أما مارتن كوبلر فبات جليا أنه مستعد لقبول كل ظروف العمل الصعبة امنيا وسياسيا ليستمر كرئيس للبعثة . اذ كان يريد ان يقترن حل الأزمة في ليبيا باسمه ليكون ذلك الانجاز علامة في سيرته الذاتية .ويرى متابعون لأداء بعثة الامم المتحدة تحت قيادة كوبلر بأنها عرفت من الإخفاقات والنكسات ما لم تعرفه غيرها من البعثات الأممية ،صحيح و ان عدم تجربة وخبرة الفرقاء السياسين الليبيين وغياب الثقة فيما بينهم، عناصر ساهمت في وجود الفشل والإخفاق في جميع الملفات المطروحة .
ولكن كوبلر نفسه يتحمل وزر الفشل المسترسل ويضيف المتابعون بان مارتن كوبلر على سبيل المثال استفز المؤسسة العسكرية التي يقودها خليفة حفتر ،وذلك عندما صرح بان عملية الكرامة هي عبارة عن مقاتلين مرتزقة وعناصر النظام السابق .ثم بعد ذلك التصريح المثير أشاد كوبلر بالكتائب والمليشيات التابعة للمؤتمر الوطني المنتهي الولاية وحكومة الإنقاذ ذات التوجه الاسلامي. وأكد بأنه لا يرى لها علاقة بالإرهاب وهذا الانحياز لكوبلر لتيار الاسلام السياسي واذرعه المسلحة الذي يعمل على اسقاط مشروع الدولة الوطنية ،هو الذي اغضب المشير خليفة حفتر قائد عملية الكرامة لكن ما جعل المشير حفتر يتخذ قرار رفض استقبال المبعوث الاممي مارتن كوبلر في مقر القيادة العامة و يعلل رفضه بانه لا وقت لديه للحديث معه مخاطبا كوبلر ، ما زاد من غضب حفتر هو ان المبعوث الاممي طلب من قائد الكرامة وعبر كتاب رسمي توضيحات وتفاصيل ونتائج زيارة كان قام بها رئيس الاركان العامة للكرامة اللواء عبد الرازق الناظوري رفقة بعض الضباط الى منطقة الزنتان غرب طرابلس شملت مدينة الزنتان – الرجبان – مقر لواء ورشفانة 30 كلم عن طرابلس .
استفزازات كوبلر للمؤسسة العسكرية في الشرق و حديثه عن وجود مرتزقة و عناصر النظام السابق تغيرت فجأة بعد سيطرة الكرامة على الهلال النفطي ،فعاد وطلب من حفتر استقباله في الرجمة اين يوجد مقر القيادة العامة ووافق المشير فطار كوبلر في نفس يوم موافقة حفتر وبدا كوبلر زيارته من مجلس النواب ثم تحول الى الرجمة .
دور دولي
ويؤكد متابعون ان التصريحات الجدلية و استفزاز المؤسسة العسكرية في برقة انما يأتي في إطار سياق ومزاج دولي وغربي بالتحديد ، حيث انه وقبل سيطرة الجيش على الهلال النفطي وإبعاد مليشيات الجفران كان تخطيط و سياسة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ومن يدور في فلكهما من دول اوروبا والاقليم وحتى بعض دول الجوار الليبي ، التخطيط المرسوم هو تمكين تيار الاسلام السياسي من جزء هام من كعكة السلطة ، منهج ما يسمى بهندسة الحكم في ليبيا رسمته تلك الدول ولعبت فيه أجهزة المخابرات دورا كبيرا من خلال التقارير اولا وعبر تحريك اطراف النزاع وتغذية الصراعات ثانيا ، هندسة الحكم ودعم تيار الاسلام السياسي وعلى رأسه جماعة الإخوان المسلمين من الغرب تجلى عندما سمحت الدول الغربية لفجر ليبيا مليشيات الإخوان بالانقلاب على شرعية الاقتراع.
وفي إطار ذات النهج الغربي تواصل دعم فجر ليبيا سرا وتعامل الغرب سرا مع حكومة الإخوان في طرابلس حتى بعد انتخاب دونالد ترامب – ووصول وفد امريكي إلى طرابلس لإجراء مشاورات مع حكومة الغويل ثم تحول الوفد الى طبرق ثم البيضاء و اجرى مشاورات ايضا مع حكومة طبرق .
والدول الغربية لم تعترف بقوات الكرامة وتقر بضرورة منح حفتر منصبا ضمن المشهد السياسي القادم الى بعد سيطرة الجيش على النفط انتاجا وتصديرا ، المحصلة ان المبعوث مارتن كوبلر ليس سوى واجهة ومترجم لسياسات الدول الغربية الكبرى سيما الولايات المتحدة .وبديهي ان تخضع الأمم المتحدة وبعثاتها لسياسة واشنطن باعتبار ان الولايات المتحدة اكثر الدول ضخا للأموال لحساب المنظمة الأممية وليس ايمانا برسالة المنظمة الإنسانية تدفع واشنطن المليارات وإنما كي تفرض إرادتها .
وانطلاقا من هذا لا ينتظر انجاز ما لخليفة كوبلر سواء كان غسان سلامة او سلام فياض وكلاهما كفء و له مؤهلات، لكن السؤال المطروح هو هل توجد إرادة لدى الغرب لحل الازمة الليبية وهل يتخلى الغربيون والمقصود -حكام و ساسة ومؤسسات- عن مشروع تمكين جماعة الإخوان المسلمين من الحكم ؟
بقطع النظر عن الإجابة ننوه إلى تراجع امريكي بعد قدوم ترامب والتلويح بعرض مشروع قرار على الكونغرس يصنف الإخوان جماعة ارهابية ، مقابل هذا التغيير في الموقف الامريكي نرى بريطانيا مازالت متمسكة بتمكين إخوان ليبيا من الحكم .