يعلن ساكن البيت الأبيض صراحة عن انسحاب بلاده من الاتفاق إلاّ أنّه اعتمد لهجة شديدة هدّد من خلالها طهران رافضا الاقرار بالتزام طهران بالاتفاق، ومثيرا بذلك قلق الدول الموقعة عليه وفاتحا المجال امام مزيد من التعقيد والتشابك في هذا الملف الحساس .
وفي خطابه أمس الأوّل قال ترامب من البيت الابيض انه في ضوء الاتفاق «حصلنا على عمليات تفتيش محدودة مقابل ارجاء قصير المدى ومؤقت لتقدم ايران نحو (امتلاك) السلاح النووي»، متسائلا «ماذا يعني اتفاق يؤدي فقط الى تأخير القدرة النووية لمرحلة قصيرة؟ ان هذا الامر مرفوض بالنسبة الى رئيس الولايات المتّحدة».
وقال ان طهران «تزرع الموت والدمار والفوضى في انحاء العالم» و«عدوان الديكتاتورية الايرانية مستمر حتى اليوم» وتأتي هذه التصريحات لتضاف الى الهجمة الشرسة التي شنها ترامب منذ توليه الحكم في جانفي 2017 ضد ايران والدور الذي تلعبه في المنطقة ، هذا الموقف الامريكي المتشدد يؤكد مراقبون انه بدأ بالتبلور نتيجة التقارب الجاد بين امريكا والمملكة العربية السعودية العدو الاول لإيران في الشرق الاوسط .
وقال ترامب ايضا «لكن اذا لم نتمكن من ايجاد حل من خلال العمل مع الكونغرس وحلفائنا فان الاتفاق سينتهي. انه يخضع للتدقيق الدائم ويمكنني كرئيس الغاء مشاركتنا في أي وقت».وندد ترامب بسلوك «الديكتاتورية الايرانية»، معتبرا انها «اكبر داعم للإرهاب في العالم»، معلنا عقوبات «قاسية» ضد الحرس الثوري الايراني.وتابع ان الحرس الثوري «يستحوذ على جزء كبير من الاقتصاد الايراني لتمويل الحرب والارهاب في الخارج» في اشارة الى مقترحه الاخير بتصنيف الحرس على لائحة الارهاب وهو ماقابله غضب وتنديد ايراني واسع النطاق علما وان الحرس الثوري الايراني بمثابة العصب العسكري للحكومة الايرانية .
الرد الايراني جاء على لسان الرئيس حسن روحاني قائلا أن واشنطن اليوم «هي ضد الشّعب الإيراني أكثر من أي يوم مضى» مما يؤكد دخول العلاقات بين البلدين في نفق مظلم يصعب الخروج منه خاصة مع التوافق الامريكي الخليجي تجاه الملف النووي الايراني نتيجة العداء التاريخي وصراع النفوذ بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية .
تعقيدات العلاقة بين طهران وواشنطن
يشار إلى انّ العلاقات الامريكية الايرانية شهدت تعقيدا متزايدا منذ قيام طهران بتجربة صاروخية ناجحة في فيفري 2017 ، وهو ما اثار غضب الولايات المتحدة الامريكية وخلق توتّرا متصاعدا وحربا كلامية شرسة بين البلدين.
وكان هذا التصادم السريع بين ادارة ترامب الجديدة وإيران مؤشّرا واضحا على المشهد المُعتم الذي خيم على منطقة الشرق الاوسط وعلى واقع العلاقة بين ادارة ترامب وحكومة روحاني ، اذ يرى متابعون للشأن الدولي ان هذا الجفاء الايراني الامريكي سيكون ذا فائدة لعدة اطراف اقليمية على رأسها المملكة العربية السعودية التي بدأت في التقارب مع الادارة الامريكية الجديدة.
ومع اعتلاء الرئيس الامريكي الجديد سدة الحكم في امريكا وبالنظر الى فريق البيت الابيض الذي شكله بالإضافة الى تصريحاته المتتالية حول ايران وأهمها تصريحه المتكرر أن إدارة سلفه باراك أوباما ألقت طوق النجاة لطهران التي ‘’كانت على شفا الانهيار’’ .ويرى مراقبون انّ سياسة أمريكا تجاه إيران ستشهد تحولا وتصادما كبيرين خصوصا وان ترامب عين جنرالا امريكيا معروفا بعدائه وتخصصه في الشأن الايراني. ويرى متابعون ان هذا الجفاء بين واشنطن وترامب مرتبط بالتقارب بين السعودية وأمريكا على اساس المصالح المتبادلة للطرفين في منطقة الشرق الاوسط ، والذي بدأت ملامحه تتضح من تصريحات السلطات السعودية حول نيتها الاستثمار بمليارات الدولارات في الولايات المتحدة الامريكية مقابل تأكيد ادارة ترامب على ان الرياض شريك اساسي في المنطقة العربية
بين المعارضة والتأييد
وجاءت ردود الفعل حول خطاب ترامب منقسمة ومتضاربة بين تاييد ومعارضة الاولى عبرت عنها اغلب الدول الغربية من باريس وبرلين ولندن والتي اكدت «التزامها» المستمر بـ الاتفاق ، كما انتقدت موسكو حليفة ايران تصريحات ترامب واصفة اياها بـ»العدائية›› ، بالإضافة الى تصريحات شديدة اللهجة من الاتحاد الاوروبي الذي قال ان ترامب لا يملك سلطة لإلغاء اتفاق ايران النووي .
على صعيد اخر قوبلت تصريحات الرئيس الامريكي دونالد ترامب بترحيب خليجي من الامارات والمملكة السعودية بصفة خاصة وتأييد اسرائيلي واضح لما اعتبرته قرارات «صائبة» من البيت الابيض.