نتيجة عدة تراكمات وملفات عالقة بين البلدين.
يشار الى أنّ الولايات المتّحدة الأمريكيّة أعلنت أنها تقوم بـ«مراجعة» تقييمها لالتزام الحكومة التركية بتأمين البعثة الدبلوماسية الأمريكية في تركيا، ذاكرة أنها توقف منح التأشيرات لغير المهاجرين في تركيا.وقالت السفارة الأمريكية لدى أنقرة، في بيان أصدرته «إن الأحداث أجبرت حكومة الولايات المتحدة لمراجعة تقييمها لمدى التزام الحكومة التركية بضمان أمن مكاتب البعثة الدبلوماسية الأمريكية وموظفيها في تركيا».
و رداً على هذا القرار ، أعلنت تركيا الأحد أنها توقفت عن إصدار تأشيرات للمواطنين الأمريكيين، باستثناء تأشيرات الهجرة، وذلك رداً على خطوة مماثلة اتخذتها الولايات المتحدة في وقت سابق.وقالت السفارة التركية في واشنطن إن ‹›الأحداث الأخيرة أجبرت الحكومة التركية على إعادة تقييم مدى التزام الحكومة الأميركية بأمن منشآت وموظفي البعثة التركية››.
ويأخذ التوتر التركي الامريكي ابعادا عدة سواء على مستوى الواقع الإقليمي او على مستوى علاقة تركيا بالغرب بصفة عامة . إذ يؤكّد مُتابعون أنّ بداية الخلاف التّركي الغربي عامّة بدأ منذ تعثّر وتجميد مفاوضات دخول انقرة الى الاتحاد الأوروبي بعد سنوات طويلة من السّعي التركي المحموم للانخراط في صفوف الدّول الأوروبيّة. ومن أهم أسباب تجميد مفاوضات دخول تركيا هو واقع الحريّات في تركيا التي يعتبر الغرب واقع حرية للتّعبير وحريّة الصحافة متدهورا داخلها، هذا التدهور زادت وتيرته بعد افشال المحاولة الانقلابية في جويلية 2016 وماتبع ذلك من حملة اعتقالات طالت الالاف من جيش وأكاديميين وسياسيين وقضاة وصحفيين وإعلاميين . هذه الحملة الواسعة التي شنتها سلطات أردوغان جوبهت بانتقادات وخشية دوليّة من مآل الحقوق والحريّات، خاصّة وانّ هذا الملف كان سببا في القضاء على حلم تركيا في الالتحاق بركب الدّول الاوروبية .
قضية اخرى كانت سببا أيضا في تأجيج الخلاف بين واشنطن وأنقرة وهو ملفّ تسليم الداعية الاسلامي فتح غولن المتّهم الأوّل في المحاولة الانقلابيّة التي هزّت تركيا في جويلية 2016 ، وهو مطلب تماطل امريكا في الاستجابة له منذ أشهر عديدة رغم الضغوطات التركيّة الكبيرة .
استفتاء توسيع صلاحيات اردوغان
من بين اسباب توتر العلاقات الامريكية كان استفتاء 16 افريل الذي نجح اردوغان من خلاله من توسيع صلاحياته حيث ضمن الانتقال من النظام البرلماني في تركيا إلى النظام الرئاسي الذي زاد من احكام قبضة حزب العدالة والتنمية الحاكم على مؤسسات الدولة وهياكلها. هذا الاستفتاء قابله رفض غربي امريكي خاصة .
اذ يرى متابعون ان نتيجة الاستفتاء جاءت لتحصين موقع اردوغان عبر إحداث ترسانة قوانين تتماشى مع خطواته في الرئاسة ،ويرى المراقبون ان هذه المحاولات بدأت منذ تولي اردوغان الحكم عبر الاساليب التي باتت تتبعها الحكومة التركية من تشديد للرقابة الاعلامية والاعتقالات والإقالات والمحاكمات التي طالت صحفيين وقضاة وسياسيين وذلك حتى يسعى أردوغان الى بسط هيمنته ونفوذه على كافة مفاصل الدولة ، وهو مايزيد من الهوة بين الدول الغربية وانقرة.
الأكراد.. نقطة خلاف
ومن بين الملفات الحساسة التي اثرت على العلاقات التركية الامريكية هو دعم واشنطن للأكراد في سوريا ، علما وان انقرة تعيش حربا ضروسا امتدت لسنوات مع الاكراد الذين ينادون بالانفصال عن الدولة التركية ، كما انها صنفت جماعة بي كاكا الكردي منظمة ارهابية لمنع أي نشاطات رسمية له قد تهدد امن تركيا الداخلي.
ويعدّ الصراع التركي الكردية صراعا ازليا تتجلّى احدى اوجهه على الميدان السوري بين قوات تركيا المتمركزة هناك ومايسمى بقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة الامريكية . ولعل تقدم هذه القوات المدعومة من واشنطن في سوريا سرّع وتيرة المواجهة المباشرة بينها وبين انقرة، خاصة وانها تتكون من اغلبية كردية تعتبرها الحكومة التركية خطرا حقيقيا يقض مضجعها خشية تحول الاقتتال في الشمال السوري الى شرقها اين ينادي حزب العمال الكردستاني منذ عقود طويلة بالاستقلال عن الدولة التركية .
وزاد هذا التحالف والدعم الامريكي لقوات سوريا الديمقراطية من الجفاء بين الغرب وتركيا ، اذ اتهم أردوغان مجددا أوروبا بتقديم مختلف أنواع الدعم لمنظمتي «فتح الله غولن» و«بي كا كا» (منظمة كردية تصنف ارهابية) ، لقطع الطريق أمام بلاده التي تزداد قوة وفق تعبيره. كما جاء قصف تركيا الاخير لمواقع تابعة لوحدات الشعب الكردية ليزيد من حدّة الاجواء المتوترة بطبعها في سوريا .
كما زاد الموقف الامريكي الاخير غير الحاسم من استفتاء انفصال اكراد كردستان عن العراق ، زاد من الفجوة بين انقرة وامريكا ، اذ تعتبر حكومة اردوغان امكانية قيام دولة كردية على حدودها وتاثيرات ذلك على امنها الداخلي والاقليمي .