أولا لو تقدمون لنا قراءتكم للزيارة التي يؤديها المشير خليفة حفتر الى روسيا ابعادها وتداعياتها على المشهد الليبي ؟
الزيارة التي يقوم بها حفتر الى روسيا حاليا هي امتداد للزيارة التي اداها صحبة فايز السراج الى فرنسا ، هذه الزيارات تعبر عن قلق بعض الاطراف الدولية التي لها مصالح في ليبيا ، وهو مايجعل هذه الزيارة تندرج ضمن الترتيبات التي تتخذها هذه الدول لتامين مصالحها في ليبيا .
فمن بين المصالح الروسية في ليبيا الصفقات التي تم ابرامها خلال عهد النظام السابق نظام معمر القذافي بالإضافة الى بعض الديون المتراكمة لصالح موسكو ، كما يهم موسكو ايضا ان تتحصل على تعاقدات وصفقات جديدة الى جانب حرصها على احترام الاتفاقيات السابقة والوفاء بالتعهدات .
اما بخصوص تداعيات هذه الزيارة على المشهد الليبي فهي لا تمثل تطورا في الوضع الليبي ، كما انها لا تتعلق بمساعي حلحلة الازمة الليبية . في الحقيقة الكل في ليبيا مازال ينتظر حدوث اختراق حقيقي او وجود مبادرة تطرح رؤية للحل اللازم في ليبيا.
قلتم ان المشهد الليبي يحتاج مبادرة جادة ، هل يعني ذلك أنّ المُبادرات العديدة التي تمّ اقتراحها لحلحلة الأزمة على غرار المبادرة التونسية الجزائرية المصرية ليست بالجدية الكافية ؟
للأسف الشديد لا يمكن ان نضع كل المبادرات في سلّة واحدة ، المبادرة المصرية التونسية الجزائرية هي الاقرب والاكثر موضوعية في التعامل مع المشهد الليبي لكن مبادرتا ابوظبي وباريس او غيرها تتناول جانبا محددا من المشكل يخدم جهات معينة لكنها بعيدة كل البعد عن معالجة المشكلة الليبية عكس المبادرات الاخرى التونسية او المبادرة التي اقترحها الاتحاد الافريقي ايضا فهي مبادرات لديها مقومات جادة للنجاح اذا ماحصلت على الدعم من اطراف داخلية ودولية لكن للآسف هذا الدعم لم يصل الى المستوى المطلوب .
ماذا بخصوص المبادرة الداخلية واقصد هنا المبادرة التي اقترحها فايز السراج مؤخرا ، مامدى ملاءمتها للمشهد الليبي الراهن ؟
المبادرة التي قدمها السراح من حيث الشكل جذابة ، لكن من حيث الموضوع ومن حيث المحتوى بعيدة كل البعد عن الواقع فهي مثلا تربط الانتخابات بشروط يستحيل توفرها واقصد هنا ربطها باجتماع مجلس النواب وإقرار قانون جديد للانتخابات وهو امر مستحيل في ظل الوضع الراهن.
كما ان المبادرة تربط اجراء الانتخابات باستمرار عمل المجلس الرئاسي ، مايعني ان الرئاسي سيستمر في السلطة الى ان يتم افراز سلطة جديدة. لذلك فان الأغلبية ترى انها مبادرة من اجل التمديد للرئاسي اكثر منها لحل الازمة الليبية.خلاصة القول فان الجانب الوحيد لمبادرة السراج هو التمديد للمجلس الرئاسي لما لا نهاية .
يرى متابعون أن الصراع بين حفتر والسرّاج من أهم أسباب استمرار الأزمة في ليبيا ؟
هما وجهان لعملة واحدة السراج يمثل الجانب السياسي وعملية الكرامة تمثل الجانب العسكري لعملية منسقة الهدف منها القضاء على المؤسسات الدستورية واستبدالها بمنظومة جديدة هي اقرب الى منظومة النظام السابق .
لا نعتبر ان هناك صراعا في الواقع هي علاقة تكامل بين السراج وحفتر حتى وان كانت تكاملا سلبيا. فرئيس حكومة الوفاق يوجه ليبيا الى مزيد من التفتت والانهيار والتفكك ومزيد من اليأس بهدف دفع الليبيين لتقبل اي نوع من الحكم حتى لو كان يتمثل في صيغة قريبة من صيغة النظام السابق التي تتمثل في التفرد بالحكم.
وهذا مايحدث الان بالفعل مايحدث الآن في ليبيا هو سعي حثيث لتفكيك الدّولة، اذ لا وجود لسلطة مركزية على أرض الواقع بالإضافة للغياب التام لكافة الهياكل التنفيذية التشريعية وغيرها مقابل وجود عدد كبير من المجموعات المسلحة .
كذلك ايضا ظهور او زيادة نفوذ القبائل التي تمارس نشاطا مستقلا عن الكيانات السياسية الاخرى ، كلّ هذه التراكمات تجعل من الوضع الليبي الان في أسوإ حالاته .
برأيكم ماهي العراقيل التي حالت دون التزام اطراف الصراع الليبي ببنود اتفاق الصخيرات ؟
فايز السراج نفسه لم يبدأ حتى بتطبيق البنود الأولى لاتفاق الصّخيرات والمتمثلة في وقف اطلاق النار وفي نزع اسلحة المجموعات المسلحة وإخراج الكتائب من المدن ، كذلك المؤسسات المنبثقة عن اتفاق الصخيرات لا تعمل وفق اساسيات الاتفاق مثلا رئيس المجلس الرئاسي يتخذ قرارات من المفترض انّ تتخذ بالإجماع مثلا دعوته لايطاليا بإرسال سفن حربية الى المياه الاقليمية الليبية والاتفاق حول اقامة مخيمات. كلها قرارات تتعلق بالسيادة الليبية. وتعتبر قرارات صدرت من طرف غير مؤهل لأنها تتخذ بإجماع المجلس الرئاسي .
برأيكم ماهي الحلول الناجعة لتجاوز فترة الفوضى في ليبيا وإعادة بناء مؤسسات الدولة بعيدا عن التناحر؟
هناك اتجاهان لحل الازمة الان الاتجاه الاول هو العمل على تطوير وتعديل اتفاق الصخيرات بحيث تتم اعادة النظر في تشكيلة المجلس الرئاسي لأنه غير عملي. تضمين الاتفاق افكارا مهمة يمكن ان تكون منطلقا لتسوية شاملة وعادلة وقابلة للتنفيذ، وفصل عمل الرئاسي عن الحكومة وأيضا الاخذ بالاعتبار ان مجلس النواب والبرلمان لم يعودا قادرين على القيام بأي دور في المستقبل .
يجب ان يتم الاستفتاء على الدستور اولا وإجراء انتخابات ضمن فصوله ، ستكون مهمة المجلس الرئاسي والحكومة تنظيم استفتاء وانتخابات وفق قانون الانتخابات الموجود حاليا لكن ان ننتظر تشكيل لجنة للنظر في احداث قانون جديد للانتخابات فهذه كلها من الشروط التعجيزية .
الاتجاه الثّاني هو العمل بالمقترح المقدّم من الاتحاد الفريقي وهو دعوة جميع الاطراف المعنيّة بالأزمة للحضور في شكل مؤتمر اقليمي أو دولي برعاية الأمم المتّحدة والاتّحاد الإفريقي تكون له صلاحيّات رعاية وطرح حلول تُرعى وتتم متابعتها من قبل الاتحاد .
ماعدا ذلك فان ليبيا تتجه نحو فراغ كامل للسلطة ربما يؤدي الى حالة من الحرب الاهلية الشاملة .وربما ذلك ايضا الى تدخل الامم المتحدة او اطراف دولية لفرض وصاية دولية على ليبيا لإعادة تشكيل المشهد الليبي وفق مصالح هذه الاطراف الدولية ، نحن في انتظار حدث دولي مهم يتولى زمام الامر في ليبيا .