لدى ليبيا لحلّ الأزمة السياسيّة ،وأكّد المُجتمعون على أنّ الاتّفاق السّياسي هو الإطار الوحيد لتجاوز الخلافات بين الفرقاء.
وكان وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل قد ترأّس القمّة مناصفة مع نظيره الفرنسي جان ايف لودريان . حيث جدّد مساهل تمسّك بلاده بتنفيذ الاتفاق السياسي ورفض الحل العسكري والتدخل الخارجي بكل انواعه. وعلى هامش أشغال القمة كانت لوزير خارجيّة حكومة الوفاق الليبية محمد سيالة عديد الجلسات منها تلك التي جمعته مع وزير الخارجية التّونسي خميس الجهيناوي ،وأفادت مصادر مقرّبة من خارجية الوفاق بان الجانبين الليبي والتونسي اتفقا على ضرورة دعم غسان سلامة في إطار مساعيه لتذليل العقبات وتقريب المواقف ووجهات النظر بين كل الأطراف . هذا ويواصل المبعوث الأممي سلامة اتصالاته مع مختلف الإطراف الدولية من اجل تجاوز حالة الجمود التي تعرفها التسوية السياسية وحلّ الملفات العالقة .
في هذا السياق اجتمع غسان سلامة أمس الاثنين في بروكسل مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، حيث جرى استعراض اخر تطورات الملف الليبي وكيفية حله بعض الإشكاليات سيما المتعلقة بمعضلة الهجرة غير الشرعية وإمكانية اتخاذ بعض الخطوات والإجراءات لتحسين ظروف احتجاز المهاجرين ومزيد التنسيق مع ليبيا ودول المصدر لإعادة المهاجرين إلى دولهم، كما تطرق اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي مع المبعوث الأممي إلى تدارس فرض عقوبات على مهرّبي البشر .
الحراك الدبلوماسي الهادف لحل الأزمة السياسية الليبيّة تضاعف خلال الأيام الأخيرة وكان على رأس نشاطات المسؤولين من ذلك لقاء الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي اللذين أكدا دعمهما لخطة عمل الأمم المتحدة. من جانبه أكد وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة عبد الله بن زايد خلال اجتماعه مع نظيره الايطالي انجيلوني الفانو على هامش لقاء الحوار الاستراتيجي الثالث بين الدولتين على ضرورة دعم جهود الأمم المتحدة في إعادة الأمن والاستقرار إلي ليبيا ومحاربة الإرهاب ورفض التصعيد العسكري .
وأعاد وزير خارجية دولية الإمارات التذكير بموقف بلاده الثابت في عدم التدخل في الشأن الداخلي الليبي والوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف ،أما وزير الخارجية الايطالي فقد نفى بشدة نية الحكومة الايطالية التدخل العسكري في ليبيا في اشارة ألي موافقة البرلمان الايطالي إرسال المزيد من الجنود إلي ليبيا . مؤكدا بان مهمة البعثة العسكرية لبلاده هي تقديم الدعم اللوجستي للجهات الشرعية الليبية لا غير .
آلية وساطة
كشفت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا بعث آلية وساطة من اجل انجاز المصالحة الوطنية الشاملة بعضوية ومشاركة عقلاء وأعيان القبائل ،باعتبار ان موضوع المصالحة يمثل إحدى مراحل ومحطات خارطة طريق الأمم المتحدة التي تبناها مجلس الأمن الدولي .
ويرى مراقبون لأداء غسان سلامة بان خلق آلية الوساطة خطوة على الطريق الصحيح ،ومن شانها تشجيع المجلس الأعلى للقبائل على لعب دوره لإصلاح ما أفسدته الصراعات بين القبائل والمدن طيلة سنوات الأزمة .معلوم أن المجلس الأعلى للقبائل رفض في السابق ان يكون طرفا في أية حوارات تحت رعاية الأمم المتحدة سواء خارج أو داخل ليبيا ،لكن بفضل الية الوساطة فان هذا الحوار سيكون ليبي – ليبي والواقع ان غسان سلامة أنجز خطوات مهمة وعملية في إطار إصلاح ذات البين بين الليبيين والدليل تنفيذ مراحل هامة من اتفاق عودة نازحي تورغاء إلي بيوتهم .وبفضل جهود بعثة الأمم المتحدة تدخل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وأرسل تجهيزات صحية، وشرع في ترميم وصيانة المؤسسات التربوية في مدينة سرت .
مشاهد العبث تتواصل
مقابل هذه الجهود والمساعي الرامية لحل الأزمة وتحسين الظروف المعيشية لليبيين ،تواصل بعض الأطراف عبثها دون الاخذ بعين الاعتبار مايمكن ان ينتج من تداعيات عن ذلك السلوك ،إذ اجتمعت مليشيات تاجوراء أمس برئاسة المدعو البشير البقرة وبحثت توحيد قيادة جميع مليشيات المدينة وتشكيل لواء لتامين العاصمة طرابلس. يشار إلى أن مليشيات تاجوراء هاجمت الأسبوع الماضي مطار معيتيقة وحاولت إطلاق سراح إرهابيين اعتقلتهم حكومة الوفاق لكنها فشلت في ذلك وخلفت المواجهات خسائر بشرية ومادية كبيرة 23 قتيل و 60 مصاب وتدمير طائرات وممتلكات خاصة وعامة اخرى .
وعلى خلفية تلك الإحداث تعالت الأصوات من مصراتة مطالبة بإنشاء قوة من تاجوراء والخمس ومصراتة لتامين طرابلس ،وهو ما استجابت له مليشيات البقرة أمس .وتسيطر المخاوف على أهالي سوق الجمعة و طريق المطار في طرابلس من هجوم جديد من تاجوراء على المنطقة .تطورات ردت عليها داخلية السراج بدفع المزيد من التعزيزات الأمنية إلى محيط
مطار قاعدة معيتيقة، كما قامت وزارة دفاع الوفاق بذات الخطوة الاحترازية .
ويجمع المتابعون لمسار التسوية السلمية للازمة بان مسلسل العبث والعرقلة والتصعيد العسكري من المجموعات المسلحة لن يتوقف إلا بفرض عقوبات حازمة وصارمة على هؤلاء المعرقلين لمسار التسوية وتدخل حازم لمشايخ القبائل الكبرى وما يعرف بقبائل الطوق حول العاصمة .