كما انتقد غسان سلامة تواصل الانتهاكات في حق المهاجرين داخل مراكز الاحتجاز.
وأجمعت تدخلات المندوبين لدى الأمم المتحدة الخاصة بالأزمة الليبية على ضرورة دعم مبادرة الأمم المتحدة لحل الأزمة ومساعدة الليبيين على تخطي المرحلة الصعبة وبلوغ الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وطالب اغلب المندوبين بمزيد من ممارسة ضغوط على الأطراف المعرقلة للتسوية السياسية، حيث لاحظ المندوب الفرنسي انه على الدول التي لديها نفوذ على أطراف محلية التدخل في حين لفت مندوب روسيا النظر إلى العراقيل التي يعرفها الاقتصاد الليبي بسبب تفشي التهريب الذي وصل الى ابواب أوروبا. ويجمع المتابعون للشأن الليبي بأن أهم ما في تقرير غسان سلامة هو تعرضه لملف الترتيبات الأمنية ،وذلك عندما كشف أن البعثة تفكر في إقرار إستراتيجية لدعم المجموعات المسلحة صلب المؤسسة العسكرية بعد التوافق على توحيد الجيش ،وكذلك التفكير في التدابير والإجراءات الواجب القيام بها ضد الأفراد و الكيانات المعرقلة.
والتقى غسان سلامة في هذه المسألة مع مضمون كلمة مندوب مصر لدى الأمم المتحدة الذي أشار إلى استمرار بلاده في جهودها لتوحيد الجيش الليبي في إشارة إلى الجلسات المتتالية التي تدور في مصر بين ضباط من مختلف مناطق ليبيا ،كما يتناغم غسان سلامة في طرحه مع مبادرة الرؤية الشاملة الصادرة عن نواب من البرلمان وأعضاء من الأعلى للدولة خلال اجتماع لهم بالقاهرة جرى الأسبوع الماضي.
ضغوطات في الأفق
معطيات ومؤشرات متعددة تؤكد بأن المجتمع الدولي ومن خلال منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمنظمات الإقليمية من إتحاد أوروبي و إتحاد إفريقي وجامعة الدول العربية ، قد نفد صبره حيال مواصلة الأطراف الليبية المتصارعة إهدار الفرص المتاحة لتحقيق السلام في بلادهم واستمرار الجهل أو التجاهل للمخاطر والتحديات المحدقة بليبيا فالذي يحدث داخل ليبيا من انتهاكات كارثية وفق التقارير الدولية وظاهرة الإفلات من العقاب وإنتشار السلاح زاد من تأزم الوضع .
معطيات تؤثر كلها على الأمم المتحدة سوف تجد نفسها مجبرة مرة اخرى على السماح لأطراف دولية بممارسة ضغوطات على الأطراف المعرقلة كي ترضخ لإرادة المجتمع الدولي ،وإنجاح مبادرة البعثة الأممية وهي المبادرة الأخيرة التي تمنح للفرقاء المحليين لتحقيق السلام في ليبيا وليكون الحل ليبي – ليبي وإلا فإن أكثر من سيناريو سوف يتم اللجوء إليه ومن تلك الخيارات وضع ليبيا تحت الوصاية.
السيناريو الثاني الذهاب إلى إنتخابات برلمانية ورئاسية مهما كانت العقبات ودون توحيد الجيش و المهم هنا هو وجود حكومة مركزية معترف بها دوليا وهذا الخيار يشابه ما حدث في العراق أفغانستان.
وإجمالا فإن كل السيناريوهات مطروحة أمام الأمم المتحدة ومبعوثها لدى ليبيا الذي ربما عاد إلى الكتاب المرجع للأمم المتحدة قصد البحث عن حل سريع للأزمة ، كتاب أهم ما فيه هو تجزئة مكونات الأزمة، وهذا بالضبط ما يعكس اهتمام غسان سلامة بباب السلطة التنفيذية ممثلة في جسم المجلس الرئاسي ومجلس الوزراء وتخليه تماما عن باقي الأجسام أي الجسم التشريعي والاستشاري بما أنهما استمرا في الصراع على الصلاحيات والنفوذ.
ميثاق وطني
من جهة اخرى يستعد مجلس النواب لعقد جلسته مطلع الأسبوع القادم و تراهن رئاسة البرلمان على حضور جميع النواب وذلك من أجل مناقشة توافقات لجنة الصياغة المشتركة بين المجلسين – البرلمان والاعلى للدولة - حول تعديل عدد من مواد ملحق الأحكام الإضافية ،وذلك تنفيذا لخارطة الطريق الأممية وأيضا المادة 12 من الاتفاق السياسي التي تنص على أنه في حال بروز خلاف بين المجلسين في تطبيق الاتفاق السياسي يقع اعتماد لجنة مشتركة من هنا وهناك لتجاوز الخلافات وفكرة بعث لجنة صياغة موحدة استحدثها المبعوث الاممي غسان سلامة حيث وجد نفسه مجبرا على ايجاد الية جديدة إضافة إلى لجنتي الحوار أولا باعتبار أن عدد أعضاء اللجنتين كبير – 24 عضوا عن كل طرف – وثانيا لان غسان سلامة يعلم أنه كلما تضخم عدد المتفاوضين تقلصت حظوظ النجاح، كما يدرك المبعوث الاممي بأن الأزمة السياسية في ليبيا بلغت مراحل متقدمة والأمور تتعقد يوما بعد أخر
كما دعا المبعوث الاممي الى عقد ملتقى وطني جامع لكل المكونات داخل ليبيا وأكد منذ البداية بأن الملتقى الوطني ليس بديلا لخارطة الطريق تدل على أن سلامة بحوزته خيارات وبدائل لتخطي العقبات على شرط تحقيقه لنجاحات يبني عليها للمرور نحو تلك الخيارات وهذا بالضبط ما سوف يحدث خلال الاسابيع القادمة إذ لا ينكر عاقل بتحقيق جلسات تونس لنقاط ايجابية أبرزها جلوس الفرقاء الى طاولة واحدة و التوافق على نقاط عديدة.
غسان سلامة يريد استغلال خطوته لدى الشارع الليبي سيما مع انعدام الخبرة السياسية لدى الساسة والقيادات ،وانطلاقا من هذا يعمل الآن على أن تكون الكلمة الفصل لليبيين ضمن المؤتمر الوطني الجامع و بأكبر عدد ممكن وتوسيع قاعدة الحوار .
والمطلوب من المشاركين في المؤتمر الجامع هو بالأساس إيجاد ميثاق وطني يصاغ من طرف الجميع – عقد اجتماع من شانه أن يضمن تنفيذ ما سوف يحصل من توافقات وذلك في غياب الدستور ووجود مجتمع مدني فاعل .