فكل السيناريوهات قد تبدو مطروحة وذلك مع تلويح وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري باتخاذ اجراءات مضادة لمنع اجرائه بالتعاون مع تركيا وايران.
وحدها «اسرائيل» هللت لانفصال الاكراد وسارع رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو منذ اللحظات الاولى التي اعقبت الإعلان عن اجراء الاستفتاء، الى تأييد اقامة دولة مستقلة قائلا: « ندعم جهود الشعب الكردي للحصول على دولة». وكذلك صرح الجنرال الصهيوني السابق يائير غولان في وقت سابق من هذا الشهر، أنه معجب بـ«فكرة كردستان مستقلة». مشيرا الى ما اسماه « التعاون الجيد» بين دولة الاحتلال الاسرائيلي والشعب الكردي منذ ستينيات القرن الماضي .
ولا يخفى ان دعم «اسرائيل» يأتي في سياق «اعتبارات امنية»، فإضعاف دول الجوار وتهديد وحدتها ، يصب في صالح قادة الكيان ..وقد سبق ان دعمت تل ابيب ايضا انفصال جنوب السودان عبر التسليح العسكري للحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان» . وليس خافيا على أحد ايضا شعور «اسرائيل» بالارتياح لكل ما يدور في المنطقة منذ اندلاع ما سمي بـ «الربيع العربي» ..من حروب أججت النزعات الطائفية والاثنية الانفصالية ..ولكن سياسة جلد الذات لا تنفع ..فشعوب المنطقة وأنظمتها وحكوماتها تتحمل المسؤولية الاولى والاهم عن كل ما يحصل ..عبر القراءة الخاطئة لتحولات التاريخ والديمغرافيا من قبل هذه الحكومات ..الامر الذي جعل العدو الاسرائيلي يستغل نقاط الوهن في هذا الجسد العربي – وما اكثرها – من أجل اللعب على وتر الانفصال ..
والمشهد السريالي الاهم الذي تطمح اليه دولة الاحتلال هو قيام شرق اوسط جديد بدويلات طائفية ودينية وما شابهها ويعطي الشرعية – المكانية – ان صح التعبير لتعليل وجود ما يسمى بـ«الدولة اليهودية».
في هذا الاطار لا يمكن ان يثير الدهشة اقبال شباب من الاكراد على رفع العلم الاسرائيلي في كردستان العراق والتهليل لهذا «الدعم القادم من الكيان الاسرائيلي» بكل اندفاعة . وكذلك ألهبت الحماسة لإسرائيل نشطاء ومستعملي وسائل التواصل الاجتماعي من الاكراد وأثارت جدلا واسعا بين الاكراد انفسهم بين مؤيد ومعارض لمشروعية الاندفاع لمصافحة « اسرائيل» بصفتها عدوة العرب الاولى...وقد اكد بعض الناشطين ان لا شيء يمنع تحالف الاكراد مع «الدولة العبرية» ما دامت هي الطرف الوحيد الذي يدعم تحقيق حلمهم الانفصالي ومادمت عديد الانظمة العربية تطبع -سرا او علانية- مع «اسرائيل» ويرفرف علم الاحتلال في سمائها ..هذه التصريحات التي الهبت وسائل التواصل الاجتماعي على طول الايام الماضية ركزت جميعها على ان العرب تاريخيا أنكروا حقوق الاكراد ومشروعية وجودهم...
لقد حاولت الانظمة العربية القديمة والجديدة طوال العقود الماضية -بكل ما اوتيت من قوة- طمس قضية الاكراد وأنكرت حقوقهم ، وكذلك فعلت مع عديد الاقليات الاخرى..وهذا التمييز الطائفي كان سببا لاندلاع حروب عديدة على مر التاريخ في الشرق الاوسط ...وكل الخشية الآن من ان لا تحل قضية الاستفتاء بالحوار والمنطق ، فيصبح بذلك « الاستفتاء المزمع» الشرارة الاولى لتفجر بركان جديد لا يمكن له إلا ان يحرق الأخضر واليابس ،ويجعل قادة الكيان الاسرائيلي يعيشون بسلام وأمن في لحظة تأمل أمام تخبط أعدائهم وضياعهم في دوامة من الحروب والأزمات المستعصية..