وعكس ذلك تُطلق التصريحات من هنا وهناك لتعمق الفجوة بين الاطراف المتصارعة وتنسف كل ما تم التوصل اليه.
فبعد لقاء السراج وحفتر في أبو ظبي هلّل الجميع فرحا وتفاؤلا بنهاية الأزمة ، وفجأة جاءت مجزرة براك الشاطئ والتي سقط خلالها عشرات الشهداء من افراد الجيش ، لتوتر العلاقة بين المجلس الرئاسي وسلطات طبرق . وهدد حفتر بالزحف على طرابلس ثم جاءت بعد ذلك مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون المتمثلة في الجمع بين فايز السراج وخليفة حفتر من جديد. ونظرا لأهمية ما اتفق عليه كان من المفروض أن يقوم كل من السراج وحفتر مباشرة بعد مغادرة باريس بإنشاء آليات وتوسيع الحوار بين الأطراف المعنية من اجل تنفيذ الاتفاق الحاصل غير انه عكس ذلك، فقد تحول السراج من باريس الى ايطاليا طالبا التدخل في المياه الاقليمية الليبية لمحاربة الهجرة غير الشرعية ورغم نفي السراج طلبه التدخل تؤكد التقارير انه طلب دعم خفر السواحل الليبية . وقد اثار ذلك موجة من ردود الافعال .
يرى متابعون بأن ساسة ليبيا يتجاهلون شعبهم حيث غاب على مدى سنوات الازمة الاتصال المباشر بالشعب الا تلك الوفود القليلة التي استقبلها حفتر او عقيلة صالح او السراج. مقابل ذلك نجد هؤلاء الساسة يلبون دعوات الخارج لعقد اللقاءات وفق اجندات خارجية .
ويربط مراقبون نتائج اجتماع بين فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق و المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي بمدى جدية الطرفين واستعدادهما لتجاوز الخلافات وطي صفحة الخلافات .
مخاوف وانتظارات
والى جانب المخاوف من التزام جهتي الاتفاق بتنفيذ مخرجات الاجتماع ، الذي التأم بعد جهد كبير، لم يخف بعض المتابعين للشأن الليبي التخوف من تواصل سيطرة المليشيات على المشهد وهم يخشون من تكرار ما حدث في انتخابات البرلمان 2014 حيث تأخر الإفصاح عن نتائج الاقتراع في عدد من مراكز الإنتخاب وتعذّر إجراء الانتخابات في غيرها – درنة وسرت وأحياء من بنغازي.
مقابل تلك التخوفات والتحفظات من امكانية اجراء الانتخابات يؤكد شق المتفائل بأن اتفاق باريس تناول نقطة الترتيبات الامنية عكس المبادرات الاخرى . ويتطابق لقاء باريس في ذلك مع وثيقة الاتفاق السياسي الذي تحدث عن كل مراحل حل المجموعات المسلحة ومن ضمن ما نص عليه اخلاء المدن من الميلشيات الى مسافة 40 كلم كمرحلة اولى قبل تجريدها من سلاحها و دمجها صلب المؤسسة العسكرية و الامنية .
السؤال المطروح في هكذا حال هل بإمكان السراج وحفتر تجاوز خلافاتهما والتنازل لتطبيق مخرجات اجتماع باريس ، وماهي الخطوات التكميلية التي من شانها انجاح ذلك؟
الواضح ان الفترة الزمنية القادمة سوف تظهر وتكشف مستقبل اتفاق باريس وتاثيراته على المشهد الليبي بصفة عامة .المحصلة فان تنفيذ اتفاق باريس يستوجب تضافر الجهود ليس من الليبيين فقط وانما لابد من دعم من المجتمع الدولي بما في ذلك الامم المتحدة واللجنة الرباعية كما ان المرحلة الدقيقة التي تمر بها ليبيا وضرورة الخروج من الازمة تتطلبان وجود رجال يصنعون السلام وفائز السراج وخليفة حفتر ورئاسة البرلمان والمجلس الأعلى للدولة بإمكانهم أنّ يكونوا رجال صناعة السلم في ليبيا دون نسيان الدور المحوري لمشايخ القبائل من خلال مجلسهم الاعلى الذي اختتم اشغال ملتقاه امس الاول في مدينة ترهونة معلنا دعمه للجيش والشرطة .