«وداعا يا وطن القلب الاخضر ..وداعا لتلك السفوح الخضراء التي لا تزال تحتضن اخوتنا الشهداء بحنو والتي كانت وفية لوصايا محمود درويش...
وداعا تونس التي ما خذلت فلسطين في كل عهودها ..... وداعا تونس يا احن شتات وداعا ايتها البلاد التي لم تنثن يوما في خطاها للحرية « . لم نكن نعلم ان غيابه عن تونس التي احتضنته في الشتات سيطول ..في رحلة علاجه من المرض الذي الم به، اختار الذهاب الى القاهرة ليكون برفقة عائلته هناك اين وافته المنية امس الخميس .
وبحسب بيان النعي الصادر عن سفارة دولة فلسطين في تونس فان جمعة الناجي من الرعيل الاول الذي التحق بالثورة الفلسطينية وهو الذي قدم حياته فداء لفلسطين فلم يبخل عليها يوما بالقلم او بالسلاح او بمسيرته الدبلوماسية كسفير لدولة فلسطين في عدة دول . وهو أحد أبرز كوادر حركة فتح والمناضلين القدامى الذين ساهموا في مختلف محطات الثورة الفلسطينية .
انتمى الى حركة فتح عام 1966 حيث كان يدرس التربية في معهد سبلين للمعلمين في لبنان، وهناك تعرف على حركة فتح وانخرط في العمل مع هذه الحركة النضالية وعلى اثرها تقرر استبعاده من لبنان إلى الأردن بمنطقة الشونة، وهناك أسس القاعدة 154، حيث تعد القاعدة الاولى لحركة فتح في منطقة الحمراء بالأردن وانخرط بتأسيس المجموعات التي تعمل ضد القوات الاسرائيلية للقتال داخل فلسطين من شمال الأردن، حينها بدأ رحلة كفاح ونضال تزامنا مع عمله كمعلم في إحدى مدارس الأونروا.
وشارك في العديد من المعارك التي خاضتها قوات الثورة الفلسطينية، و كان من الأسماء الفلسطينية التي صاحبت البدايات الأولى للعمل الفدائي الفلسطيني في الكثير من ساحات العمل الوطني و العسكري، إذ لمع نجمه في قيادة العمل المسلح في التشكيلات الأولى لمجموعات حركة فتح المسلحة «العاصفة»، في سبعينيات القرن الماضي، وكان من طليعة الفدائيين الذين أسسوا اللبنة الأولى لمسيرة الكفاح المسلح وهو ممن بنوا القواعد الارتكازية لحركة فتح القاعدة 154 في مدينة الشونة الأردنية على حدود خط التماس مع فلسطين . ورغم التحاقه بالثورة في وقت مبكر وعمله في مختلف المواقع العسكرية والتنظيمية إلا أنه شارك كذلك في العمل الدبلوماسي في مناصب عديدة وهامة فقد شغل منصب السفير الفلسطيني السابق لأفغانستان، وشغل منصب رئيس ادارة آسيا بوزارة الخارجية الفلسطينية، كما عمل في عدد من الصحف والدوريات العربية.
في آخر حديث له مع «المغرب» تطرق الى الوضع في فلسطين والعالم العربي ...هي وصايا الكاتب والمناضل الفلسطيني الذي احب وطنه حتى آخر رمق وكان حلمه الاوحد هو العودة لتراب فلسطين المقدس وتنشق عطر يافا وبرتقالها... القيادي الفتحاوي الذي شغل منصب سفير لدولة فلسطين في افغانستان في نهاية الثمانينات وحتى منتصف التسعينات وعايش مرحلة تأسيس طالبان حينما انبثقت عن طلاب الفقه في باكستان، تحدث في آخر حوار له مع « المغرب عن اهم قضايا المنطقة وعن خطر الارهاب وتطرق ايضا الى بعض الشهادات الحية التي اخذها عن عدد من رؤساء افغانستان وعن تأسيس حركة طالبان وايضا عن العلاقة التي تربط بين القاعدة وداعش .. وشدد حينها على اهمية انهاء العبث بالهوية العربية والذي يتسلل منه الارهاب معتبرا وقف التنسيق الامني بين السلطة الفلسطينية والعدو الاسرائيلي خطوة في الاتجاه الصحيح . وعن اتفاقية اوسلو قال حينها :«انتهت اتفاقيات أوسلو ولم يبق منها إلا التنسيق الأمني وكل أخطاره على المشروع الوطني الفلسطيني، ووقف هذا التنسيق خطوة في الاتجاه الصحيح ونأمل أن تكون الخطوة التالية إلغاء هذا التنسيق فلم يعد ممكنا أن تستمر
السلطة الفلسطينية بلا سلطة وطنية وأن تكون النهايات..(نهايات أواخر أيام غرناطة)، خصوصا وأن هذا الاحتلال وبعد تجربة أوسلو بل وعلى مدار قرن من الزمان أثبت أنه كيان مزيج من الفاشية والنازية والبرابرة والمغول، ومنافيا للسلام بل والحياة البشرية للشعب الفلسطيني، والتهديد المتواصل للأمن والسلم الدوليين. إن وقف التنسيق الأمني ولاحقا إلغاؤه يعني أن يترك الاحتلال وجها لوجه مع الشعب الفلسطيني وانتفاضاته الوطنية وثورته القادمة لا محالة».
يرحل المناضلون ..لكنهم يتركون الامانة في اعناق الاجيال الشابة ..آمن جمعة الناجي بأهمية وضع استراتيجية جديدة للنضال من اجل المشروع الفلسطيني ..ولطالما عبر عن المه من الانقسام الحاصل بين حركتي فتح وحماس ..وكان دائما يحذر من ان قضية القدس يجب ان لا تمر وفقا للموقف الامريكي معتبرا ان الرئيس دونالد ترامب يستأنف دوره في فصل جديد من خرافة السلام فكل شروط نتنياهو سوف تلبى ومعها التطبيع العربي مع استمرار الاستعمار الاستيطاني وعدم الجلاء عن شبر من ارض فلسطين عمليا . مستطردا بالقول « الامل في صدورنا لن يموت و سيبقى يتجسد بمقاومة شبابنا و صمود شعبنا حتى الحاق الهزيمة بالخرافة الصهيونية و مشروعها الاستعماري العنصري الفاشي الارهابي».
رحم الله المناضل الفلسطيني الذي كرس حياته دفاعا عن وطنه وشعبه وثورته .....سيفتقدك رفاق الدرب والمثقفون الذين يحملون فلسطين في قلوبهم.