الواسعة التي نجح في اقتناصها بعد استفتاء شعبي ناجح ، اذ عاد البرلمان التركي امس الاول لمناقشة قواعد انتخابية جديدة اقترحها الحزب الحاكم ومناصروه، في وقت تؤكد المعارضة السياسية رفضها للمشروع معللة ذلك بأنه قد يفتح الباب أمام التزوير كما يهدد نزاهة الانتخابات التي ستُجرى العام المقبل.
يشار الى انّ الانتخابات التركية ستجرى في نوفمبر 2019 لاختيار برلمان جديد في وقت تعيش فيه الساحة السياسية في تركيا تطورات كبيرة بعد استفتاء افريل العام الماضي والذي كرس النظام الرئاسي في الجمهورية التركية بعد تنصيب رجب طيب اردوغان رئيسا للجمهورية . ويسمح مشروع القانون الجديد وفق وسائل اعلام تركية لأفراد قوات الأمن بالدخول إلى مراكز الاقتراع إذا طلب منهم ناخب ذلك. كما يمنح للمجلس الأعلى للانتخابات سلطة دمج دوائر انتخابية ونقل صناديق اقتراع من دائرة لأخرى.وسيتسنى كذلك تقديم بطاقات اقتراع لا تحمل أختاما من لجان الانتخاب المحلية، بما يضفي الصبغة الرسمية على قرار اتخذ خلال استفتاء أجري العام الماضي وأثار غضبا واسع النطاق بين منتقدي الحكومة وقلق مراقبي الانتخابات.والتعديلات المطروحة من المنتظر أن تسمح أيضا للأحزاب بتشكيل تحالفات انتخابية.
ويرى متابعون للشأن التركي ان هذا المشروع يزيد من تكريس سمة الهيمنة المطلقة للحزب الحاكم وحلفائه كما يزيد من تكريس نفوذ رئيس الجمهورية رجب طيب اردوغان ، ويأتي هذا في وقت تعيش فه تركيا حراكا داخليا وإقليميا ودوليا متزايدا نظرا للأدوار التي تلعبها تركيا في عدة ملفات اقليمية على غرار الازمة السورية وأيضا تذبذب علاقاتها مع الغرب بصفة عامة بعد فشل جهودها في الانضمام للاتحاد الاوروبي والتي استمرت لسنوات طويلة .
ترسانة «أردوغان»
ويرى متابعون للشأن التركي الداخلي ان مشروع القرار الذي يناقشه البرلمان التركي يعد مرحلة جديدة من مراحل تكريس سلطة ‘’السلطان الواحد’’ متمثلا في الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والحزب الحاكم وشركائه على الساحة السياسية . اذ يرى مراقبون ان هذه التغييرات المطروحة ستساعد على ضمان بقاء أردوغان في قمة السلطة، في وقت باتت تركيا تتحول بشكل «مثير للجدل» إلى رئاسة تنفيذية بعد عقود من اعتمادها على النظام البرلماني.
فمنذ انتخابه رئيسا للبلاد يسعى أردوغان بكل ثقله الى مزيد تكريس نفوذه خاصة بعد نجاحه في ارساء نظام رئاسي كان ضامنا شرعيا وقانونيا له لتوسيع صلاحيات حكمه وهيمنته السياسية ، ويرى مراقبون ان المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف شهر جويلية 2016 كانت احد اهم اسباب نجاح الرئيس التركي في تحقيق اهدافه سواء المتعلقة بالتخلص من اعدائه عبر موجة الاعتقالات واسعة النطاق التي أطلقها او من خلال الاصلاحات الجذرية التي مررها عبر البرلمان وأوّلها التعديل الدستوري الذي نجح في تمريره عبر استفتاء العام المنقضي.
ويرى مراقبون ان اردوغان يحاول بكل قوته تحصين موقعه عبر إحداث ترسانة قوانين تتماشى مع خطواته في الرئاسة وان هذه المحاولات بدأت منذ تولي اردوغان الحكم عبر الاساليب التي باتت تتبعها الحكومة التركية من تشديد للرقابة الاعلامية والاعتقالات والإقالات والمحاكمات التي طالت صحفيين وقضاة وسياسيين وذلك سعيا الى بسط هيمنته ونفوذه على كافة مفاصل الدولة.
ويرى مراقبون أنّ المحاولة الانقلابية الفاشلة أعطت حكومة أردوغان ضوءا اخضر لمواصلة هذه الحملة والتخلص من أعدائه في كافة المجالات. ويرى المنددون بسياسة الاعتقالات التي تعتمدها السلطات التركية أن رجب طيب أردوغان يحاول تحقيق أهداف مزدوجة كثمار لمحاولة الانقلاب الفاشلة أولها تصفية خصومه السياسيين -على رأسهم عدوه اللدود الداعية الإسلامي فتح الله غولن -وكل من هو غير متوافق مع سياسته وهوية الدولة التركية ، وثانيها القضاء على نفوذ حزب العمال الكردستاني نظرا للعداء المستمر لعقود بين الحكومة والأكراد في تركيا.