وكان حوار تونس انطلق بأريحية وتناغم بين الأعضاء لكن ومع تقدم الجلسات ظهرت الخلافات من جديد، إذ تمسك كل طرف بمطالبه. وغاب عن المتحاورين بأن التفاوض لا يعني تحقيق المطالب كلها وأن التنازل بديهي وضروري.
ذكرت مصادر مقربة من مقر البعثة الأممية أن عددا قليلا من أعضاء لجنتي الحوار أبدت معارضة، وجاءت مواقفها متشددة وأفشلت الجلسات عدد لا يتجاوز 4 أعضاء بين لجنة البرلمان والمجلس الأعلى للدولة. فمن جهة مجلس النواب يعتقد هؤلاء بأن أي مساس بالمؤسسة العسكرية وإلحاق صلاحيات المادة الثامنة يعني إبعاد حفتر وهو خط أحمر .
ويشدد هؤلاء وعلى رأسهم عضو البرلمان صالحين عبد النبي وعيسى العريبي على أن البرلمان وحده من يعطي الثقة للحكومة، بينما يشدد أعضاء من مجلس الدولة وعلى رأسهم أحمد لنقي أنه لا بد للمادة الثامنة أن تذهب إلى الرئاسي ولا دخل للبرلمان في اختصاصات تنفيذية وإن مسالة منح الثقة للحكومة لا بد لمجلس الدولة أن يكون له دور فيها ولو عبر التشاور، كما يرفض المتشددون صلب الأعلى للدولة توسعة مجلسهم إلا بشرط إعطاء الأعلى صلاحيات أخرى.
ومن هنا اعتبر غسان سلامة أن هذه الخلافات جزئيات عرقلت التوافق، لذلك تحول إلى الداخل الليبي واستهل المعني زيارته إلى طرابلس بلقاء رئيس الرئاسي السراج ثم رئيس الأعلى للدولة السويحلي.وأكد غسان سلامة لمخاطبيه بأن الحل السياسي هو الخيار الوحيد و ان المؤتمر الجامع الذي يجري الإعداد له ليس بديلا عن خارطة الطريق وإنما إحدى مكوناتها ويرمي فقط لتوسعة الحوار، وأشار سلامة إلى أنّ الشعب الليبي لا يحتمل المزيد من المتاعب والمعاناة. وأكّدت مصادر من طرابلس بان غسان سلامة قد يكون طلب من الأعلى للدولة إجراء تغيير صلب نخبته كما سوف ينقل ذات الطلب إلى البرلمان في طرق لإبعاد الأعضاء المتشددين. يشار إلى أن المبعوث الاممي يتحول بعد طرابلس إلى بنغازي للقاء قائد الجيش خليفة حفتر و مدينة القبة أين يلتقي رئيس البرلمان عقيلة صالح لذات الغرض.
الأغلبية تدعم التوافق
يجمع المراقبون على أن البعثة الأممية واثقة بنجاح خارطة الطريق أولا بسبب قلة المعرقلين وثانيا لان الرأي العام المحلي أكد دعمه للخارطة السواد الأعظم من الليبيين ملوا حالة الفوضى واللادولة. وأيقن الشعب الليبي بان غسان سلامة لامس أوجاعهم وبات الشعب تقريبا بأجمعه على قناعة بان الرجل جاد في إقرار حل للازمة المعقدة . كما تدعمت الثقة في الجامعة العربية أكثر من أي طرف ماض لذلك هم مرتاحون لتواصل البعثة مع الجامعة في المساعي القائمة للحل.
فالجامعة العربية التي طلبت رسميا من المجتمع الدولي التدخل في 2011 لحماية المدنيين باعتبار أنه لا آلية لديها للتدخل هي الان تحرص على لعب دور بناء لمساعدة ليبيا لإرساء الاستقرار حيث أن التدخل الدولي اسقط الدولة و النظام و أوجد شبه دولة لذلك الجامعة العربية متحمسة اليوم لتكون سباقة لإرساء الحل و إنهاء الأزمة و هذه الرغبة يدركها غسان سلامة وفريقه وطيف واسع من الليبيين.