ردود فعل سلبية خاصة لدى الدول الاوروبية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية التي اتهمت موسكو بانتهاك معاهدات الحد من التسلح . وتأتي اتهامات واشنطن لموسكو على خلفيّة الخطاب المُثير للجدل الذي القاه الرئيس الروسي امس الاول والذي اعتبر من أقوى الخطابات التي أدلى بها بوتين بعد توتر العلاقات بين روسيا والدول الاوروبية على خلفية الازمة الاوكرانية.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال رسالته السنوية أمام الجمعية الفيدراليةعن اعتماد القوات المسلحة الروسية أكثر من 300 نموذج جديد من المعدات العسكرية منذ عام 2012.وقال بوتين إن تجهيز القوات المسلحة الروسية بالأسلحة الحديثة ازداد 3.7 مرات. إذ تم اعتماد أكثر من 300 نموذج جديد من المعدات العسكرية، بينها 80 صاروخا بالستيا جديدا و102 صاروخ بالستي للغواصات و3 غواصات استراتيجية من مشروع «بوري». وأضاف بوتين أن روسيا تصنع منظومات أسلحة استراتيجية غير بالستية، تعجز منظومات الدفاع الجوي عن اعتراضها.وأعلن بوتين عن اختبار إطلاق صاروخ مجنح يعمل على الطاقة النووية بنجاح في نهاية عام 2017، مشيرا إلى أن هذا الاختبار يعد نقلة نوعية . وعلق بوتين على هذا الصاروخ أن لا أحد في العالم يملك مثل هذه الأسلحة. وبرر الرئيس الروسي تطوير هذه الأسلحة الجديدة الذي أشرف عليه شخصيا، بأنه رد على الأنشطة العسكرية الأمريكية، ولا سيما نشر أنظمة مضادة للصواريخ في أوروبا الشرقية وكوريا الجنوبية.
يشار الى انّ بوتين قال ان بلاده نجحت في تطوير جيل جديد من الأسلحة النووية مؤكدا أنها تستطيع أن تصيب أي مكان في العالم تقريبا وتتلافى ايضا الدرع الصاروخية التي أقامتها الولايات المتحدة. هذا التصريح يزيد -وفق مراقبين- من حدة الاستنفار في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية والتي تشهد توترا نتيجة تضارب استراتيجيات البلدين الاقليمية والدولية ايضا.
تصعيد واستنفار
ويعد خطاب بوتين الاخير الذي تزامن مع اعلان وزارة الدفاع الروسية اتهامات صريحة للولايات المتحدة الامريكية تتهم الاخيرة بامتلاك 20 قاعدة عسكرية في سوريا ، يرى مراقبون ان خطابه الاخير اعطى منحى جديدا لنقاط التوتر المتزايدة بين واشنطن وموسكو منذ اندلاع الازمة الاوكرانية الى اليوم.
ورغم ان وعودا كثيرة تم قطعها خلال الحملة الانتخابية للرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب بالعمل على تجاوز التوتر الكبير الذي ساد العلاقات بين البلدين في ظل حكم الرئيس السابق باراك اوباما ، الا ان الوضع يزداد توترا اليوم خاصة مع القضية المثيرة للجدل والمتعلقة بالتدخل الروسي في نتائج الانتخابات الرئاسية.
والقت عدة صحف امريكية الضوء على تداعيات مثل هذا التطوير الروسي على الامن الاوروبي اذ المحت صحيفة ‹›نيويورك تايمز» الى وجود مخاوف جدية تصعيدية تذكر بحقبة الحرب الباردة.
«قلب الحرب الباردة»
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني محمد محمود مرتضى في حديثه لـ’’المغرب انّ اعلان روسيا حول الجيل الجديد من الاسلحة المتطورة بمثابة ردع من نوع جديد ، مشيرا الى أنّه ‘’قد يكون بداية لسباق تسلّح لا يقدر احد على تحمل تكلفته لا امريكا ولا أوروبا وبالطبع لا روسيا ، من هنا هو محاولة خلق توازن او محاولة فتح نافذة حوار وتواصل’’.
وحول تأثير جبهة سوريا على مثل هذا السباق اجاب الكاتب اللبناني ‹›نعم لكن جبهة سوريا كموقع جيوبوليتيكي وأيضا البحث عن موطئ قدم في البحر المتوسّط ومحاولة حصار روسيا في المنطقة علاوة على السعي لإسقاط ايران من سوريا وما قد يعنيه ذلك من موقع ايران الجغرافي مع موقع روسيا وماتحتويه من ممرات النفط والغاز...الجهة المتصلة من روسيا الى ايران فالعراق فسوريا فلبنان وغيرها من وغيرها من الأسباب» وفق تعبيره.
وحول الخطاب الروسي التصعيدي وتأثيره على موسكو قال محمد محمود مرتضى انّ خط الولايات المتحدة المعتمد عبر سلاح العقوبات فيه استخفاف وتعجرف في التعاطي مع الجانب الروسي ، مضيفا ان الجانب الامريكي يستكثر استعمال روسيا لحق النقض على سبيل المثال في مجلس الامن اذ تتصرف الولايات المتحدة الامريكية وكأن هذا الامر حق حصري لها . وتابع محدّثنا ان تصريح بوتين اشبه بمن يصرخ قائلا: كفى استصغارا لنا اننا دولة نووية ينبغي ان لا تنسوا ذلك ...والواقع ان الرسالة «النووية» قد يكون المعني به هو اوروبا اكثر منها امريكا...لطالما كانت الحرب الباردة اعظم خطرا على اوروبا» على حد قوله .
وأضاف الكاتب اللبناني «نحن في قلب حرب باردة وليس امام حرب باردة .. لكنها حرب لا يريد احد الاعلان عنها ...نعم ربما تكون التطورات المحتملة بمثابة الاعلان عن هذه الحرب القائمة منذ ان قررت اميركا وحلف الناتو الاقتراب من المجال الحيوي البري لروسيا ... ومحاصرة روسيا وقطع الشريان الحيوي لاقتصادها المتنامي المتعلق بالنفط والغاز».