ورغم ان الخطوة الاخيرة استهدفت ايران الا انها خطوة تصعيدية تصب بشكل غير مباشر في خانة الخلاف الخليجي القطري الاخير.
وقالت مصادر دبلوماسية كويتية إن الكويت قررت إغلاق الملحقية الثقافية الإيرانية والمكتب العسكري وتخفيض عدد الدبلوماسيين بسفارة طهران فيها من 14 إلى 9، وذلك على خلفية قضية «خلية العبدلي» الارهابية . وأمهلت السلطات الدبلوماسيين المعنيين 45 يوما لمغادرة اراضيها. كما امهلت سلطات الكويت سفير طهران 48 ساعة لمغادرة البلاد.
هذا وقالت وسائل اعلام إيرانية إن الكويت أمرت السفير الإيراني بالمغادرة اراضيها في تصعيد لخلاف بعد قضية أوردت ضلوع «أطراف إيرانية» في خلية تجسس.وقالت نفس التقارير ايرانية انه «تحت ضغط سياسات التدخل السعودية والاتهامات التي لا أساس لها من الصحة بتدخل إيران.. أعلنت الكويت.. أن علي رضا عنايتي السفير الإيراني للكويت ينبغي أن يرحل عن البلاد خلال 48 يوم ».
صراع نفوذ
ويربط متابعون الخطوة الكويتية الى جانب تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير امس التي قال فيها ان «إيران مستمرة في سياسة التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة» ، يربطها متابعون بالتوتر والعداء المتصاعد بين دول الخليج وطهران على خلفية ماتقول السعودية والإمارات والكويت والبحرين انه ‘’تدخل ايراني سافر’’ في شؤون دول المنطقة الخليجية ‘’في محاولات حثيثة منها لإحداث الفتنة في المنطقة’’ .
ولعل صراع النفوذ المستمر منذ عقود بين السعودية وإيران بصفة خاصة والذي يحمل طابعا دينيا عقائديا بين السنة والشيعة ، ازدادت حدته عقب اندلاع الازمة القطرية الخليجية التي اندلعت في الـ5 من جوان المنقضي ، وماتبعه من موقف ايراني داعم للدوحة . ورغم ان الموقف الايراني كان في البداية حذرا إلا ان دعم طهران للدوحة كان واضحا سواء من خلال التصريحات الصادرة عن مسؤولين ايرانيين او عبر الدعم الذي قدمته سلطات ايران لقطر من طائرات معونة وأغذية وغيرها من المواد الاساسية .
هذا الاصطفاف الذي خلفته ازمة دول الخليج الاخيرة زاد من العداء التاريخي بين طهران والسعودية خاصة وان المواقف الدولية اغلبها اصطفت الى جانب السعودية أي في مواجهة ايران الداعمة لقطر واهمها الموقف الامريكي . اذ لم يتوان الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب منذ توليه الحكم في جوان المنقضي من توجيه الاتهامات لطهران حتى ان وصل الى حد اتهامها بأنها دولة راعية للإرهاب. ويشير متابعون للشأن الدولي انّ القمة العربية الامريكية التي انعقدت مؤخرا، كانت ارضية ملائمة لمناقشة مايحدث اليوم في المنطقة العربية من تطورات سواء المتعلقة بالأزمة مع قطر او بالتصعيد الاخير مع ايران. مع العلم ان علاقة الرياض بواشنطن لم تكن في احسن احوالها في عهد باراك اوباما اذ اتسمت علاقة السعودية بالإدارة الامريكية السابقة بالفتور، لا سيما بسبب ابرام الاتفاق النووي بين إيران خصم السعودية، وسبع دول كبرى بينها الولايات المتحدة. ومنذ وصول ترامب الى الرئاسة، تم تبادل اتصالات وتكررت مؤشرات التقارب بين الجانبين.
ازمة الكويت وإيران
وحول تخفيض التمثيل الدبلوماسي لإيران في الكويت وإمكانية ان تأخذ الازمة الخليجية الاخيرة منحى جديدا اكثر وضوحا اجاب الكاتب العراقي منتظر ناصر في حديثه لـ«المغرب» أنّ ماحدث امس ليس له علاقة مباشرة بالتوتر الخليجي الحالي، بل ان الامر يعود الى ما يعرف بـ«خلية العبدلي» والتي أعلنت الكويت عن اكتشافها في اوت 2015، حيث تم ضبط متهمين مع كمية كبيرة من الأسلحة عثر عليها في مزرعة بمنطقة العبدلي قرب الحدود العراقية، وفي منازل مملوكة للمشتبه بهم، وشملت المضبوطات 19 طناً من الذخيرة، و144 كيلوغراما من المتفجرات، و68 سلاحا متنوعا و204 قنابل يدوية، إضافة إلى صواعق كهربائية. وهذا الأمر ليس بجديد على البلدين.
وعن مستقبل المشهد في الخليج وإمكانية ظهور تحالفات وتوازنات جديدة في المنطقة قال محدثنا ان
المشهد قاتم جدا في ظل الانقسام الخليجي الحاد بين جميع الاطراف، فبنظرة فاحصة للمشهد، سنكتشف ان لا وجود لما يسمى بالبيت الخليجي او مجلس التعاون الخليجي، لأن السعودية وهي الدولة الاكبر خليجيا، تتصرف وكأنها شرطي الخليج وان على الدول الاخرى الدوران في فلكها، وهذا أمر لا يمكن ان يتحقق في ظل تمتع بعض دول الخليج بقدر من الاستقلال المالي والسياسي مثل قطر وعمان والكويت وحتى الامارات على حد تعبيره.
وأضاف ان الأزمة الاخيرة أظهرت وهن الرابطة الخليجية، الأمر الذي يظهر تضاؤل نسب التعاون بين تلك الدول وزيادة الاعتماد على العامل الخارجي اذا جاز لنا التعبير، ويمكن إدراج محاولات قطر بالاعتماد على تركيا وإيران اقتصاديا وعسكريا في هذا الاطار.
ازدواجية في التعامل
وعن الدّور الخارجي في الأزمة الخليجيّة خاصّة منه الدّور الأمريكي قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي ان الولايات المتّحدة تعاملت بازدواجيّة فاضحة مع ملف الصراع الخليجي، فمن باب قامت هي بتأييد السعوديين في مقاطعتهم لقطر، بل وقد صرح الرئيس الامريكي وعدد اخر من المسؤولين عن دور الدوحة في دعم الإرهاب ومن باب آخر تقيم مع القطريين مناورات عسكرية مشتركة، وعقد صفقة تسليح ضخمة بـ12 مليار دولار على حد قوله .
واشار الى انّ «هناك مساع فرنسية لنزع فتيل الازمة لكن السعودية التي باتت تحتمي بظهر أكبر ،وهو الظهر الامريكي لا أظنها ستتنازل لدولة مثل فرنسا خصوصا بعد تلكؤ صفقة التسليح معها من أجل تعزيزها مع الولايات المتحدة».