى مراقبون بانه وبالنظر لشساعة ليبيا وصعوبة تضاريسها جبال الهاروج وجبال درنة فان الولايات المتحدة ومهما عززت المراقبة والرصد الجوي فانه يصعب عليها ضمان المراقبة التامة لتمركزات الدواعش الإرهابية، ويضيف المراقبون بان الآلاف من الدواعش الإرهابيين تمكنوا من الهروب من سرت وبنغازي ليجدوا مناطق بديلة في كامل المنطقة الوسطى والجنوبية، وتؤكد تقارير استخبراتية وأمنية في ماي 2015 أن درنة كانت تحتضن 19 الف متطرف وارهابي ما بين انصار الشريعة و«داعش» الإرهابي وسرايا الدفاع عن بنغازي وجماعات اخرى ومن ضمن هؤلاء يوجد 3 آلاف متطرف ليبي واغلب الارهابيين الذين كانوا في بنغازي انتقلوا الي داخل ليبيا. ويضاف إليهم ما لا يقل عن ألفين وخمس مائة داعشي إرهابي هربوا من سرت اما ما يتعلق بالمجموعات المسلحة الوافدة من دول جنوب ليبيا اي حركة العدل والمساواة والجماعات الاخرى القادمة من تشاد والنيجر ومالي ، وفي غياب احصائيات رسمية عن تعداد مقاتليها فالاغلب على الظن انها تتكون من ازيد من 10 آلاف مسلح إذ أن الثابت ان إحدى تلك الحركات المسلحة والممثلة لقبائل الزواغة من طوارق مالي والنيجر تعد لوحدها 4 الاف مسلح .
المحصلة ان الجنوب الليبي واقع في قبضة مجموعات مسلحة خارجية غازية وان هذه المجموعات المسلحة ربطت الصلة مع تنظيم داعش الإرهابي وتنظيم القاعدة الإرهابي وبوكو حرام الإرهابي وربما التحق بهذه التنظيمات التنظيم الحديث النشأة في شمال مالي المعروف بانصار الاسلام الإرهابي الذي تبنى اكثر من عملية إرهابية ضد القوات الفرنسية في شمال مالي وقوات حفظ السلام الأخرى .
حقائق ومعطيات وتهديد خطير للامن القومي لليبيا ودول الجوار دفع بكل من حكومة الوفاق وقوات حفتر للتحرك سريعا نحو الجنوب دونما تنسيق، وانما كل طرف يتحرك منفردا بينما يتيح ويسمح الموقف المتمثل في تعرض جزء من البلاد الى غزو خارجي باللجوء للبند 51 من ميثاق الامم المتحدة الذي يخول للدولة الليبية الدفاع عن النفس بما يتطلب المساعدة المباشرة الخارجية العسكرية.
المبعوث الاممي واخر محاولات انقاذ مبادرته
في الجانب السياسي للازمة اجتمع المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة لدى ليبيا في طبرق مع رئيس مجلس النواب، حيث جرى بحث اخر تطورات الازمة واستعراض مساعي تعديل الاتفاق السياسي من تعديل المجلس الرئاسي وعقد المؤتمر الوطني الجامع، وتشكيل حكومة وطنية وتنظيم الانتخابات العامة قبل نهاية العام الحالي 2018 مع التاكيد على التسريع بتوحيد مؤسسات الدولة .
ومن داخل البرلمان تعالت الاصوات بضرورة الحوار بين البرلمان ومجلس الدولة من اجل الاتفاق النهائي على تعديل الاتفاق السياسي ، وبعث الحكومة القادمة والذهاب الى انتخابات رئاسية وتشريعية وقد تفاعل اعضاء المجلس الاعلى للدولة مع هذه الدعوات من البرلمان من خلال مباركة عضو الاعلى للدولة عن مصراته بلقاسم قزيط الذي اشار بايجابية نواب البرلمان اصحاب المبادرة .
تطورات وتفاعلات من كلا المجلسين ترجح بداية حوارا موسعا بين البرلمان والاعلى للدولة وتجاوز لجنتي الحوار المجتمعتين في تونس على مدى ست جولات دون انجاز المطلوب .دوما في سياق انقاذ خارطة الطريق الاممية لم يعد غسان سلامة المبعوث الاممي يتحدث كثيرا عن مسالة الاستفتاء على الدستور، وانما اصبح يركز على باقي المراحل وخاصة الانتخابات العامة وقبلها ايجاد حكومة مركزية قوية .
الشي الذي اثار بعض ردود الافعال المحلية والصادرة عن عدد قليل من اعضاء مجلس الدولة، اذ رفض هؤلاء تخلي سلامة عن الاستفتاء على الدستور واعتبروا ذلك تمديدا غير مقبول للمرحلة الانتقالية.
في حين يرى ممثلو اقليم برقة والامازيغ صواب تمشى سلامة ويؤكدون بان مسودة الدستور فيها عيوب كثيرة و الاستفتاء عليها يعني تعميق الانقسام والخلاف بداهة وهو ما من شانه التاثير على الانتخابات ويعرقل تشكيل الحكومة القادمة .