وتتدخل اطراف خارجية في مسار التفاوض بين اطراف الازمة الليبية بهدف ارساء تسوية سياسية تخرج البلاد من نفق مظلم يخيم عليها منذ سنوات ، ولعل زيارة وزير الخارجية الفرنسي جون ايف لودريان امس الى ليبيا تتنزل في اطار حث اطراف النزاع على الالتزام بالاتفاقات المبرمة بينهم وآخرها اتفاق باريس الذي جمع فايز السراج وخليفة حفتر. وعلى هامش الزيارة التقى لودريان بحفتر في مدينة بنغازي لبحث الأزمة الليبية وجهود الوساطة الفرنسية للوصول إلى تسوية سياسية».
وفور وصوله إلى ليبيا بحث لودريان مع مسؤولين ليبيين رفيعي المستوى بالعاصمة طرابلس سبل دعم تفعيل اتفاق باريس لوقف إطلاق النار في ليبيا.
من جهته قال الكاتب الليبي معتز المجبري في حديثه لـ«المغرب» ان المشهد الراهن يشمل تأخرا وانحسارا لرقعات سيطرة تيار الإسلام السياسي وتراجع نفوذهم بشكل كبير إضافة لازدهار الجيش الليبي ،وتقدمه بشكل كبير في مدن جديدة وبسط نفوذه وتيقن الجميع من عدم جدوى الاتفاق السياسي.وأضاف انه على الصعيد الاقتصادي الأزمة الليبية الاقتصادية تزداد بشكل يومي مع غياب الحلول الحقيقية وفق تعبيره.
انقسام داخلي
وعن اسباب التوتر الاخير داخل حكومة الوفاق بخصوص التعيينات ومدى نجاح السراج في استغلال سلطته وإدارة البلاد خاصة وان الحديث كثر عن وجود خلافات بين اعضاء المجلس الرئاسي ، قال محدثنا ان الخلاف بين أعضاء الرئاسي ليس بالأمر الجديد ، مضيفا انه منذ أولى اشهر تشكيل هذا الجسم كان هناك توتر كبير بين الأعضاء نتج عنه العديد من المواقف منها تعليق عضوية نائب الرئيس علي القطراني تلتها تعليق عضوية عضو الرئاسي عمر الأسود تلاها بعام استقالة نائب الرئيس موسي الكوني ،ناهيك عن عديد البيانات المتبادلة الاتهام بإصدار بيانات فردية علي أنها تمثل توجه المجلس الرئاسي بشكل عام كبيانات نائب الرئيس فتحي المجبري و عماري زايد على حد قوله.
وتابع «هو ان ذلك الخلاف امر طبيعي متوقع جدا لعدة أسباب أهمها سببان ان هذا المجلس الذي يسمى توافقيا لم يكن يوما يحمل اي توافق سواء بين اعضائه او بين من شكله من أطراف النزاع التي كانت تعاني من ضغط اممي آنذاك لإقرار هذا الاتفاق فقط لتسجيل نجاح للبعثة الاممية كأول نجاح في احتواء أزمة في البلاد. لذلك كانت العجلة في اقرار هذا الاتفاق وعدم انخراط العديد من الاطراف الفاعلة فيه وتجاهلها كان سببا في نتاج جسم غير توافقي لاقى الكثير من المعارضة ووضعت له العديد من العراقيل»..
وعن الاسباب الاخرى للانقسام الداخلي بين اعضاء المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق اجاب محدثنا انّ «بدايته شهدت تراجعا للتيار الوطني وهو التيار المعادي للإسلام السياسي ،في مقابل ذلك استطاع التيار الاخير الاستحواذ على كل شي بما فيها مفاصل صنع القرار وجميع المناصب وأصبح المهيمن وما زاد من نفوذ تيار الإسلام السياسي داخل المجلس الرئاسي هو تبنيه للمليشيات التابعة لهذا التيار على انها القوة التي تحمي المجلس ويحارب بها المجلس ويصدر لها تكليفاتها مثلا البنيان المرصوص والحرس الرئاسي». واعتبر ان تيار الاسلام السياسي اصبح هو المهيمن على المجلس بشكل واضح وكبير عن طريق ما ذكرت وهي المليشيات التابعة له و كذلك نواب الرئيس مثل كاجمان وعماري زايد والأخير هذا من الشخصيات المتطرفة .
وتابع المجبري» ما يدل على كلامي بشأن تراجع نفوذ التيار الوطني وسيطرة التيار الاسلامي داخل المجلس هو بيانات المجلس نفسه نلاحظ في بداية إنشاء هذا المجلس سمّي بشكل صريح مجلس شورى ثوار بنغازي انهم إرهابيون ووجبت محاربتهم كذلك سمي سرايا الدفاع عن بنغازي بالإرهابية أيضا، ثم بعد اشهر انقلب كل شي وأصبحت تلك السرايا جسما رسميا تابعا لرئاسة اركان المجلس الرئاسي، بل واكثر من ذلك فقد دعمت لوجستيا وماليا وهذا يوضح هيمنة ذلك التيار على المشهد في طرابلس في ظل رئيس مجلس ضعيف الشخصية مثل السراج الذي وجد نفسه محاطا بكل تلك المليشيات التي لا يستطيع ان يرفض لها طلب وهذا حدث بشكل واضح عندما خرجت مظاهرة طالبت بدخول الجيش للعاصمة تحت قيادة المشير حفتر وقمعت تلك المظاهرة بالرصاص من قبل تلك المليشيات و ناصر السراج المتظاهرين في بيان له و قال انها حرية رأي››.
حيرة فرنسية
وبعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي الى ليبيا تظهر في الواجهة شكوك حول مدى نجاح فرنسا في الضغط على أطراف الأزمة للالتزام بالاتفاق الذي تم في باريس بين السراج وحفتر، وفي هذا السياق اجاب محدثنا ان الاتفاق الحاصل في باريس قد فشل وهو الامر الذي تدل عليه تصريحات المشير حفتر في اكثر من لقاء بعد ذلك الاتفاق وقالها بصريح العبارة ان السراج لا يستطيع الايفاء بما يعد به وهو الامر الذي قلته سابقا كونه محكوم وخاضع لسلطة المليشيات في طرابلس وهو لن يستطيع الايفاء بأي اتفاق ، خاصة ان اي اتفاق يوقع لابد ان ينص على محاربة الارهاب و تفكيك المليشيات وهو امر مرفوض لدى تلك القوى على حد تعبيره.
وبخصوص مستقبل المشهد الليبي في ظل هذه الاضطرابات قال الكاتب الليبي من الصعب التنبؤ بما سيحصل في ليبيا مضيفا ان الوضع لن يستقيم إلا إذا دخل الجيش العاصمة وفككت المليشيات او انضمت بشكل فردي للجيش وليس جماعات عدا ذلك لن يكون مستقبل البلاد افضل من الان .مشيرا الى ان هذا الرأي هو نتاج واقع فلو نظرنا لشرق البلاد لم يستقر إلا بعد ان سيطر الجيش عليه اما في الغرب فلا تزال هناك مليشيات تتصارع والخطف يتكاثر والقتل كذلك والمليشيات تغلق كل فترة مرفق حكومي وهكذا الحال .