في تاريخ البلاد ، في حين قال شقّ ثان إنها أجندا جديدة تهيّئ لفترة حكم جديدة في اليمن .
الحكومة اليمنية قالت أنّ أسباب إقالة نائب رئيس البلاد ورئيس حكومته هي نتيجة للإخفاقات الاقتصاديّة والخدميّة والأمنيّة ، في حين اعتبرها مراقبون متّصلة بالتغيرات التي طرأت على المنطقة كنظام الحكم في المملكة العربية السعودية والمفاوضات المرتقبة التي ستنعقد بين النظام اليمني الحاكم وجماعة «أنصار الله» المعروفة إعلاميا بجماعة «الحوثي». وأرجع متابعون الجدل القائم في الأوساط اليمنيّة اليوم إلى الخلفيّة السياسية لنائب عبد ربه منصور هادي الجديد علي محسن الأحمر .فقد عُرف بقربه من القبائل وقادة الجيش ،ويتمتع الأحمر بعلاقة واسعة مع القبائل التي تحيط بالعاصمة صنعاء وعمران والأماكن التي ما زال للحوثيين قوة فيها.
ويعد الفريق علي محسن صالح الأحمر أبرز قائد عسكري أيّد ثورة فيفري التي أطاحت بالرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، كما قاد الجيش المؤيد للثورة.وإلى جانب قربه من قوى الثورة اليمنية، فهو حليف للمملكة العربية السعودية وقريب من الأحزاب المناوئة لنظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح بحكم انه كان الرجل الثاني في نظام صالح .وقاد الأحمر معارك ضد جماعة الحوثيين المدعومة من إيران عرفت بالحروب الست قبل 10 سنوات.
أبعاد تعيين الأحمر
من جهته قال السياسي اليمني فهد العميري في حديث لـ»المغرب» أنّ الوضع في بلاده مشوب بالغموض سواء على الصعيد العسكري أو السياسي خاصة مع التعيينات الأخيرة للواء علي محسن الأحمر نائبا للرئيس وأحمد عبيد بن دغر رئيسا للوزراء ، مشيرا إلى انّ التعيينات أصابت الشارع اليمني بصدمة مريعة رغم دعم الأحزاب والتنظيمات السياسية لهذه القرارات التي تأتي قبيل محادثات الكويت بين السلطة وجماعة «الحوثي». وتابع العميري انّ التعيينات غير متوقعة ومخيبة للآمال وأصابت قطاعا واسعا من اليمنيين بالإحباط الشديد كونها أعادت إلى واجهة المشهد الرجل الثاني في نظام صالح، وهو الجنرال علي محسن الأحمر، وأحد الرجال المقربين من صالح وهو احمد بن دغر بل ذهب البعض إلى اعتبارها انقلابا على ثورة 11 فيفري وثورة 26 سبتمبر وفق تعبيره.
واعتبر محدّثنا انّ الفئة المتفائلة بهذه التغييرات تعتقد «أن لهذه القرارات أبعادا عدّة اهمّها مطالبة ميليشيا الحوثي وقوات صالح بنقل السلطة من الرئيس هادي إلى نائبه ،وبهذا القرار قطع هادي عليهم الطريق إذ يستحيل قبولهم بنقل السلطة إلى محسن وهو المسؤول عن الحروب الستة حسب اعتقادهم ، كما أن القرار من وجهة نظرهم يعمل على محاولة تفكيك البنية الصلبة للقبيلة والمؤتمر الشعبي العام .»
واشار العميري إلى أنّ هذا الشق يرى القرار كضغط على الميليشيا في محادثات الكويت لإجبارها على الاستجابة لتنفيذ القرار 2216 ،والذي سيكون بالضرورة مقابل تشكيل حكومة جديدة وإحداث تغييرات سيكون أول ضحاياها محسن وبن دغر .
وتابع محدّثنا انّ «استمرار محسن وبن دغر في منصبيهما إلى ما بعد محادثات الكويت ، تعدّ جريمة بحق الشعب اليمني -قد يكون هادي نفسه ضحيتها الأول- وانقلابا على نضالات الحركة الوطنية وتكريسا لنفس الوجوه والسياسات التي أثقلت كاهل اليمن لمدة 38 وانقلابا على مخرجات الحوار ،وعلى الدولة المدنية التي لن تبنى من قبل إياد ملطخة بالفساد بل وتعبيرا عن رغبة التحالف العربي والسعودية على وجه الخصوص بجعل اليمن بلدا غير مستقر تسيطر على القرار فيه الأدوات التي طالما أثقلت كاهل اليمنيين بفسادها ودمويتها واحالت حياتهم إلى جحيم لا يطاق» .
تداعيات التغييرات
وعن تاثيرات القرارات الاخيرة على المشهد اليمني قال محدّثنا أنّ هذه القرارات لن تعمل على أحداث تغييرات حقيقية في المشهد اليمني، وتحديدا من الناحية العسكرية إلا إذا استثمرت في محادثات الكويت وأجبرت الانقلابيين على تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 مقابل أحداث تغييرات على رأسها الإطاحة بمحسن وبن دغر على حدّ قوله.
وأضاف العميري أن الخشية كبيرة من أن تعمل هذه القرارات على إعادة المؤتمر (المحسوب على صالح) والإصلاح (فرع الإخوان في اليمن ) إلى صدارة المشهد والذي يشكل كارثة حقيقية وجريمة بحق اليمن واليمنيين وانقلابا على مخرجات الحوار ونضالات الحركة الوطنية.
وتابع العميري» بل وستكون مؤشرا على عدم الرغبة الإقليمية والدولية في الانتقال باليمن إلى مرحلة الاستقرار والتنمية وبناء الدولة اليمنية الحديثة، وهذا ستكون انعكاساته خطيرة وكارثية ليس على اليمن فحسب بل على الأمن الإقليمي والدولي أيضا». وأشار السياسي اليمني إلى أنّ قطاعا واسعا من اليمنيين يعوّل على محادثات الكويت، خاصّة وانّ هناك تطمينات إقليمية بقبول الانقلابيين بتنفيذ القرار 2216 وتسليم الأسلحة المنهوبة والمؤسّسات المغتصبة للسّلطة الشرعيّة وتنفيذ مخرجات الحوار والاتجاه نحو مرحلة الأمن والاستقرار ومن ثم التنمية .
وأضاف محدّثنا أنّ المطلوب اليوم من الحكومة اليمنيّة هو دعم الجيش الوطني وتوفير كل سبل الدعم والمساندة له كونه الضّمانة الحقيقية لبناء الدولة المدنية واستعادة الأمن والاستقرار وتطبيق النظام والقانون ..
وشدّد محدّثنا القول :»على الرئيس هادي تحمل مسؤوليته الدستورية والقانونية والأخلاقيّة في سرعة تحرير محافظة تعز من الانقلابيين الذين يحاولون جعلها وسكّانها الخمسة مليون نسمة، رهينة لديهم يسفكون دماء أبنائها ويدمّرون مساكنها ومؤسّساتها العامّة ويفرضون حصارا جائرا على سكّانها بمنع دخول احتياجاتهم من غذاء ودواء ويستخدمون معاناة مواطنيها كورقة ضغط لتحقيق مطالبهم وفرض شروطهم.