جولة ولي العهد السعودي وترتيب أولويات الرياض داخليا وخارجيا

بدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سلسلة زيارات رسمية قادته الى مصر ثم الى بريطانيا ،

ضمن جولة ترمي الى اعادة ترتيب علاقات الرياض الخارجية ونقلها الى مرحلة جديدة من الشراكات الاستراتيجية مع عديد الدول سواء الاقليمية او الاجنبية. وتأتي هذه الجولة في وقت تعيش فيه المملكة على وقع تغييرات داخلية في البلاط الملكي، في خضم صراع الاجنحة داخل العائلة الحاكمة، اضافة الى اطلاق بن سلمان سياسة الانفتاح الاجتماعي والقانوني في محاولة لتخفيف الاعباء والضغط على المستويين الشعبي والرسمي. 

ولئن اكدت زيارة القاهرة على متانة الحلف المصري – السعودي وتطابق مواقف البلدين فيما يتعلق بعديد الملفات في المنطقة لعل اهمها محاربة «الارهاب» من منطلقات متعددة، فان وزير الخارجية البريطاني اكد بان زيارة ولي العهد السعودي إلى لندن ستسفر عن نقل العلاقات إلى مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. معتبرا ان بلاده تتفهم حق السعودية في الدفاع عن أمنها، في اشارة الى دعم بريطانيا للحرب السعودية على اليمن .

منذ تسلمه العرش في جوان 2017، وجد الامير الجديد نفسه في مواجهة تحديات ضخمة واعباء متزايدة ، فعلى المستوى الداخلي بدأ بسياسة « تطهير» الاعداء والخصوم المنافسين على العرش. وقد اتخذت هذه الحملة عناوين متعددة منها محاربة الفساد ، واسفرت عن اعتقال رجال الاعمال وشخصيات بارزة في عالم المال والاقتصاد في المملكة اضافة الى مسؤولين في الحكم . وذلك تحت ستار «إطلاق عجلة التحول الاقتصادي والسياسي والاجتماعي». وتزامن ذلك مع اطلاق الحريات التي كانت حتى بالامس القريب مجرد حلم صعب المنال بالنسبة لشرائح سعودية واسعة على غرار قرار السماح لنساء السعودية بقيادة السيارة».. واخيرا تم السماح بعقد عدد من الحفلات الفنية العامة لكن ضمن اطر وقواعد معينة .

هذا المسار الذي سلكه بن سلمان على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، قابله مسار آخر خارجي – افتتحه - الرئيس الامريكي ترامب بزيارته للملكة وما تمخض عنها من مواقف تجاه قضايا الصراع في الشرق الاوسط .. التقارب الامريكي - السعودي ليس بالمجان بل يفترض تبني الرياض لـ«صفقة القرن» والترويج لها كأحد اطر فض النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي او الصراع العربي الاسرائيلي ..في المقابل اخذ التركيز على محاربة ايران كعدو استراتيجي وعامل مهدد لأمن الرياض والمنطقة الحيز الاكبر . ويرى البعض ان « الازمة الاخيرة المفتعلة مع لبنان في اعقاب ازمة «احتجاز» او استقاله رئيس الحكومة سعد الحريري – تأتي ايضا في اطار ممارسة الضغط على ايران وحلفائها في لبنان وقي مقدمتهم حزب الله من اجل اضعاف شركاء ايران في الداخل اللبناني وعلى الحدود مع اسرائيل وفرض المزيد من التضييقات عليهم ، وهذا كان من شأنه ان يعيد لبنان الى دائرة الانقسام والخطر مجددا.

وتبقى الحرب على اليمن ، احد اهم الملفات الشائكة امام الرياض ، اذ لم تتمكن الحملة او التحالف السعودي من تحقيق اهدافه مع استمرار الوضع على ما هو عليه ، وهذا ما دفع بن سلمان الى اجراء تغييرات كبيرة صلب وزارة الدفاع – تدخل في اطار ادارة الحرب في اليمن - واسفرت عن تغييرات في مراكز كبرى في الجيش ورئاسة الأركان والدفاع الجوي والقوات البرية .

فيما يتعلق بالخلاف الخليجي يبدو ان هناك ضغطا امريكيا نحو التهدئة بين الدوحة والرياض بعد ان تداولات انباء امكانية انعقاد قمة امريكية خليجية في منتجع «كامب ديفيد» -لم تتأكد بعد رسميا- . وبحسب التقارير المتداولة فان واشنطن تربط عقد القمة بتحقيق الدول الخليجية تقدما في مسار الازمة بين قطر وكل من السعودية والإمارات والبحرين. وتهدف هذه القمة الى احتواء الخلافات داخل البيت الخليجي والتركيز على ايران كعدو مشترك لكل الاطراف اضافة الى محاربة الارهاب وتسهيل تنفيذ « صفقة القرن » ..

من جهته يقول الكاتب والباحث اللبناني قاسم قصير ما يقوم به سلمان هو محاولة لتسويق مشروعه السياسي الداخلي والخارجي أن لجهة تقديم نفسه كمشروع إصلاحي أو لجهة دوره الإقليمي في مواجهة إيران وحلفائها وكذلك دعمه لصفقة القرن. ويضيف محدثنا ان ولي العهد السعودي يريد تحويل ما حققه داخليا من تعزيز للنفوذ إلى قوة خارجية والاستفادة من قرار مصر بالتنازل عن الجزيرتين والتعاون مع مصر في مواجهة الدور الايراني وبحث أفق التسوية.

اما بالنسبة لبريطانيا فأوضح الباحث اللبناني ان بن سلمان يريد من ناحية تسويق دوره الإقليمي ومشروعه الداخلي. ومن ناحية أخرى تحسين صورته وأخذ الدعم في الملفات المختلفة اليمن وسوريا ولبنان.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115